الخرطوم - (أ ف ب): تعمل موسكو على تعزيز علاقاتها مع السودان ذي الموقع الاستراتيجي في المنطقة الإفريقية، وعينها على موارده الطبيعية ومناجم الذهب فيه، وفق ما يقول محللون. ويأتي التقارب بين البلدين بينما تجد روسيا نفسها معزولة أكثر فأكثر بعد غزوها أوكرانيا، وفي وقت خسرت الخرطوم إلى حد كبير الدعم الغربي الذي تجلّى بعد إسقاط نظام عمر البشير في 2019، بسبب الانقلاب الذي قام به قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان في أكتوبر. وتندرج زيارة محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي يرأسه البرهان على رأس وفد رفيع لموسكو عشية بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في إطار هذا التقارب الذي يخدم، وفق خبراء، المصالح الروسية ويسهم في توسيع النفوذ الروسي في إفريقيا. وامتدت زيارة دقلو المعروف بـ«حميدتي» إلى ثمانية أيام، وتعدّ أطول زيارة لمسؤول سوداني كبير لروسيا، في وقت يشهد السودان اضطرابات واحتجاجات مستمرة منذ أن أطاح البرهان بشركائه المدنيين من الحكم بعد الانقلاب الذي أثار إدانة دولية واسعة. ويقول المحلل السياسي والاقتصادي السوداني خالد التيجاني إن تتبّع مسار العلاقة السودانية الروسية في العامين الأخيرين يشير إلى أن موسكو تنتهج سياسة واضحة الأهداف في علاقتها بالخرطوم «لخدمة مصالحها في المنطقة بما يتجاوز السودان نفسه». وخلال حكم البشير، شهدت العلاقات العسكرية تطورا كبيرا بين الخرطوم وموسكو، حتى أصبحت روسيا مصدر السلاح الرئيسي للجيش السوداني، وتزامن ذلك مع اندلاع حرب في دارفور في غرب البلاد من جهة، وحرب أخرى بين السودان وجنوب السودان من جهة أخرى. علما أنه كان هناك حظر دولي على السلاح إلى السودان. وحصل السودان على مقاتلات روسية من نوع ميغ وسوخوي. وعقب وصوله إلى مطار الخرطوم الأسبوع الماضي= قال حميدتي للصحفيين: «نحن مستعدون للتعاون مع أي دولة تريد بناء قاعدة على ساحلنا الذي يبلغ 730 كلم طالما تحقّق مصالحنا ولا تهدد أمننا القومي سواء كانت روسيا أو غيرها». في عام 2017، وقّع البشير اتفاقا مع روسيا على إنشاء قاعدة على البحر الأحمر تستضيف سفنا روسية بما في ذلك سفن تعمل بالوقود النووي، على أن يتمركز فيها 300 جندي. لكن رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين أعلن في مقابلة متلفزة في يونيو الماضي أن السودان بصدد مراجعة الاتفاق مع موسكو. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت آنذاك رفع السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب. ونفى حميدتي أن يكون قد بحث في وضع القاعدة خلال زيارته لروسيا، وقال: «كل الدول فيها قواعد، النيجر، وجيبوتي... وعندنا.. أهل شرق السودان لا يجدون مياه الشرب». ويرى الباحث السوداني أحمد آدم حسين أن الاتفاق حول إقامة القاعدة على البحر الأحمر «لا بدّ أنه كان حاضرا في الذهن الروسي خلال الزيارة». ويتابع: «الروس يريدون الوصول إلى المياه الدافئة، لذا فالبحر الأحمر جزء أساسي من هذا الطموح». ويعتقد آدم أن روسيا تنظر من خلال علاقتها الحالية مع الخرطوم إلى ما وراء السودان من دول الساحل الإفريقي، في ظل صراع محتدم بينها وبين فرنسا على النفوذ في هذه الدول. ويضيف أن «هناك وجودا عسكريا روسيا في دولة إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان من جهة الغرب.. لذلك، تتجه موسكو لخلق علاقات مع حميدتي والجهاز الذي يرأسه (قوات الدعم السريع) لما لهذا الجهاز من روابط جغرافية واجتماعية في السودان ودول جواره».
مشاركة :