تركيا بديلاً عن الغرب في حل الأزمة الروسية-الأوكرانية

  • 3/12/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تتأجج نيران الحرب أكثر، وتتصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية، بعد العملية العسكرية التي أطلقها الروس في 24 فبراير الماضي دون توقع نهاية وشيكة لهذا الصراع، في ظل تمسك الكرملين بنزع سلاح كييف، وجعلها محايدة، لا تشكل تهديداً لروسيا، ولا تسعى إلى الانضمام للناتو، لِتتصاعد العقوبات الغربية الموجعة لروسيا، ومحاولات عزلها اقتصادياً وسياسياً. وفي المقابل تتمسك كييف وتصر على المضي قدماً لعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وتتراكم المساعدات العسكرية والمالية الغربية لأوكرانيا، لمساعدتها على الصمود أطول مدة ممكنة في وجه روسيا، لتضرب كييف بعرض الحائط مطالب موسكو الأمنية التي شُنت الحرب من اجلها. على صفيح ساخن هنا، وطاولة دبلوماسية هناك، الأزمة الروسية الأوكرانية حديث يشغل الساحة الدولية واهتمام العالم بأسره بات موجهاً لإنهاء الحرب وتداعياتها الاقتصادية والعسكرية والإنسانية على أوكرانيا أولا، وأوروبا والعالم ثانيا، لاسيما مع الارتفاع المستمر في أسعار الطاقة من نفط وغاز، وتأثر الاقتصاد العالمي، والتضخم المتزايد في أسعار المواد الغذائية والقمح تحديدا، كل هذا يحتاج الى طاولة دبلوماسية قريبة من طرفي النزاع الحالي، وسيفرض الواقع امر جديد وربما تكون تركيا هي اللاعب الاساسي على طاولة المفاوضات القادمة، لكن مسألة التوقيت مبكرة على هذا الامر على اعتبار ان روسيا لم تأخذ الضمانات الكافية لعدم دخول اوكرانيا الى حلف الناتو والاتحاد الأوربي والاعتراف بالأقاليم التي استحوذت عليها روسيا. اليوم اصبحت تركيا لاعبا إقليميا رئيسيا في المنطقة، كما ان لها حدودا مشتركة مع عدد من الدول المعنية في هذا الامر، والوضع سيسمح في الأيّام القادمة لِلعب الوساطة التي فشلت فيها فرنسا وغيرها من الدول التي حاولت وزارت بوتين ونقلت وجهة نظره حول أوكرانيا. وهنا بدأت المراهنة على مدى بقاء الجانب الاوكراني في مقاومته للروس، ربما عندما يقبل الطرفان تقديم تنازلات نتيجة تعثر العمليات العسكرية من قبل الجانبين، وحسب المعطيات الموجودة على الساحة وبعض النقاط التي افرزتها الايام الماضية من الحرب الامور بدأت تتجه الى التعقيد، وهذا التعقيد يحتاج الى حلحلة وهذا يحتاج ايضاً الى وقت وسيؤدي الى احتياج تلك الوساطة التركية في وقتها المناسب. التحركات ممكن أن تبدأ الآن لكن نتائجها غير ملموسة على اقل تقدير في الفترة القليلة القادمة، روسيا فتحت الممرات الآمنة من اجل ان تصل الى ابعاد المدنيين كي لا يتم مهاجمتهم، لكن بالتأكيد سيسقط العديد من المدنيين، وهنا ستلعب الوساطة دورا كبيرا، وستأخذ أنقرة دورها بكل تأكيد في هذه الوساطة باعتبارها معنية بالأمر، وهي اللاعب الأول القادر على التأثير باتجاه التهدئة بسبب علاقاتها المباشرة والجيدة مع موسكو خلال الأعوام الماضية، وكذلك علاقاتها أيضاً مع أوكرانيا في أكثر من ملف، ايضاً ولها علاقات استراتيجية مع روسيا واستوردت منها صواريخ ومنظومة S400، وكذلك علاقات تجارية وجغرافية مع اوكرانيا، كما قامت تركيا بتزويد أوكرانيا طائرات مسّيرة هجومية، وهو ما أعلنته وزارة الدفاع الأوكرانية عبر فيديو منشور، والذي يظهر تدمير طائرة مسيّرة من طراز "بيرقدار تي بي 2" لقطعة مدفعية روسية في منطقة الدونباس شرقي أوكرانيا. يمكن ان نفهم مدى حرص تركيا على تسوية الخلاف بين الطرفين، ومدى قدرتها على تغليب التوافق على المصالح، لان الحرب بين موسكو وكييف مسألة أمن قومي لأنقرة، وان القرب الجغرافي لمسرح الأحداث يهدد أمنها القومي بشكل مباشر. لذلك تسعى أنقرة جاهدة من أجل منع المزيد من التصعيد في هذا الملف المُعقد، لأن الاقتصاد التركي سينال خسائر كبيرة إذا ما استمر النزاع بين روسيا وأوكرانيا، وقد يفشل الرئيس أردوغان في جذب المزيد من الشركات الاستثمارية إلى بلاده من خلال خفض أسعار الفائدة التي اعتمدها من اجل النهوض بواقع تركيا الاقتصادي، كل هذه العوامل ستجعل تركيا لاعبا اساسيا في المفاوضات كونها قوى إقليمية لا يستهان بها. ان الموقف الدبلوماسي التركي يتصف بالحكمة والهدوء ويتحرك وفق سياسة واضحة غير متهورة، إذاً لا خوف على تركيا جراء هذه الحرب، كذلك لا مفر لطرفي النزاع دون الاستماع لصوت أنقرة الداعي للحوار، وإلا سيكون العالم أمام تطورات ينال البعيد والقريب نصيبه منها في المرحلة المقبلة.

مشاركة :