قرابة عشرة آلاف فنان شعبي عماني رهانهم الحفاظ على التراث

  • 3/9/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أشاد عدد من المختصين في مجال التراث العُماني غير المادي بجهود سلطنة عُمان في تسجيل عدد من الفنون الموسيقية العُمانية في سجل التراث العالمي بالمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) والتي تكفلت بحفظ وتصنيف بعض التراث الفني غير المادي في السلطنة ليصبح جزءًا من التراث العالمي. وفي سياق التراث العُماني غير المادي قال ناصر الناعبي من مركز عُمان للموسيقى التقليدية “إن تاريخ الجمع والتوثيق الميداني للموسيقى التقليدية العُمانية مر بأربع مراحل رئيسية، وهي مرحلة الجولة الاستطلاعية، مطلع الثمانينات من القرن العشرين، ومرحلة الجمع النوعي الشامل أواخر الثمانينات، وقد شملت معظم محافظات سلطنة عُمان. وتتكون المرحلة الثالثة من عدّة مراحل استكمالية بدأت في عام 2005 ولازالت مستمرة إلى يومنا هذا، وركزت في الفترات الأخيرة على المناطق الحدودية، وعلى دراسة المتغيرات التي طرأت على بعض الأنماط الموسيقية التقليدية، وقد كُلِّفَ مركز عُمان للموسيقى التقليدية بعمل حصر وتوثيق للحِرَفِ والصناعات العُمانية على مستوى جميع محافظات سلطنة عُمان”. وأضاف الناعبي أن رقمنة وثائق مركز عُمان للموسيقى التقليدية بدأت في يناير 2017؛ حيث إن عمليات الرقمنة للوثائق المحفوظة وبياناتها كانت تتم كلها في وقتٍ واحد بالتزامن، ففي الوقت الذي كان يتم فيه نسخ أشرطة الفيديو من نوع ديجيتال بيتاكام وبيتاكام SP؛ كانت أشرطة الصوت -مثل الكاسيت أو المايكرو كاسيت- هي الأخرى يتم نسخها ونقلها إلى الخادم لحفظها وتخزين بياناتها، وكان العمل على نسخ شرائح الصور الملونة يجري بالتزامن مع نسخ الفيديو والصوت. اهتمام بتوثيق ونشر الفنون التقليدية والمحافظة عليها والتشجيع على استمرارية ممارستها وإبراز مقوماتها الحضارية والفنية والإبداعية وأردف الناعبي قائلًا إن “التعامل مع مثل هذه الوثائق والمواد يتطلب التحري والدقة بسبب حساسية وأهمية هذه المواد والمحفوظات، كما أن اتِّباع جداول وساعات عمل محددة ساعد في تنظيم هذا المشروع وإحكام سير عملياته، فبمجرد الانتهاء من نسخ ونقل وثائق محافظةٍ ما يتم بعدها مباشرةً نقل وثائق المحافظة التي تليها في عملٍ مستمر لا يتوقف”. وبخصوص إنجازات المركز التي تم تحقيقها في عملية رقمنة الوثائق بحسب إحصاءات مركز عُمان للموسيقى التقليدية، بلغ عدد الوثائق والمواد المحفوظة في أرشيف مركز عُمان للموسيقى التقليدية نحو أكثر من 50 ألف وثيقة متنوعة ما بين سمعية وسمعية مرئية وعدد من الصور، منها 31559 وثيقة تمت رقمنتها حتى شهر ديسمبر 2021، وهو ما يمثل نسبة 27.5 في المئة من إجمالي الوثائق المحفوظة بالأرشيف. وأشار الناعبي إلى أن المركز يحتوي على مكتبة تضم في جنباتها نحو 1059 كتابًا في الموسيقى والعلوم الموسيقية والمعارف والموضوعات العامة الأخرى منها 22 مادة من إصدار وإنتاج المركز تتنوع بين كتب وبحوث ومواد سمعية تتمثل في الأقراص المدمجة وأشرطة الكاسيت وأخرى سمعية ومرئية تتضمن أشرطة الفيديو، كما أسس المركز مجلته الإلكترونية الرقمية تحت اسم “المجلة الموسيقية الإلكترونية العُمانية”، وهي مجلة فصلية صدر العدد الأول منها في نوفمبر 2019. وأنتج المركز ما لا يقل عن 25 عملًا فنيًّا وتلفزيونيًّا، شملت 6 أفلام وثائقية وبرنامجًا تلفزيونيًّا من 15 حلقة وفيلمين قصيرين، كما أنتج 5 طوابع بريدية ذات سمات رقمية مميزة. واهتمت سلطنة عُمان بالموسيقى والفنون الشعبية فهيأت وأنشأت عددًا من الجهات التي تهتم بتلك الفنون، وأوضحت آيات بنت ناصر المطاعنية -مُدرِّسة بقسم الموسيقى والعلوم الموسيقية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، وطالبة دكتوراه في جامعة برمنغهام البريطانية- أن الفن العُماني وجد الاهتمام والرعاية من السلطات العمانية بداية بإنشاء مركز عُمان للموسيقى التقليدية عام 1984، والذي يُعنى بجمع الإرث الموسيقي التقليدي من كل الولايات والمحافظات وتوثيقه بنحو علمي، وكذلك إنشاء وتكوين الفرقة السُّلطانية الأولى للموسيقى التقليدية عام 1976. وجميع هذه الخطوات في رأيها كانت ميدانية وعملية بلورت اهتماما واسعا بالموسيقى العُمانية التقليدية، وتطوير بعض أغانيها ومقطوعاتها باستخدام الآلات الحديثة، بالإضافة إلى إنشاء جمعية هواة العُود، كل هذا الاهتمام توج في نهاية المطاف بإنشاء دار الأوبرا السُّلطانية ودار الفنون الموسيقية اللتين تمثلان علامة فارقة وواضحة لاهتمام الحكومة بالفنون التقليدية وتطويرها والارتقاء بها وإبرازها للعالم. Thumbnail وذكر راشد الهاشمي من وزارة الثقافة والرياضة والشباب أن الوزارة دأبت على الاهتمام بتوثيق ونشر الفنون التقليدية والمحافظة عليها والتشجيع على استمرارية ممارستها وإبراز مقوماتها الحضارية والفنية والإبداعية، حيث أنشأت الدوائر والأقسام الإدارية التي أسند إليها العمل لتعزيز الاهتمام بالفنون التقليدية ونشرها وتخزينها. وأكد أنه لتحقيق ذلك تم سنّ العديد من القوانين والنظم، وإقامة الفعاليات والمهرجانات ذات الصلة، وتسجيل الفنون الشعبية في قائمة التراث العالمي، وإصدار عدد من الكتب التي توثق بعض الفنون الشعبية، والقيام بتطوير وإصدار إصدارات سمعية بشكل سنوي، وإنشاء مشروع جمع الفنون الشعبية الذي نتج عنه جمع وتسجيل ما يقرب من 200 فن شعبي، بالإضافة إلى دعم الفرق والفنانين الشعبيين لتمثيل السلطنة في الفعاليات والمهرجانات الإقليمية والدولية والمحلية وتقديم الدعم اللازم لهم سواء المادي أو المعنوي لإنجاز تلك المشاركات. وعرض باسم الداودي -وهو ناشط اجتماعي في مجال التراث العُماني- تجربته في توثيق الفنون الشعبية العُمانية والتي بدأت عام 2014 في منطقة طيبة بولاية صور، حيث أشار إلى أن أبرز ما يميز مقاطعه هو كتابة كلمات الشلة أو القصيدة في قلب المقطع لإيضاح منطوق الكلمات الشعرية، وذلك لصعوبة اللهجة الصورية على بعض المتذوقين للفن الشعبي. كما قام الداودي بتوثيق بحوث عن شعراء في الفن الشعبي كفن الرزحة والميدان، وكان أبرزهم الشاعر حافظ المسكري، والشاعر خميس الجابري المعروف بـ”ود جاش”، والشاعر عامر المصلحي، والشاعر عامر الداوودي المعروف بـ”العطاس”، والشاعر عامر الشعيبي المعروف بـ”مطوع”، وغيرهم من الشعراء. ووفق آخر الإحصاءات المتوفرة لعدد الفرق والفنانين الشعبيين المسجلين لدى الوزارة، بلغ عدد الفرق المسجلة لدى الوزارة حتى عام 2021، 313 فرقة شعبية متوزعة على كافة محافظات السلطنة، كما بلغ عدد الفنانين الشعبيين المسجلين لدى الوزارة كأعضاء منتسبين إلى الفرق الشعبية 9623 فنانًا شعبيًّا، حيث جاء عدد الرجال 9205 وعدد النساء 418. Thumbnail وقال يونس النعماني من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بأنه تم تسجيل 11 عنصرًا في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي على مستوى التراث الثقافي غير المادي، وهي فن البرعة في 2010، وفن العازي وفن التغرود في 2012، وفن العيالة في 2014، والرزفة، والقهوة العربية، والفضاءات الثقافية للمجالس في 2015، وعرضة الخيل والإبل في 2018، والنخلة المعرفة والمهارات والعادات والتقاليد في 2019، وسباقات الهجن، والعادات الاجتماعية والتراث الاحتفالي المرتبط بها في 2020، والخط العربي، والمعارف والمهارات والممارسات في 2021. والجدير بالذكر أن سلطنة عُمان انضمت إلى عضوية الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 1972، إيمانًا منها بما تقوم به هذه المنظمة من أنشطة وبرامج إنسانية تعود بالنفع على البشرية جمعاء في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال.

مشاركة :