يزداد الوضع العسكري في شمال سوريا تعقيدًا، مع ارتفاع وتيرة القصف الجوي الروسي لمواقع المعارضة السورية المسلّحة في ريف محافظة اللاذقية، والدلالات الخطيرة لاستهداف الطائرات الروسية مناطق متاخمة للحدود مع تركيا. يضاف إلى هذه التطورات، اتهام «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الطيران الروسي بـ«ارتكاب أعمال إرهابية، عبر قصفه قوافل الإغاثة الإنسانية في ريف محافظة إدلب وأسواقًا شعبية ومرافق مدنية حيوية في ريف حلب». وبالتزامن، مع إعلان القوات الروسية نصبها لمنظومة دفاع جوي لتأمين سلامة الطيارين الروس في سوريا، بهدف منع تكرار حادث إسقاط الطائرة الروسية، من قبل طائرة تركية يوم الثلاثاء الماضي. أعلنت حركة «أحرار الشام» في شريط فيديو استهدافها لمطار حميميم الذي تستخدمه روسيا قاعدة جوية وانطلاقًا لغاراتها على مناطق الشمال السوري، من دون أي تأكيد على إصابة المطار. وأظهرت لقطات فيديو لمعارضين سوريين مسلحين ينتمون إلى حركة «أحرار الشام» قالوا: إنهم يستهدفون قاعدة جوية في اللاذقية تستخدمها القوات الروسية. وقال مقاتل من الجماعة لوكالة «رويترز»: «نحن في حركة أحرار الشام الإسلامية، نقوم الآن بقصف القاعدة الروسية في مطار حميميم». بينما يظهر مقطع آخر في الفيديو ضربات جوية روسية على مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب. ورسميًا، أعلنت «أحرار الشام» عملية استهداف القاعدة العسكرية الجوية، عبر الناطق الإعلامي باسمها أحمد قرّة علي، الذي أكد أن «مجاهدي أحرار الشام قصفوا مطار حميميم بمدفع من عيار 130 وحققوا فيه إصابات مباشرة». وتابع أن هذه العملية «هي الثانية لأحرار الشام بعد قصف المطار نفسه بصواريخ غراد قبل أيام». وأردف قرّة علي في حوار مع لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «بات مطار حميميم على رأس قائمة أهدافنا الاستراتيجية، خصوصا أنه يشكل قاعدة جوية روسية تنطلق منها الطائرات لتقصف أهلنا وتقتل المدنيين الأبرياء في سوريا». واعتبر أن «استهداف هذا المطار بشكل متكرر يعيق حركة الطيران الروسي ويسهم في الحدّ من عمليات قتل أهلنا». ثم أضاف: «لن نألو جهدًا في التصدي للاحتلال الروسي الذي يقتل أهلنا وشعبنا، خصوصًا بعدما أثبتت الوقائع الميدانية أن ضربات الروس لداعش ليست إلا مجرّد دعاية، اتخذت غطاء لقصف مناطق الثوار». ثم تساءل «أين داعش من القصف اليومي المتواصل لجبل التركمان وجبل الزاوية؟». لافتًا إلى أن «الطيران الروسي قصف اليوم (أمس) مدرسة عثمان بن عفان في مدينة بنّش في ريف إدلب ما أدى إلى قتل وجرح عشرات الأطفال». وبالفعل، كان الطيران الروسي كثّف أمس غاراته على أرياف محافظات اللاذقية وحلب وإدلب واللاذقية، واتهم «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الروس بـ«استهدف بلدة بنّش وقوافل الإغاثة في بلدة سرمدا بريف إدلب التي تحوي عددًا كبيرًا من النازحين، ومدينة أعزاز في ريف حلب، متحدثًا عن قصف «مرافق حيوية أخرى كمحطة تنقية مياه البابيري قرب بلدة مسكنة، وسوق شعبية في قرية عويجل بريف حلب، ومحطة لنقل الركاب في قرية الدانا بإدلب». وأشار إلى أن الطيران يواصل بشدة قصف جبلي الأكراد والتركمان في محافظة اللاذقية «مستهدفًا نقاطًا للجيش السوري الحر وأماكن مدنية بمساندة من مدفعيات وصواريخ قوات الأسد». ولقد اعتبر الأمين العام لـ«الائتلاف» محمد يحيى مكتبي أن «تكرار قصف القوافل الإغاثية من قبل طيران الاحتلال الروسي، هو عمل إرهابي يتنافى مع موقع روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن». واعتبر أن السلوك الروسي هو «عدوان محض لا يستهدف إلا المدنيين والأبرياء وقوافل الإغاثة، كما أنه يستهدف الجيش السوري الحرّ ليفسح المجال أمام تنظيم داعش بالتقدم البري إلى المناطق المحررة وهذا ما ينسف ادعاءها بمحاربة الإرهاب». أما عضو «الائتلاف» حواس خليل، فقال: «إن المتابع لسلوك العدوان الروسي في سوريا منذ بدئه يدرك أن روسيا ذراع عدوانية لنظام الأسد وتسعى لقمع ثورة الشعب السوري التي عجز عن قمعها كل من الأسد وإيران والميليشيات الطائفية». وطالب خليل مجلس الأمن بـ«إدانة ممارسات روسيا والضغط عليها لوقف عدوانها على الأطفال والنساء، ومؤخرًا على قوافل تحوي حليب الأطفال وأدوية المرضى وغذاء المحاصرين». ومن جهة ثانية، نقلت وكالة «رويترز» عن مسلحين من المعارضة ومراقبين، قولهم بأن القوات الروسية قصفت مناطق يسيطر عليها المعارضون المسلحون في اللاذقية بسوريا بالقرب من المكان الذي أسقطت فيه تركيا طائرة روسية». وقال: «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن 12 ضربة جوية على الأقل وقعت في ريف شمال اللاذقية، بينما اشتبكت القوات الحكومية مع مقاتلين من جبهة النصرة التابعة لـ«القاعدة» ومسلحين تركمان في منطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان.
مشاركة :