الفارق بيننا وبين فرنسا - هاشم عبده هاشم

  • 11/30/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

•• قضيت معظم أيام الأسبوع الماضي في العاصمة الفرنسية باريس وسط أجواء "خرافية" تفوق جمال مدينة النور في أشهر الصيف.. •• غير أن الصورة هذه المرة بدت لي مختلفة عن كل مرة زرتها فيها من قبل.. •• فبالرغم من برودة الجو "الناعمة" إلا أن مظاهر "العسكر" كانت طاغية على كل مكان ذهبت إليه.. الأوتيلات.. الأسواق التجارية الكبرى منها والصغرى.. الشوارع العامة.. الحواري والأزقة.. فضلاً عن الملاعب الرياضية.. ومحلات العرض الترفيهية كدور السينما.. والمسارح.. وأماكن المهرجانات.. والفسحة المختلفة.. والمتاحف.. وفي مقدمتها متحف "اللوفر" الشهير.. •• هذه المظاهر شديدة الحساسية لم تكن العاصمة الفرنسية تعرفها قبل حوادث الموت الأخيرة التي شهدتها يوم ومساء الجمعة الأسود "كما يسميه الأوربيون والأميركان الآن" وذهب ضحيته "130" بريئاً من مختلف الجنسيات بمن فيهم الجنسية العربية أيضاً. •• لكن ورغم هذه المظاهر غير المألوفة في أجمل مدن العالم.. إلا أن الحياة فيها كانت تسير سيراً طبيعياً.. وكانت مظاهر هذا الانتشار الأمني.. وعمليات التفتيش التي يخضع لها الناس في كل مكان تبدو مستساغة عند كل الناس فرنسيين.. وغير فرنسيين.. بالرغم من حركة السير المرورية التي شابها بعض البطء بفعل توقف أرتال السيارات أمام الإشارات الضوئية التي بدت أكثر فعالية وحيوية من ذي قبل. •• ولا أعتقد أن الحركة الاقتصادية.. والسياحية قد تضررت بفعل هذه الإجراءات "الاحترازية" الفائقة.. فالمطارات كانت غاصة بالمسافرين والقادمين.. والأسواق مكتظة بالآلاف.. والمحلات التجارية تكاد تختنق بمن فيها.. وحتى "المقاهي" التي نالها بعض الضرر جراء اعتداءات داعش عليها لم تكن لتتأثر بما حدث.. بل على العكس من ذلك بدا لي الوضع أكثر من مريح ومطمئن في ظل هذا الانتشار الأمني غير المسبوق.. •• وسألت نفسي سؤالاً وأنا أتجول في أنحاء المدينة بكل ارتياح وسط تلك المظاهر الأمنية الشديدة.. لو حدث مثل هذا الانتشار الأمني في مدن المملكة الكبيرة مثل الرياض.. وجدة.. والدمام.. والمدينة المنورة.. أو في مدن أخرى مثل تبوك وأبها وجيزان والطايف.. وبريدة.. فماذا كان يحدث.. وكيف سيكون شعور الناس مواطنين وزواراً ومعتمرين ووافدين؟! •• طرحت هذا السؤال.. لأن حجم الحساسية لدينا مبالغ فيه تجاه أي مظاهر أمنية غير عادية، فضلاً عن سيل الشائعات المتدفق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي المنتديات.. فضلاً عن حجم القلق المبالغ فيه لدى أوساط العمل المختلفة.. بكل انعكاساته على حركة السيولة النقدية والتحويلات الضارة بحركة الاقتصاد الوطني.. •• يحدث هذا لدينا ولا يحدث لدى الدول الأخرى التي تعرضت لحالات بسيطة من العمليات الإرهابية فتحولت فيها المدن إلى معسكرات حربية متحركة.. فيما لا نكاد نُحس لدينا بأي مظهر من مظاهر الحشد والتأهب بالرغم من أن بلادنا تعرضت لما هو أشد وأخطر من الإرهاب والإرهابيين؟ •• وبكل تأكيد.. فإن هذه المقارنة تدعو إلى إجراء دراسات معمقة للفروق البيِّنة بيننا وبين الآخرين.. وكيفية معالجتها.. وإلا فنحن أولى بالمزيد من الحذر والحماية من الآخرين لأننا مستهدفون أكثر من غيرنا.. ولأن لدينا بعض الهشاشة الفكرية التي تحتاج إلى تنظيف أبعد لعقول عشعش فيها التشدد وباتت تشكل خطراً حقيقياً علينا وعلى غيرنا. *** • ضمير مستتر: •• إذا كان على الآخرين محاربة داعش بالمظاهر الأمنية فإن علينا أن نواجهه بإصلاح الفكر وتطهيره من بؤر الظلام المستوطنة فيه).

مشاركة :