شعر محمد بن راشد يصل بقامة الشهيد إلى عنان السماء

  • 11/30/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

دبي - الخليج: في قصيدته الجديدة يوم الشهيد التي تتألف من اثنين وعشرين بيتاً، ها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يؤكد المكانة التي يحتلها الشهيد في وجدان القادة والشعب، فهو لم ولن يُنسى، وسيظل مثالاً ساطعاً للفخر، ورمزاً شامخاً يطرز غرر المجد والبهاء، بالنسبة للإماراتيين، لما بذل من عطاء عز نظيره في ميادين الشرف والبطولة، في إشارة إلى استشهاد ثلة من الجنود الأبطال أثناء تأديتهم واجبهم الوطني ضمن القوات المشاركة في عملية إعادة الأمل لليمن ضمن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة للوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن ودعمها. تشير بداية القصيدة التي يطرزها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى تلك المنزلة التي يحتلها الشهيد، وهي منزلة مشرقة، يزهو بها الزمان ويورق، والصورة الشعرية التي تتخلل مطلع القصيدة، تقدم توصيفاً لائقاً بالشهيد، الذي يستحق مثل هذا الوصف عن جدارة، ذلك لأنه قدم أعز وأغلى ما يمتلك الإنسان، دفاعاً عن حمى الوطن، وهو بذل الدم لكي يبقى الوطن شامخاً، ولكي تتسربل الأمة بالتأنق والفخار. عيدُ الشَّهيدِ لهُ المَحَلُّ المُشرقُ بجلالهِ يزهوُ الزَّمَّانُ و يورقُ بدمائهِ وعطائهِ ووفائهِ وطنٌ يتيهُ وأمَّةٌ تَتَأنَّقُ في البيتين الثالث والرابع، يقوم سموه، بمقاربة هذا البذل الذي قدمه الشهيد، فهو قد أهدى روحه لبلاده، تلك البلاد التي تحتل مكانة أثيرة في وجدان الشعب، وفي وجدان الشهيد ذاته، الذي لا يرتضي لوطنه سوى أن يظل في منزلة رفيعة تليق به وتسمو، ويا له من بذل سخي غال، وهو الذي، أي الشهيد، قدم روحه ومهجته فدى لهذا الوطن. أهدىَ فكانتْ روحُهُ مبذولَةً لبلادهِ فلها المَحَلُّ الأليَقُ وسخىَ بأغلىَ ما لديهِ لموطنٍ منْ دونهِ المَهَجُ الغوالي تُحرَقُ في الأبيات التي تلي ذلك، يستمر سموه، في تقديم صور، تليق بالشهيد، هذا الذي ترتد عنه النازلات، والنازلات في اللغة هي القنابل والقذائف، التي تشيح عن الشهيد، وفي هذه الكناية، تمجيد لدور الشهيد، الذي وإن بذل نفسه فدى الوطن، فهو خالد ومطوق بأرواح أبنائه الذين لن ينسوه، هؤلاء هم أبناء زايد، في إشارة إلى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهي إشارة إلى الوطن أيضاً، الذي سيُفدى بالدماء والأرواح، ولن تعز عنه الروح، بل هي رخيصة في سبيل هذا الوطن الكريم. أبناءُ زايدَ عاهدوهُ فدونهُ بحرُ الدِّماءِ علىَ ثراهُ تَدَفَّقُ إنْ غادرَ الأجسادَ فيلقُ جندهِ فوراً تلاهُ إلى الشهادةِ فيلَقُ يقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صورة كبيرة في معانيها، حين يورد كلمة فيلق وهي الكتيبة العظيمة من الجيش، حيث يقول: إنه حتى لو فقد الجيش فيلقاً بكامله، فسيتبعه فيلق آخر، على درب الشهادة، وهذا ليس ببعيد عن أولئك الذين عرفوا معاني الدفاع عن الوطن، فهم أبناء الإمارات الذين يشرفون شعبهم والذين خبرتهم التجارب، ولهم في الماضي تاريخ يشهد على عراقتهم في مدارج البسالة والكرامة والسؤدد.. هؤلاء الذين هبوا لنصرة اليمن العزيز على قلوبنا، الذي لولا هذه الحمية، وهذه الاستماتة في الدفاع عن أرضه وحماه لذوى وتحطم إلى أشلاء. هؤلاء هم الشهداء الأوفياء الذين تعبق أرض الكرامة بشهادة كل فرد منهم، هم من معدن أصيل، وهم كما وصفهم القرآن الكريم (أحياء عند ربهم يرزقون) غادرونا بأجسادهم فيما أرواحهم ترفرف عالية في السماء. وتستمر قصيدة سموه، في الإشارة إلى أن المحن الشديدة، كناية عن المعارك التي خاضها الجنود، هي في مقام الفخار الذي كتبوه ببسالاتهم، وها هم يضربون لنا الأمثلة في البسالة والشجاعة، تلك التي نحبها وتروقنا، في كناية عن الجنود، الذين وثبوا كالأسود، حول عرينهم، إذا ما حاولت قوى البغي الاقتراب من مكامنهم فتحلقوا حوله، ووثبوا وثبة رجل واحد للذود عنه. وبدىَ كأيَّامِ الفتوحِ فطعمهُ شَهدٌ عليهِ منَ النَّضارةِ رونَقُ يومُ الشَّهيدِ وليسَ يومٌ مثلهُ في جِدَّةٍ موصولَةٍ لاتَخْلُقُ في البيتين السابقين، يشبه سموه ما قام به الجنود بأيام الفتح الإسلامي، ذات النكهة العابقة بالنضارة، فهو يوم الشهيد، العزيز على الوصف والمضاهاة. يوم الشهيد هذا، بمثابة الصرح، الذي ينوف عن الكواكب، أي يزيد في ارتفاعه وشموخه، لا بل لا تطاوله النجوم على الرغم من ارتفاعها الشاهق، هذه النجوم لا تعدله في الرفعة والسمو والمكانة والهالة الكبيرة والعظيمة، هذه المآثر والمعاني رسخها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي استطاع أن يبني دولة عظيمة متقدمة حتى في مواقفها وسياستها، بعد أن تعلمت معنى التوحد والإصرار على الذود عن الوطن، هذه القيم والمعاني التي توارثها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، كما هي عند أخيه المظفر، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. صرحٌ أنافَ علىَ الكواكبِ رفعةً ولهُ النُّجومُ منَ ارتفاعٍ تُطرقُ وبداهُ زايدُ ثمَّ أكملَ نَسقهُ منْ للبطولةِ والوفاءِ يُنَسِّقُ أعني خليفةَ والمُظَفَّرَ بعدهُ عوني محمدُ في العُلا لاَ يُسْبَقُ ويختم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصيدته، بالتأكيد على أن يوم الشهيد، هو يوم مبارك على الدولة، وهو بمثابة عيد، وهنا إشارة على تزامن هذا اليوم مع العيد الوطني للإمارات. يقول سموه: يومُ الشَّهيدِ مباركٌ يا دولتي عيدٌ علىَ وطنِ السعادةِ يُشرقُ وطني لكَ الأرواحُ منَّا إنَّنا في حُبّكَ المشهودِ دوماً نَصدُقُ الزمان يتباهى بالشهيد نُثرت الصور والمفردات الشعرية كرحيق على أزهار، دفاقة قوية في قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في قصيدته الجديدة يوم الشهيد، لتعبر عن مناسبة عزيزة على قلب كل إماراتي وعربي وهي يوم الشهيد، ولم يجد سموه ما يمكن أن يؤثر به في وجدان المتلقي أفضل من يوم الشهيد ليعنون به قصيدته، حيث يختزن العنوان/ المناسبة، دلالات تكفي في ذاتها لتؤشر إلى كل التضحيات والبطولات التي قدمها جنودنا البواسل في اليمن، العنوان هنا ليس بمثابة البوابة التي تدخلنا إلى النص وحسب، لكنه ينبهنا ويدفعنا أيضاً للإصغاء أو القراءة، للاستمتاع بما تجود به قريحة الشاعر، ويتعلق بكل هذه المعاني. يضع سموه الشهيد في مكانة عليا، مكانة سامقة لا سبيل للوصول إليها بيسر وسهولة، ومن هنا تأتي قيمة يوم الشهيد، ويظهر هذا في مفتتح القصيدة، يقول سموه: عيد الشهيد له المحل المُشرقٌ/ بجلاله يزهو الزمان ويورقُ، فالزمان يتباهى بالشهيد، يحترم تضحياته، والزمان هنا إحالة إلى الماضي والواقع والمستقبل أو كأنما هو الذاكرة المنتعشة دوماً التي تحتفظ بما قدمه الشهداء من بطولات للوطن، وتوثق لهم وتزهو بهم، هذا الزهو له مبرراته التي يعرج سموه لاحقا، إليها، ويعددها في مفردات تأخذ بلب قارئ القصيدة، فبدماء الشهيد وعطائه ووفائه يتيهُ الوطن فخراً بروح الشهيد التي بذلها ليعيش الجميع في أمن واطمئنان، لقد قدم الشهيد أغلى ما لديه لوطن من دونه المهج الغوالي تُحرقُ، هنا تصل الصورة إلى ذروة؛ تدفع المتابع إلى التوقف والتأمل، فسموه يود القول إنه من دون الوطن تُحرق القلوب والأرواح، في إشارة لافتة إلى موقع الإمارات في عقول وقلوب قادتها وجنودها وشعبها، هذا الوطن الذي من دونه المهج الغوالي تُحرقُ، نصونه، الجميع، بالأرواح، ونرعاه بإحاطتنا به، وحفاظنا على مقدراته، وحمايتنا لترابه وحدوده، هذا عهد أبناء المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذين هم على استعداد لتدفق دمائهم على ثرى الوطن فداء له، وحفظاً لمكانته وكبريائه، ولا حدود لتضحية أبناء زايد، بل هم دائماً على أهبة الاستعداد للشهادة، يُقبلون عليها تلبية لنداء هذا الوطن الكريم، يقول سموه: إن غادر الأجساد فيلقُ جنده/ فوراً تلاه إلى الشهادة فيلقُ. يُفصل سموه بعد ذلك في السمات التي تميز الوطن وجنوده، فيقول سموه وطن الإمارات المشرف شعبه/ شعب البسالة في الكرامة مُعرقُ، وهي الصفات التي جعلت هذا الشعب لا يتواني عن نجدة إخوانه في اليمن، وبعد أن يستثمر سموه الجانب الوطني والعروبي لاستثارة حماس المتلقي، يلتفت إلى الجانب الديني، فيقول سموه والله في الآي الحكيم بلاغُهُ/ أن الشهيد حي يرزقُ، لتتكامل أبعاد الانتماء أو الرؤية: الوطنية/ القومية/ الدينية، وليكتمل المعني الذي سبق وأشار إليه سموه، فالشهيد لا يخلد في ذاكرة أمته ووطنه وحسب، لكنه في أعلى مقام في جنات الخلد. تنبع مكانة الجنود والشهداء في أبعادها الثلاثة من مزايا عدة تجعلهم في النهاية سواء في ساحات الحرب، أو أحياء عند ربهم يرزقون، مثالاً للبطولة على الجميع احترامه والسير على دربه، بطولة نبعت من دفاعهم عن وطنهم وعروبتهم وقيمهم الأصيلة، وكأنهم أسود شهدوا الأذي يختال حول عرينهمُ/ فتواثبوا من حوله وتحلقوا، وتعود القصيدة في أبياتها الأخيرة لتؤكد أهمية الاحتفاء بالشهيد، يقول سموه يوم الشهيد وليس يوم مثلهُ/ في جدة موصولة لا تخلُقُ، ويعود الشاعر مرة أخرى ليذكر أن أهمية يوم الشهيد تنطلق من قيم وطنية أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وأكملها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويختتم سموه القصيدة ببيت يحتاج إلى عدة قراءات أخرى، بيت يختصر فيه كل ما يمكن بذله من غال ونفيس في سبيل الوطن، بيت يستثير مشاعر المحبة الساكنة داخل قلب كل منا تجاه الإمارات، بيت تستغرقنا معانيه وتذكرنا بعيون الشعر التي تتغنى بعشق الأوطان، يقول سموه: وطني لك الأرواح منا إننا/ في حبك المشهود دوماً نصدُقُ. المحرر الثقافي

مشاركة :