تعمل الشعوب على تغيير الأنظمة الفاسدة والمستبدة والتي لا تهتم بتنمية بلدانها، وتترك مواطنيها يغرقون في هموم العوز والفقر والتهميش، وهكذا كانت مهمة خميني سهلة إلى حدٍ ما بعد أن ذهب حكم شاه إيراه رضا بهلوي بعيداً عن إفقار الشعوب الإيرانية، وقد وجدت أجهزة المخابرات الدولية في جماعة خميني من ملالي طهران الذين كانوا طبقة طفيلية سلبية تعيش على ما تحصل عليه من خمس مقلدي المراجع المذهبية، وبعد أن أغرتهم المخابرات الأمريكية والبريطانية وحتى الفرنسية في تحالف غربي غريب كون الشاه كان حليفاً بل وتابعاً لا يرفض أي توجيه غربي، إلا أن للمخابرات الغربية رأي آخر، إذ ترى أن انغماس الشاه آنذاك في الملذات وتردي الحياة في الشعوب الإيرانية سيدفعها للوقوع في الحركات اليسارية وبالتحديد الحزب الشيوعي الذي كان يحمل اسم حزب توده، وله حضور قوي في المجتمعات الإيرانية، وأن ذلك سيدفع إيران للوقوع في براثن الاتحاد السوفييتي آنذاك، مما يهدم الجدار الذي أحكم الغرب إقامته حول السوفييت والذي كانت إيران وتركيا أهم أركانه، وقد نشط رجال المخابرات الأمريكية بالذات في إيران في إدارة الرئيس جيمي كارتر الذي كان يخضع لدعاة حقوق الإنسان ونشطاء تنمية الديمقراطية الذين كانوا يشكلون الأكثرية في إدارته، فوافق على إطلاق يد المخابرات الأمريكية في إيران والتخلص من حكم الشاه الفاسد، وتحصين إيران من الشيوعية مثلما كانوا يأملون، وتذكر مذكرات ممن شاركوا في انقلاب خميني، أن رجال المخابرات كانوا يزورون الملالي في الحوزات المذهبية، وأنه بعد ذهاب رجال المخابرات نجد تحت السجاجيد والأبسطة التي كان الملالي يجلسون عليها رزماً من آلاف الدولارات للمساعدة في تغيير الشاه. نجح انقلاب خميني وتغير نظام شاه إيران فحصلت الشعوب الإيرانية على حرب دامية مع العراق استمرت ثماني سنوات، حرب خسرت إيران من جرائها مليارات الدولارات وأكثر من مليون شخص، وتواصلت الأزمات التي حاصرت إيران بسبب إصرار خميني والملالي الذين حكموا البلاد على تصدير فوضاهم وتدخلاتهم في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وخصصت مليارات الدولارات وموارد البلاد للصرف على العمليات الإرهابية خارج الحدود واستنزفت العمليات الحربية وتنفيذ التفجيرات والتدخلات التي وصلت إلى إرسال مقاتلين ومدربين للعراق وسوريا ولبنان واليمن، استنزفت موارد البلاد فأصيبت موازين البلاد، زادها الصرف المبالغ به على إقامة برنامج نووي عسكري واجهته الأسرة الدولية بحصار اقتصادي زاد من معاناة الشعوب الإيرانية لتصل الحياة المعيشية واليومية إلى درجة لا تطاق، فانتشر الفقر إلى مستوى لم تشهده إيران من قبل، وتفشت ظواهر سلوكية خطيرة منها تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات والتي اخترقت كل طبقات المجتمع، وبالذات المؤسسات الجامعية وحتى المدارس الابتدائية، ولم تقتصر على الشباب بل وصلت إلى الأطفال. أما الظاهرة الأخرى التي بدأت تنتشر في المجتمع الإيراني وبالذات في طهران والمدن الكبرى فهو انتشار هروب الفتيات، وقد نشر أخيراً بأن هناك أكثر من خمسة آلاف فتاة في إيران، وأن بعض منهن يقفن عند أبواب المستشفيات لبيع أطفالهن الذين حملن بهم سفاحاً، وقد رصد المختصون في قضايا المجتمع وجود العديد من الشباب من كلا الجنسين بدون مأوى لهم، وأن عددهم يتجاوز 1700 إيراني يقيمون تحت الجسور والشوارع. هذا ما حصدته الشعوب الإيرانية من حكم الملالي الذين يزيدون من حلقات حصارهم حول هذه الشعوب التي بدأت نذر الانفجار والثورة تلوح في أفقهم.
مشاركة :