يقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة، الآية 2) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) (رواه مسلم)، وعن أنس (رضي الله عنه)قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه (بَيْرُحَاءَ)وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت أية: «لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ» (آل عمران آية: 92) قام أبو طلحة (رضي الله عنه) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله: إن الله تبارك وتعالى يقول: «لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبون..» وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وأنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (بخ بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (أخرجه الإمام البخاري) . *إن المتأمل في تاريخ الوقف الإسلامي يلمس حقيقة جوهرية ألا وهي الدور الهام الذي لعبته الأوقاف في نهضة وتطوير المجتمعات الإسلامية في خير القرون حيث تعددت مصادر الوقف لتلبي احتياجات المجتمع فلم تقتصر على بناء المساجد وإنما تجاوزت ذلك لبناء المستشفيات الكبرى والمدارس والمكتبات العلمية وحماية المخطوطات وتشييد دور رعاية الأيتام وكبار السن و دور لضيافة الغرباء وسقيا الماء وغيرها من المصادر الوقفية التي أقيمت لتنهض بالمجتمعات الإسلامية لذا ازدهرت الحركة الوقفية في عصور النهضة التي شهدتها الأمة الإسلامية ولقد فهم مقاصد الوقف الصحابة رضوان الله عليهم في الصدر الأول للإسلام. إن مفهوم الوقف الإسلامي وإعادة النظر في أنماطه التقليدية في عصر العلم والتكنولوجيا أصبح أمرًا ملحًا بل لا أبالغ إذا قلت ضرورة شرعية ودنيوية في عالم أصبحت المعرفة العلمية والتكنولوجية تمثل أكثر من 80% لبعض المجتمعات والتي تفتقر إلى أدنى قدر من الموارد الطبيعية وفي مجتمعنا السعودي تبرز نماذج لها الحق علينا أن نذكر جهودهم المباركة وخاصة إذا كانوا يتمتعون برؤيا تستلهم مقاصد الوقف والغايات السامية التي شرع من أجلها ومن أمثلة هؤلاء الشيخ يوسف عوض الأحمدي رئيس مجلس إدارة شركة الأفكار السعودية الذي أوقف مائة وقف خدمة للمجتمع المكي والذي يعتبر المسؤولية الاجتماعية هي ابنه الأكبر بل ووريثه الوحيد وقد ترجم هذه الأقوال من خلال أعمال الخير التي قدمها ولا يزال إن مفهوم الوقف عند الأحمدي يتعدى بناء المساجد لتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والمنح الدراسية وغيرها من المجالات الوقفية الأخرى التي يستفد منها كل المحتاجين من أبناء المجتمع فهذا أقل حقوقهم على التجار ورجال الأعمال وليست منَّة منهم ونحج الأحمدي من خلال أوقافه الـ(100) في إيجاد ثقافية جديدة للوقف تتمشى مع روح العصر. *والشيخ الأحمدي من خلال أوقافه المائة الجديدة يقدم لنا ثقافة جديدة في المسؤولية الاجتماعية والدور الذي ينبغي أن يطلع به رجال الإعمال الذين من عليهم بالثروات في خدمة مجتمعاتهم وتحديدا الأسر الفقيرة والمحتاجة. ## المدير الإقليمي بمنطقة مكة المكرمة
مشاركة :