تنظر الصين بكل جدية لمنطقة الخليج العربي خاصة السعودية لتميز مشروعها العالمي الحزام الاقتصادي، وكذلك طريق الحرير الجديد، الذي تسعى من خلاله إلى إحياء الطريق الحرير القديم، حيث تقع المملكة في قلب هذا الطريق جغرافياً ما يجعلها أكثر الدول استفادة وإفادة من المشروع، الأمر الذي دعا حكومة الصين إلى إبداء كامل الاستعداد لتوقيع الاتفاقية مع المملكة. اهتمام سعودي السعودية كشفت عزمها في منتصف الشهر الحالي على الدخول في مفاوضات مع الصين لتطوير الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التاريخي، وهو الطريق الذي يربط الشرق بالغرب تجاريا، وفوض مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانب الصيني في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين حكومة المملكة وحكومة الصين حول تطوير التعاون المشترك في شأن "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، و"مبادرة طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين". وقال المجلس حينها إن هذا الإجراء يهدف إلى ما يخدم مصالح المملكة، كما فوض المجلس رئيس الشؤون الاقتصادية والتنمية التوقيع على ما يتم التوصل إليه، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة لاستكمال الإجراءات النظامية. المبادرة الصينية يسعى البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" إلى الترابط والتواصل بين قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا والبحار المحيطة بها، وإلى إنشاء وتعزيز علاقات الشراكة في الترابط والتواصل بين الدول التي تقع على طول الحزام والطريق، وإلى إنشاء شبكة الترابط والتواصل متعددة الوظائف في جميع المجالات وعلى مستويات عديدة، في سبيل تحقيق التنمية المتنوعة والمستقلة والمتوازنة والمستدامة في تلك الدول. وستدفع مشروعات الترابط والتواصل في إطار "الحزام والطريق" الدمج والتنسيق بين الاستراتيجيات التنموية لشتى الدول على طول الحزام والطريق، وتطلق العنان للقوة الكامنة للأسواق داخل الإقليم، وتحفز الاستثمار والاستهلاك، وتوفر الطلبات وفرص العمل، وتعزز التبادل الإنساني والاستفادة الحضارية المتبادلة بين شعوب تلك الدول، لتلتقي تلك الشعوب وتتفاهم وتثق ببعضها البعض وتحترم بعضها البعض وتتمتع بالحياة المنسجمة والمستقرة والرغيدة معا. وثيقة الحزام يشمل الحزام والطريق أكثر من 60 دولة في قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، والتي يبلغ إجمالي عدد سكانها مجتمعة 4.4 مليارات نسمة، أي ما يعادل 63 % من سكان العالم ويبلغ حجم اقتصادياتها 21 تريليون دولار، أي 29 %من الاقتصاد العالمي الحالي. ويتركز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على ثلاثة خطوط رئيسة لوثيقة "تطلعات وأعمال حول دفع البناء المشترك للحزام والطريق": -1 يربط بين الصين وأوروبا مروراً بآسيا الوسطى وروسيا. -2 يمتد من الصين إلى منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط مروراً بآسيا الوسطى وغربي آسيا. -3- يبدأ من الصين ويمر بجنوب شرقي آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندي. أما طريق الحرير البحرية للقرن الحادي والعشرين فيتركز على خطين رئيسين: -1 خط يبدأ من الموانئ الساحلية الصينية ويصل إلى المحيط الهندي مرورا ببحر الصين الجنوبي وانتهاء بسواحل أوروبا. -2 خط يربط الموانئ الساحلية الصينية بجنوب المحيط الهادئ. سفير الصين السفير الصيني لدى السعودية لي تشينج وين قال لـ"الوطن" إن فكرة المشروع الاستراتيجي وجدت ترحيبا من 60 دولة عالمية للمشاركة فيه بما فيها السعودية، وقد طرحته الحكومة الصينية منذ فترة، مشيراً إلى أن هناك خمسة مجالات ترسمها ملامح مبادرة الصين، الأول يكمن في تبادل السياسات، وثانيها تنشيط التجارة، والثالث يعنى بالبنية التحتية، أما الرابع فيختص بتبادل الثقافة وحضارات الإنسان، في حين يتمثل الأخير في تنقل الأفراد بشعبي البلدين. واعتبر وين منطقة الخليج العربي خاصة السعودية مهمة بالنسبة لمشروع الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، الذي يشكل بعدا استراتيجيا كموقع حيوي عالمي لتسهيل التجارة بين دول آسيا وإفريقيا مرورا بأوروبا، مشيرا إلى أن قرار مجلس الوزراء السعودي بالتباحث في هذا الجانب من شأنه تعزيز المصالح وتعظيم الفوائد سواء للخليج نفسه أو للتجارة الدولية. 5 مضامين يتمثل مضمون مشروعي الحزام الاقتصادي وطريق الحرير في: -1تناسق السياسات: يمكن لمختلف الدول إجراء التواصل الوافي حول الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتنمية الاقتصادية، بحيث يتحقق الالتحام العضوي بين هذه الاستراتيجيات على أساس مبدأ "إيجاد قواسم مشتركة من بين الاختلافات"، ورسم الخطط والإجراءات للتعاون الإقليمي عبر التشاور، بما يعطي "الضوء الأخضر" من حيث السياسات والقوانين أمام الاندماج الاقتصادي الإقليمي. -2ترابط الطرقات: إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى التباحث الإيجابي في تحسين البنية الأساسية العابرة للحدود في مجال المرور، واتخاذ خطوات تدريجية لتكوين شبكة للنقل والمواصلات تربط مختلف المناطق دون الإقليمية في آسيا، كما تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، بما يعالج مسائل عدم الترابط أو الترابط دون التمرير أو التمرير دون الانسياب. -3تواصل الأعمال: التباحث في سبل تسهيل التجارة والاستثمار ووضع ترتيبات ملائمة، تساعد على إزالة الحواجز التجارية والاستثمارية ورفع سرعة الدورة الاقتصادية الإقليمية وجودتها، بما يطلق بشكل كامل الإمكانات الكامنة للدول الواقعة في "الحزام" و"الطريق" في مجالات التجارة والاستثمار، وتوسيع "كعكة التعاون". -4تداول العملات: العمل على تحقيق المقاصة بالعملات المحلية وتبادل العملات، وتعزيز التعاون النقدي الثنائي والمتعدد الأطراف، وإنشاء مؤسسات مالية للتنمية الإقليمية، وخفض تكاليف المعاملات، وبالتالي تعزيز القدرة على مواجهة المخاطر المالية من خلال الترتيبات الإقليمية، وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصاد المنطقة ككل على الساحة الدولية. -5تعزيز العلاقات: إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى توطيد القاعدة الشعبية للعلاقات الرسمية، وتعزيز التواصل والتحاور بين مختلف الحضارات، وزيادة التبادل الودي بين شعوب الدول وخاصة على مستوى الفئات المجتمعية الأساسية، بما يعزز الفهم المتبادل والصداقة التقليدية فيما بينها. منافع المملكة أبرز عضو الجمعية العالمية لخبراء المخاطر رئيس مجموعة مينارب السعودية الدكتور عبدالرحمن الزومان، الآثار الإيجابية لجميع الدول التي ستنضم لإنشاء البنية التحتية لتفعيل هذا الطريق بما فيها السعودية، سواء كانت هذه الدول مستعدة أو غير مستعدة لاستثمار ميزاتها النسبية التي سيكون لهذا الطريق أثر كبير في استثمارها بكفاءة بما يعود على هذه الدول وغيرها بالنفع وسيغير واقعها إيجاباً سواء تجارياً أو صناعياً أو ثقافياً أو معرفياً أو اقتصادياً أو أمنياً. واعتبر الزومان السعودية قلب هذا الطريق برياً أو بحرياً وبصفتها تتمتع بميزات نسبية كبيرة ومتنوعة، ما يجعلها ستستفيد وتفيد كثيراً من خلال اندماجها في هذا الطريق، خصوصاً أن لديها أهم المقومات الأساسية من البنى التحتية التي يتطلبها الاندماج في هذا الفكر الحضاري المطوّر الذي سيمكن المملكة ويعزز موقعها على كافة الأصعدة. سهولة تنقل على صعيد ترابط المنشآت، فلفت وين إلى أن المشروع يشير إلى تشكيل شبكة بنية أساسية تربط شتى المناطق الآسيوية شبه الإقليمية وآسيا وأوروبا وأفريقيا بشكل تدريجي، ودفع بناء آلية موحدة لتنسيق النقل خلال العملية كلها، تحقيقا لسهولة النقل الدولي، إضافة إلى دفع بناء كيبلات الألياف الضوئية العابرة للحدود، وشبكات كيبلات الاتصالات الرئيسة وغيرها. وبين وين أن الصين وقعت مع بعض الدول الممتدة على طوله سلسلة من الاتفاقيات الإطارية، التي بموجبها بدأ إنشاء عدد من المشروعات المهمة، من بناء جسور وسكة حديد وطرق عامة ومناطق صناعية وممرات معلوماتية عابرة للحدود، وفتح دفعة من الخطوط الجوية الدولية ومنافذ المطارات للترانزيت لمدة 72 ساعة دون تأشيرة، حيث تدور حاليا مفاوضات الشراكة الشاملة الإقليمية ومفاوضات رفع المستوى لمنطقة التجارة الحرة بين الصين والآسيان، وبدأت أعمال إنشاء منصتي الاستثمار والتمويل للبنية الأساسية وصندوق طريق الحرير. الانعكاسات الإيجابية على المملكة 1- فتح أسواق لمنتجاتها منخفضة التكلفة ذات الجودة المرتفعة على التعمق أكثر في أسواق الدول الواقعة على طريق الحرير بريا وبحريا 2- نشر ثقافتها والفكر الإسلامي الوسطي السليم 3- ميزة نسبية في صياغة البروتوكولات والتنظيمات المُؤسِّسَة للتعاملات وبما سيجنبها التصادم الحضاري مع دول أخرى ستنظم له لاحقا 4- زيادة أمنها الغذائي واحتياجاتها الأساسية من عدة مصادر من خلال عبور السلع والبضائع والخدمات من هذا الطريق الذي يمر بها 5- ستنخفض التكاليف الكلية للواردات والتكاليف التشغيلية من خلال استفادة المملكة من الأيدي العاملة في الدول الواقعة على هذا الطريق 6- إضافة قيمة من خلال ضخ استثمارات لإنشاء مصاف لتكرير وبيع المشتقات النفطية للدول الواقعة على هذا الطريق 7- فتح مصادر متنوعة من احتياجات المملكة الأساسية وخصوصا ما يرتبط بالأغذية والمنتجات الكمالية وفق المواصفات القياسية المقبولة 8- جعل المملكة أكثر انفتاحا على الحضارات الأخرى والاستفادة من الثقافات العالمية بشكل أكثر فاعلية 9- تعزيز الأمن الإقليمي والدولي للدول التي تقع على هذا الطريق ومنها المملكة ودول الخليج 10- الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة من خلال حرية تدفق العقول والأفكار المبتكرة بين الدول الواقعة على طريق الحرير الجديد 11- الحصول على مصادر مختلفة للطاقة الكهربائية من الدول الواقعة على هذا الطريق عبر الربط الكهربائي 12- تعزيز التبادل المعلوماتي بكفاءة سواء في المجال الطبي والأدوية للسيطرة على الأمراض الوبائية والمزمنة والخطيرة 13- إيجاد قنوات آمنة ومجدية لرؤوس الأموال الوطنية لتحقيق عوائد من مشاريع استراتيجية بالدول الواقعة على طريق الحرير الجديد 14- استخدام وسائل الاتصالات والكيابل البحرية والبرية الرابطة بين دول الطريق بما يعزز قدرات السوق لديها بكفاءة وفاعلية كبيرة مستقبلا 15- تمكين جامعات المملكة من التبادل المعرفي على أوسع نطاق مع الجامعات والقدرات البشرية بجميع دول طريق الحرير الجديد 16- صناعيا تأتي دول كالصين والهند ودول الآسيان بميزات نسبية كثيرة ومتنوعة يمكن للشركات الصناعية السعودية من الاستفادة منها 17- ستتمكن المملكة في مساعدة الدول الأقل نموا من توجيه مشروعاتها التنموية للسيطرة على الفقر في الدول الواقعة على الطريق
مشاركة :