نعم هناك نوعية من القبيضة يتعيشون من وراء الاستجوابات وطرح الثقة، وهذه النوعية معروفة منذ سنين طويلة، بعض المخضرمين منهم اعترفوا علانية بذلك، ولكنهم كانوا في السابق قنوعين، فمنهم من يقبض مقابل رفع يده سفرة معتبرة، أو ترقية لقريب، أو حتى تخليص معاملة يصعب تمريرها. وحتى لا يساء فهم المقصد مما نقول، فنحن لا نشكك في أن بعض المستجوِبين قبيضة، فهناك مستجوِب هدفه تحقيق العدالة وتقويم الاعوجاج، وليس كل مستّجوَب بريئاً، فهناك مستجوَب يستوجب استجوابه، ولكن ما نريد قوله إن هناك من يركب موجة الاستجوابات وطرح الثقة لمصالحه المالية الخاصة به، فعلى مر السنوات السابقة أفرزت الاستجوابات، وببركات الحكومة والحيتان، مجموعة معروفة من القبيضة ليس مهماً عندهم أن يغيروا من اتجاهاتهم وولاءاتهم. القبيض ليس بالضرورة من يدافع عن وزير بعينه، فهناك قبيضة مهمتهم طرح الثقة في الوزير نفسه، ويبدو أن هناك اتفاقات مسبقة بينهم، فهذا المجلس والمجالس التي سبقته أفرزت عرفاً بأنه من الممكن أن يكون كل طارحي الثقة ورافضيها قبيضة، فقد أصبح واضحا ومعروفا بأن الاستجواب وطرح الثقة تجارة مربحة لكل الأطراف، وهي تجارة لا تحتاج شطارة ولا حنكة سياسية، فما على القبيض إلا أن يرفع يده سواء مع أو ضد، حتى أن للامتناع عن التصويت، والانسحاب، والغياب زبائن. الآن أصبحت الاستجوابات الموجهة مكلفة جداً لطرفي الصراع أو النزاع، فلم تعد الترقيات والتوظيفات، وتخليص المعاملات كافية، فالتكلفة الكلية تصل، وبلا مبالغة، الى عشرات الملايين، ولهذا فما إن يُعلَن عن نية استجواب وزير ما حتى تبدأ مزادات وتفاهمات واتفاقات، إنها بورصة ترتفع فيها الأسعار وتنزل حسب أهمية المستَجوَب، فالاستجوابات والأهم منها طرح الثقة مفرحة للأكثرية، ولكنها ليست بالتأكيد للمعارضة الوطنية الحقيقية، لأنها مربكة وخالطة للأوراق، وللأسف فهذه المعارضة الوطنية تكاد تنقرض وتتآكل، وما تبقى منها إما أنهم معزولون أو منبوذون من القبيضة، ومن يحركهم ويدفع لهم. نحن نقول هذا لأن ما نراه يوحي بذلك، فمعظم النواب الحاليين يفتقرون الى أبسط قواعد السياسة والدراية والثقافة وحتى العلم، وهؤلاء نجحوا ليس لعبقريتهم ولا حنكتهم أو خبرتهم، هؤلاء نجحوا بسبب انتماءاتهم القبلية أو الطائفية أو الحزبية، والدلالة على ذلك، وعلى مر المجالس السابقة، فشل معظمهم حتى في قول كلمة حق أو باطل، بعضهم لم يستطع حتى قراءة كلمة واحدة بالعربي رغم ادعائهم بمستواهم العلمي، فهم حتى لم يحللوا معاشاتهم المرتفعة. ولهذا، للأسف، هناك من يرى أن عضوية المجلس أصبحت مهنة مدرّة لا تطوعا للأمة، فأين المستجوِبون من صندوق الجيش، واليورو فايتر، والداو، وحقول الشمال، والمصفاة الرابعة، ومشاريع نفطية في الشمال، والطرق، والجسور، والتعليم، والمرور، والإسكان، والفساد، والرشوة، والقبيضة، وشراء الذمم، والجواخير، ومزارع الوفرة والعبدلي، وكسر القوانين، وغسل الأموال، وسرقة الرمال، والعلاج السياحي، وفساد بعض القضاة، والشهادات المزورة، والترقيات والتعيينات الباراشوتية، وغيرها كثير؟
مشاركة :