أوشك العام الجاري على نهايته مفسحاً الطريق أمام عام جديد يتميز بنكهة خاصة باعتباره الأول فى الخطة الخمسية التاسعة، ما يتطلب القراءة المتأنية لخارطة الاقتصاد العماني في الخطة الخمسية الثامنة 2011- 2015، وإعادة بحث وتقييم الخطة الخمسية السابقة بعيدة المدى لاستراتيجية عمان 2020، فما هو حصاد التجربة السابقة؟ وماهي رؤية الاقتصاد العماني للخطط الاقتصادية الجديدة؟ وكيف يتلافى سلبيات الماضي ويتعاطى مع حقائق الحاضر وتداعياته التي تتمثل أولاً وأخيراً في انخفاض سعر النفط باعتباره الممول الرئيسي للاقتصاد العماني؟ وهل يمكن المراهنة على بدائل النفط؟ وكيف؟ فى إطار الاستعداد لحقبة ما بعد النفط، شكلت الحكومة العمانية اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عُمان 2040 بهدف إعداد رؤية جديدة تستفيد من التطورات الاقتصادية والاجتماعية على الصعد المحلية والإقليمية والعالمية، مع الأخذ في الاعتبار التقييم الذي قامت به الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط للرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني عمان 2020 حيث تتضمن مرتكزات الاستراتيجية القادمة تحديد الفرص المتاحة والاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوافرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع في مشاريع التشغيل الذاتي مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات بما يتناسب مع حجم واحتياجات كل محافظة. وتنفيذاً للرؤية القادمة تحركت بعض الوزارات والهيئات لتقديم رؤيتها الذاتية التي تسعى إلى تنفيذها في السنوات القادمة تدريجياً حتى تتحول الرؤية إلى واقع وليس مجرد تصورات لا تنفذ، وفي هذا الإطار بحث مجلس التعليم الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عمان 2040 التي تستهدف تحقيق تنمية بشرية واعدة تمتلك المعارف والقيم والمهارات اللازمة للعمل والحياة بما يمكنها من العيش متفاعلة ومنتجة في عالم المعرفة ومؤهلة للتكيف مع متغيرات العصر ومحافظة على هويتها الوطنية وقيمها الأصيلة وقادرة على الإسهام في رقي الحضارة الإنسانية. أما خطة التنمية الخمسية التاسعة 2016-2020 فهي تهدف إلى مواصلة العمل من أجل تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني بتحفيز الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل جديدة خاصة للقوى العاملة الوطنية. كما تسعى إلى تحقيق ذلك من خلال تكثيف الجهود المتصلة بتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير قطاع المال بما يدعم توفير الفرص الاستثمارية المجدية وتمويل القطاع الخاص والاستمرار في تحسين مناخ الاستثمار واستكمال وتطوير البنية الأساسية. هيكلة الاقتصاد دراسة حديثة تؤكد أن مؤسسات الدولة العمانية تشهد ثورة لإعادة هيكلة الاقتصاد وإصلاح الخلل في بنية التشغيل والإنفاق لجعل الاقتصاد أكثر استدامة وقدرة على المنافسة، موضحة أن سلطنة عمان كانت أول بلد خليجي يعد استراتيجية تنموية على المدى الطويل هدفها الأساسي رفع التبعيات الهيكلية للاقتصاد بالتوازي مع حصول تغيير ديموغرافي كبير. الدراسة التي أعدها كريستال انيس ورائد الجمالي ونشرها المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية تحت عنوان التشغيل المراوغ: التخطيط التنموي واتجاهات سوق العمل في عمان تناولت الوضع الاقتصادي والاجتماعي مع التركيز على تأثيره في سوق التشغيل والخيارات السياسية التي تتدخل بالضرورة في رسم ملامح الوضع، مشيرة إلى أن رؤية 2020 أطلقت سنة 1995 وتعتبر بمثابة خريطة طريق لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للبلاد على مدار 25 عاماً، وأنها شملت أهدافاً رئيسية تتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، وتغيير الدور الذي تلعبه الحكومة وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص، وتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل القومي وعولمة الاقتصاد العماني ورفع مهارات القوى العاملة العمانية وتطوير الموارد البشرية، موضحة أن سلبيات التجربة تتمثل في أن أغلب العمانيين لا يزالون يعملون في القطاع العمومي بينما يتركز أولئك العاملون في القطاع الخاص في وظائف وقطاعات اقتصادية معينة، وباستثناء بعض القطاعات القليلة التي تعتمد على رأس المال بشكل كبير وتوظف عدداً منخفضاً من العمال، حيث يهيمن عليها العمانيون، مازال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية غير الماهرة. كما أن الصنف التشغيلي الوحيد الذي نجحت معه سياسة التحرك الإيجابي لفائدة العمانيين هو الوظائف الإدارية من الطبقة الوسطى والتي لا تتطلب مهارة عالية، وهو الصنف المعرض أكثر من غيره لمخاطر التقادم التكنولوجي. وتنبه الدراسة إلى أن المستقبل يتطلّب استحداث رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار مستجدات المرحلة الحالية وما توفّره من فرص وتبرزه من تحديات على المدى القصير والمتوسّط والطويل، ويجب أن تحظى بالإجماع والتوافق وتتطلب صياغة شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص ومساهمة فعّالة من جانب المجتمع المدني، مؤكدة قدرة السلطنة على إنجاح رؤاها المستقبلية يساعدها في ذلك استقرار سياسي وسلم اجتماعي ومقومات اقتصادية وتطلعات نحو المستقبل لكن دون القفز على المراحل. في مجلس الشورى كانت اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى العماني قبل أيام قد ناقشت توصياتها حول مشروع خطة التنمية الخمسية التاسعة ومشروع الميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم، وذلك بناء على المناقشات المستفيضة خلال اجتماعات اللجنة الموسعة التي تضم رؤساء اللجان الدائمة، كما تمت الإشارة إلى الملاحظات التي أبداها الأعضاء خلال جلسة المجلس الاعتيادية الثالثة، التي استضاف خلالها الوزير المسؤول عن الشؤون المالية ووزير التجارة والصناعة نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط وأمينه العام. وقد أوردت اللجنة في تقريريها مجموعة من التوصيات التي من شأنها أن تعزز عبور الوضع الاقتصادي الراهن في ظل انخفاض أسعار النفط، بحيث لا يؤثر في المشاريع التنموية في مختلف القطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر. ومن المقرر أن يحيل مجلس الشورى تقريريه حول المشروعين مشفوعين بمجموعة من التوصيات إلى مجلس الدولة إنفاذاً لأحكام النظام الأساسي للدولة ذات الصلة التي تنص على أن تحال مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خلال شهر على الأكثر من تاريخ الإحالة إليه، ثم إحالتها إلى مجلس الدولة لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ الإحالة إليه. جهودتنموية متسارعة عقد مجلس الشورى العماني جلسة اعتيادية مغلقة برئاسة الشيخ خالد بن هلال بن ناصر المعولي، الذي تحدث عما تشهده السلطنة من نمو في شتى المجالات الحياتية وما يبذل من جهود تنموية متسارعة في إقامة وتطوير مرافق البنية التحتية والدفع بوتيرة الإنجازات الوطنية المحققة في مختلف القطاعات والحقول المجتمعية لتظل مكاسب وطنية، مناشداً الجميع تحمل مسؤولية الحفاظ عليها خدمة للمواطن وإعلاء لشأن الوطن وتعزيزاً ووفاء للحمة الوطنية والارتقاء بالأداء والتعاون البناء بين فئات المجتمع، وترسيخ قيم المسؤولية والتعاون، كل في موقعه وبحسب مجالات عمله تحقيقاً للأهداف والغايات الموجهة لسياسة الدولة المتمثلة في بناء الإنسان وتوجيه طاقاته واستثمارها بما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه، معرباً عن أمله بمساهمة المجلس في دعم الجهود الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الإيرادات العامة للدولة في ظل ما تشهده الأسواق العالمية من انخفاض في أسعار النفط منذ منتصف العام الماضي الذي يعد المورد الأساسي والممول الرئيسي للإنفاق العام للدولة.
مشاركة :