متحف المشوح التراثي يرسم تفاصيل الحياة الشعبية بمقتنيات وأحداث تصل ل 200 سنة

  • 12/8/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن الأسطورة وحياً يلتقط منها من عاشوا في الماضي تفاصيله، ولم يحضر الخيال في حيزه البشري، بل الحاجة التي يفرضها شظف العيش هي من دفعت للتكوين وللإبداع من أجل المقدرة على مواصلة البشرية على قشرة الكرة الأرضية المستديرة في حضرة الطقوس الجماعية وبقايا تراث شعبي شفهي ينتقل من جيل إلى آخر ليحفظ من الضياع في ذاكرتهم التي تتلقى كل ما يتوارثونه ممن عاشوا قبلهم من هنا كان للتراث بوابة واحدة عوضا على بوابته الشفهية وهي متحف من متاحف أبناء الوطن (متحف مشوح بن عبدالرحمن المشوح التراثي) وهو عميد متقاعد إلى جانب ما يكتنف بين جنباته من مقتنيات قد تصل إلى 200 سنة ماضية ومخطوطات نادرة كتبت قبل 180 سنة وبعض الصدف البحرية والهياكل لأسماك كانت تعيش في بحر مدينة الرياض والتي اعتقدت أنه يقول أمراً لا يصدق! فالإيمان بوجود بحر في مدينة صحراوية ينتمي للخرافات الشفاهية التي يتناقلونها في الماضي لكنها كانت حقيقية واضحة وبرهانها تلك الآثار التي يضمها المتحف من مجسمات لأسماك الهامور لهذا كانت ثقافة تصويرية تحدد موقع صاحبها في المجتمع والآثار تحدثنا عن حكاية تاريخ للشعوب يرويها ويقتنيها رجل جاء من التاريخ رغم بساطته. إلا أن مكتبته التي تحتل زاوية كبرى في المتحف وتحوي إصداراته في الإرث العربي وتساؤلات بدائية شغلت العقل الفلسفي مفكراً وباحث وكاتب قصصي نشر أولى فصول قصصه في جريدة "الرياض" عام 1379 م ثم توقف عن التأمل من فراغ الفكر المشحون بواقعيه الإنسان متمثلاً بالكتابة الإبداعية لينتقل للتأليف عن (حكايات من الماضي) كما جاءت عنوان لكتابه بعض الروايات التي سمعها وقرأها قبل توحيد المملكة على يد الموحد الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه- مظهراً الفوضى والحاجة لاستتاب الأمن قبل التوحيد في سرد تمكن بفطرته من الارتقاء بالمعرفة من الحواس والتجربة إلى المعرفة العقلية القائمة على نتائج ومعطيات ما جربه الآخرون من خبرات في عالم الكون وانتشار الفساد حتى الخلاص إلى الحكمة. تجليات المكان الموحية وبعض المقتنيات الغارقة في الأدوات الروائية التي اشتغل عليها مؤلفها كانت مساحة فتحت المجال لمجموعة تفاؤل التطوعية والجمعيات الأخرى للحضور والمشاركة بكافة أعضائها من ذوي الإعاقة بما تتمثله المجموعة من كبار سن سيدات ورجال بحاجة لأن يوضع لهم برامج بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة تكسر السائد وتقارب اهتماماتهم المختلفة خاصة وأنهم يفتقرون للبرامج التي تناسب مرحلتهم العمرية المتأخرة وكان إضافة للشباب من ذوي الإعاقة حيث البعض منهم يجهل تفاصيل الوجه الآخر للحياة السابقة ومراحلها وأبرز أحداثها فالبوابة المعرفية كانت توثق مراحل حربية على مر التاريخ في العدوان الثلاثي على مصر وهي الحرب التي شنتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956 م إثر قيام جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس بالإضافة إلى حرب الخليج الثانية أو (حرب تحرير الكويت) بتوثيق مرحلي مؤطر حتى لحظات إعدام صدام حسين وكأنما وظف أغراض تلك الحروب لنعيش بين جدران طينية بقالب أدبي ثقافي قد فاق ما جاء به سابقيه في إيحاء فكري لترجمة الحياة السابقة بأبرز أحداثها وتعاطي الصحافة الورقية بتتابع إحداثها من خلال صحف جريدة "الرياض" التي جاءت مصفرة وداخل براويز ذهبية لاصفة تؤكد موجة الزمن الذي مر عليها. تتناول زوايا المتحف بمحاكاة لعدة موضوعات تراثية شرقية وما تحويه من حيوانات محنطة كانوا يتناولونها من الجراد ومراحله العمرية على هيئة مجففة والحيوانات الزاحفة التي جاءت محنطة على رفوف المتحف الخشبية وأدوات الزينة قديماً من ملابس وقلائد وأمشاط خشبية وأخرى حديدية وغيرها، كانت ساعات أبرزت الدهشة على ذوي الإعاقة وهم غارقون في حالة التأمل بالمحسوس والماورائي للوصول إلى أبرز الحقائق عن تلك الحياة الماضية واكتشاف حاجة الانسان في حياته البدائية بين نار لاهبة مع تصنيفات للحيوانات. وآخرها الروحانيّة وإضاءة أنوار المعرفة من خلال المناهل الفلسفية المهمة التي اخذت حيزها من المكان تغيب عنها صبغة معاصرة، ولذلك كانت الزيارة للمتحف التي نظمت مع مجموعة التفاؤل التطوعية بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة تكسر السائد من الفعاليات التي تنظم بمناسبة هذا الحدث العالمي وتضيء من أبواب هذا المتحف أهم نتاجات التراث العربي الأصيل وأبرز ما يتزامن معها من أحداث سياسية آنذاك.

مشاركة :