يعد الأمير الحسن بن طلال من الرواد في حقول العلم والمعرفة والإبداع على المستوى المحليّ والإقليميّ والدوليّ. ولسعة اطلاعه عرف الأمير الحسن الحدود الفاصلة بين القضايا والأمور، وأدرك الفرق ما بين الوسائل والغايات، وميّز بحكمته بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون. فكان التميّز من نصيبه في مجالات عدة، مما جعله يمتلك شخصية قوية ومؤثرة، فلا يستطيع من التقى الأمير الحسن أن ينسى ذلك اللقاء بسهولة، لكثرة الفوائد التي سيجنيها من ذلك اللقاء، وعلى هذا الأساس بنى الأمير الحسن علاقاته مع الناس، وتميّز بهذه العلاقة، فجعلته دومًا محط أنظار الجميع أينما حل. فقد حاور الآخرين باعتبارهم شركاء في الفكر والحوار، والتزم بالأهداف التي عززت القيم والمبادئ الإنسانية بكل مجالاتها. فكان الأمير الحسن وما يزال من النخب المثقفة، والتي آمنت دومًا بدور الفكر والإبداع في إبراز القيم الإنسانية، وصون الذاكرة الثقافية المشتركة بين الشعوب، باعتبارها قاسمًا مشتركًا ما بين الإنسان كإنسان، والفكر الذي ينتجه. عندما تسمع أو تقرأ للأمير الحسن، فإنك تأخذ عن إنسان خاطب العقل والعاطفة معًا، ويمتلك مكنونًا فكريًا منظمًا، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، له عراقته التاريخية، وثقافته المميزة، ورقيه المتواصل. ظهر في فترة الجمود والتخثر الذي عاناه الفكر العربي المعاصر، فأسس منتديات، ومؤتمرات فكرية، كان العرب في أمس الحاجة إليها، فكان عربيًا في فكره، وعالميًا في توجهاته الإنسانية. أصبح من دعاة تلاقي الأفكار العالمية، يحاور الآخرين باعتبارهم شركاء في الفكر والحوار. ملتزمًا بالأهداف التي عززت القيم والمبادئ الإنسانية في شتى مجالاتها. لقد امتلك الأمير الحسن بفكره الراقي الأدوات اللازمة التي جعلت منه صاحب رؤية واضحة، وبرنامج متواصل امتد عربيًا وإقليمًا وعالميًا، لترسيخ المعايير الأخلاقية، والقيم الإنسانية في أكثر من اتجاه، فكان الأردن في وجدانه، والعرب في ضميره، وهو مثقف كبير بكل ما تحمل الكلمة من معنىً، ومسؤول في النطاق العالمي لتبوئه مركز السيادة والريادة في صياغة الفكر الدولي. لقد أصبح دور الأمير الحسن مضاعفًا في التعامل مع القضايا عبر المرجعيات الفكرية؛ نظرًا لتعددها وتشعبها، فاستطاع وبكل براعة وإتقان أن يقدمها إلى الآخر في صورة أنيقة، تجعله يقبل عليها ويقدم لها الإضافات الغنية بالحوار والنقاش، متحملًا أمانة المسؤولية و قادرًا على تقديم الجديد النافع دومًا. لقد بينت في كتاب "الحياة الاجتماعية والفكرية للأمير الحسن بن طلال"، جوانب مهمة من مسيرة الأمير الحسن بن طلال، في مجال الفكر والإبداع، مستفيدًا مما كتبه الباحثون والكتّاب بمختلف حقولهم العلمية عن شخصية الأمير الحسن، وما هو مكتوب على المواقع الإلكترونية، والرجوع إلى كتب ومؤلفات الأمير الحسن، إضافة إلى إجراء العديد من المقابلات الشخصية مع من كان لهم شرف الخدمة والعمل مع سمو الأمير، إضافة إلى جهدي الشخصي في ذلك. فبدأ الكتاب بالتعريف بالنسب الهاشمي، والسيرة الذاتية للأمير، ثم الحياة العلمية والعملية، والتقدير العالمي لجهود الأمير الحسن. وفي الجزء الثاني من الكتاب فقد تركز الحديث عن الجانب الفكري عند الأمير الحسن بكل أبعاده، العربية والإسلامية والعالمية، إضافة إلى تحليل لبعض الكتب والمؤلفات العلمية للأمير الحسن، والتي شكلت بعدًا ثقافيًا وتاريخيًا، وعرض نماذج منتقاة لمقالات الأمير الحسن. وأخيرًا تم عرض المقابلات الشخصية لرفقاء درب الأمير الحسن، والأسئلة التي وجهت إليهم وإجاباتهم عليها، وخصصت بابًا من الكتاب لعرض بعض ما كُتب عنه من قبل بعض الكتاب والباحثين من الأردن والوطن العربي.
مشاركة :