هي قصة زنود الجنود التي زرعت ضلوعها سياجاً على الحدود فكتبوا صفحةً من صفحات التاريخ الخالد على ضفاف نهر الأردن الخالد، فكان بواسل الجيش العربي الهاشمي المصطفوي كالأسود المُتأهبة للذود عن الحمى يقودهم سيف بني هاشم الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، الذي علّم الرجولة معناها وأثبت للعالم آن ذاك أن الأردن لا يمكن أن يكون على هامش الدول وأن الأردنيين الأحرار قد رضعوا البطولة من أثداء أمهاتهم وتعلموها من آبائهم وأجدادهم الذين عشقوا سروج الخيل وتعطروا بريح البارود فكان الإباء لهم ديدنا وكان حب الوطن لهم عهدًا فصدقوا الوعد وخاضوا معارك البطولة وكانوا على الدوام مُقبلين غير مُدبرين. لم يكن العام ١٩٦٨ عامًا عاديًا بل كان عامًا استثنائيًا ولم يكن تاريخ الحادي والعشرين من آذار إلا تاريخ مولد النصر والكرامة، فدكّت حصون المعتدين وسجّل تاريخ الشهامة ليكن التراب أغلى من الدم، وليسقى العادي من كأس السم ويبقى الأردن الوطن العزيز الأشم الذي يقوى ولا يُقوى عليه، فما أن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة الغدر على حدود الأردن المنيع معتقداً أنه قادر على اجتياز الجيش الأردني بسهولة، ليجد أمامه ما لم تره عين ولم تسمعه أذن ولم يخطر على قلب بشر، ليُرى الجندي الأردني وهو يقبل على الشهادة رافضاً الحياة يحمل روحه على كفيه ويهديها إلى الوطن وكأن قلبه قبل لسانه يقول (الموت ولا المذلة). معركة الكرامة قصةٌ تثبت للجميع بأن العزائم لا تلين وأن الإصرار يصنع المستحيل وأن القوة قوة القلوب وليست قوة السلاح وأن الكفاح من أجل الوطن ما هو إلا عقيدة في قلوب الأردنيين الذين اعتادوا أن يكونوا أقوى من أجل الوطن وتزداد قوتهم في وقت المحن والفتن، وهنا لا بد أن نستذكر وعلى الدوام مسيرة العز والأنفة التي عاشها الأردن عبر سنواتٍ من الثبات والشموخ بالرغم من المعطيات الصعبة والمعقدة التي تخرج علينا بين الحين والآخر إلا إننا بصدق القلوب والمحبة الحقيقية إستطعنا أن نتجاوزها ونتغلب عليها فكانت معركة الكرامة نموذج عشقٍ حقيقي باتجاه هواء الأردن وسمائه وأرضه. إننا إذ نستذكر اليوم ذكرى معركة الكرامة الذي يأتي مع يوم الأم فلا بد أن نعي بأن الأم الأردنية هي أم الكرامة وأنها ربّت أبناءها على الكرامة ودفعتهم باتجاه الوطن ليكونوا الأحرار أبناء الأحرار وليربوا أبناءهم الأحرار ويزرعوا في قلوبهم سنابل الوفاء ويحصدوها بيادر عطاء، وهنا لا بد أن نعي أيضا بأن الله سبحانه وتعالى قد منّ علينا بنعمةِ القيادة الهاشمية التي كان وما زال وسيبقى فرسانها على ظهر الخيل يحملون بيمينهم سيوف الحق وينطلقون من أجل القومية الصادقة فمن عبدالله الأول إلى عبدالله الثاني والعزم هو العزم.. (الرأي)
مشاركة :