تعاني ليبيا من حالة تعقد وضبابية في المشهد السياسي الراهن بالبلاد بعد تكليف مجلس النواب لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا مع تمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتسليم السلطة لحكومة منتخبة بعد إجراء انتخابات برلمانية يونيو المقبل. وعلمت «الاتحاد» من مصادر حكومية ليبية أن رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا يريد الانتقال بشكل فعلي إلى طرابلس نهاية الأسبوع الجاري إلا أن رفض الكتائب الأمنية والعسكرية المتمركزة داخل العاصمة الليبية يحول دون تحقيق ذلك ويجهض أي محاولات للحكومة الجديدة للانتقال للعمل من داخل العاصمة. وأعلن رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا موافقته على عقد جلسة مباحثات مباشرة مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لبحث الأوضاع الراهنة في البلاد إلا أن الأخير يرفض عقد اللقاء لعدم اعترافه بالحكومة الجديدة التي نالت الثقة من البرلمان وتمسكه بتفعيل خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف. فيما، أكد رئيس حكومة الوحدة الليبية أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة يختارها البرلمان القادم، مشيراً إلى أنه من الصعب على أي دولة إجراء انتخابات دون دستور أو قاعدة دستورية، وأن هدف حكومته إجراء الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل. ولفت الدبيبة في تصريحات تلفزيونية إلى أن حكومته تدفع الجميع لاستكمال القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل، كي يتمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية فيما بعد، رافضا ما وصفه بمحاولة البرلمان «التمديد لنفسه» خلال الفترة المقبلة، مضيفا «الليبيون في الشوارع والميادين قالوا لا للتمديد». وأكد الدبيبة أن حكومته عقب توليها المسؤولية حققت أكبر نمو اقتصادي منذ 15 عاما، موضحاً أن ليبيا واحدة من الدول المستفيدة من ارتفاع أسعار النفط حاليًا، لكن الارتفاع الحاد ليس مفيدًا، بل السعر المتوازن هو المفيد. إلى ذلك، أكد المرشح الرئاسي سليمان البيوضي لـ«الاتحاد» أن المشهد السياسي في ليبيا بات عبثيا وفوضويا ولا ينتمي لأي منطق عقلاني، موضحا أن «البلاد كانت قريبة من الانتخابات لكن الإمبريالية الدولية وأذنابها في الداخل قرروا سحق الليبيين وتجويعهم بما يحدث الآن من تنافس بين الأطراف، وهو بعيد عن الممارسة السياسية والديمقراطية وهو نظام مغالبة وفرض إرادات، على حد قوله». وأشار البيوضي إلى ما وصفه بهزيمة «قوات فتحي باشاغا» خلال محاولاتها الدخول إلى طرابلس، مؤكدا وجود إشارات من الطرف الداعم لفتحي باشاغا بأنه سيدخل طرابلس في يونيو المقبل وسيمارس مهامه من خارج العاصمة خلال هذه الفترة. وتخطط الأمم المتحدة لإطلاق جولة جديدة من الحوار بين الأطراف الليبية المتنافسة، بهدف مراجعة القوانين الانتخابية وحل الخلافات بشأنها، من أجل وضع البلاد أمام إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وتهدئة التوترات الناتجة عن الصراع الدائر بين حكومتين متنافستين على السلطة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مطلعة، أن المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، دعت إلى عقد اجتماع في تونس غداً الخميس، لمراجعة القوانين الانتخابية، بحضور المفوضية العليا للانتخابات ومجلس التخطيط الوطني وخبراء. في غضون ذلك، نفى سفير واشنطن في طرابلس، ريتشارد نورلاند، صحة التقارير التي تشير إلى وجود رغبة أمريكية لمد أجل حكومة عبد الحميد الدبيبة، مشددا على ضرورة تفادي الأطراف الليبية اللجوء إلى العنف. وبشأن وجود محادثات مباشرة بين الدبيبة وباشاغا، قال نورلاند إنه علم عن وجود فكرة لعقد تلك المحادثات، لكن لم يتم تحديد مقرها حتى الآن. وأضاف أن «فتحي باشاغا دعي لمحادثات في تركيا، وأن الولايات المتحدة تؤيد تلك المحادثات، لكنها ليست مبادرة أمريكية»، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة عبرت عن عزمها لعب دور مسهل في تلك المرحلة. رئيس البرلمان يطالب بتجميد إيرادات النفط طلب رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، تجميد إيرادات النفط في حساب مصرف ليبيا الخارجي وعدم تحويلها إلى حسابات الإيرادات العامة بالمصرف المركزي، وذلك في خطوة تستهدف قطع التمويل على حكومة الوحدة الوطنية. جاء ذلك في مراسلة وجهها عقيلة صالح إلى صنع الله، أكد فيها أنه «تبعاً لقرار البرلمان يوم 1 مارس بشأن منح الثقة للحكومة الليبية وإلى أدائها اليمين الدستورية، وانتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، يطلب منكم الاحتفاظ بالإيرادات الناتجة عن بيع النفط في الحسابات السيادية لمؤسسة النفط في مصرف ليبيا الخارجي وعدم إحالتها إلى حسابات الإيرادات العامة مؤقتا، إلى حين اعتماد قانون الميزانية العامة وصدور قرار بالصرف من قبل البرلمان». وتهدف هذه الخطوة إلى منع حكومة عبد الحميد الدبيبة من استخدام وإنفاق إيرادات النفط وتجميدها إلى حين استلام الحكومة الجديدة بقيادة فتحي باشاغا، السلطة، التي ترفض الحكومة الحالية تسليمها أو الاعتراف بما توصل إليه البرلمان.
مشاركة :