المصالح والخدمات حسمت المنافسة فى خبر لم يشغل كثيرًا اهتمام الرأى العام، ولم يظهر على قوائم الـ«تريند»، خسر كلا من الأستاذ بهاء أبوشقة والمهندس هانى ضاحى، الانتخابات على رئاسة حزب الوفد ونقيب المهندسين على الترتيب. نعم الخبر لم يكن فى فوز كلا من المهندس طارق النبراوى أو الدكتور عبدالسند يمامة بقيادة، نقابة المهندسين أو حزب الوفد، بل فى خسارة القامتين سواء أبوشقة وضاحى، وذلك لعلاقتهما الجيدة بدوائر الحكم الحالية، وما يتبع أن هناك رغبة من السلطة لدعم بقائهما فى المنصبين. فنجد أن أبوشقة يشغل حاليا وكيلا لمجلس الشيوخ الحالى، وسبق له رئاسة اللجنة التشريعية فى البرلمان السابق، كما أنه كان أحد الفاعلين خلال السنوات الماضية فى شكل التحالف السياسى الذى حدد القوائم الانتخابية للمجالس النيابية، والتى حظيت بأغلبية البرلمانية، وهو ما وضعه كرئيس للجنة التشريعية فى البرلمان سابقا ووكيلا لمجلس الشيوخ حاليا. ونجد أن المهندس هانى ضاحى، والذى حل نقيبا للمهندسين فى انتخابات مارس ٢٠١٨، بعد أن تفوق على منافسه الحالى طارق النبراوى، الذى خسر أمامه الانتخابات الحالية. ويعتبر البعض أن ضاحى مرشحا يحظى بدعم حكومى، خاصة أنه شغل سابقا منصب وزير النقل والقائم بأعمال وزير البترول، وكذلك تقلد عدة مواقع فى شركات حكومية. ربما وضعت الخلفية والصفات الحالية لكلا من أبوشقة وضاحى فى موقع أنهما قريبان من الدوائر الحكومية، بأنهما مرشحان لهم حظوظ من الدعم الحكومى فى الانتخابات، مما يسهل مهمتهما فى حسم الانتخابات. ومن هنا نجد أن بعض الأصوات رأت أن فى خسارتهما «رسالة ما»، بينما البعض الآخر رأى فى نتيجة انتخابات الوفد ونقابة المهندسين «بارقة أمل» بأن قواعد اللعبة تغيرت بشكل أو بآخر خاصة فى مؤسسات المجتمع المدنى سواء نقابات أو أحزاب، وأنها القيادة لم تعد محسومة فيها لزيد أو عبيد، خاصة إذا كانت هناك رغبة من الجمعيات العمومية لتلك المؤسسات فى إبعاد شخصية بدلا من آخر فى القيادة. وربما يعكس ذلك، أن الانتخابات سواء فى الوفد أو المهندسين حطيت بشفافية ونزاهة كبيرة خاصة فى نقابة المهندسين، والتى لم يسمع فيها وجود تدخل حكومى ما بالحشد لمرشح فى مواجهة آخر، بل جرت الانتخابات فى ظل حياد كبير من المؤسسات، وهو ما ظهر فى نتيجة انتخاب النقيب. ويمكن تفسير ذلك بأن المنافسة فى الانتخابات سواء فى الوفد أو نقابة المحامين، لم تكن أصلا معركة بين معارضة وموالاة، خاصة أن المنافسين فيها لم يقدموا أنفسهم كذلك، فمثلا حزب الوفد نفسه يصنف كحزب ليبيرالى فى الأساس، ويعتمد فى بنائه المؤسسى أنه غير تابع للحكومة حتى لو اقترب منها. بينما «المهندسين» فهى نقابة مهنية تهدف لرعاية مصالح أعضاء وتقديم الخدمات لهم. ومن هنا جاءت نتيجة الانتخابات والتصويت فى جولة الإعادة لصالح طارق النبراوى، وذلك لأن قطاعا كبيرا من المهندسين لم يعجبه طريقة إدارة ضاحى للنقابة فى السنوات الماضية، سواء فى ملفات مثل العلاج والمعاشات وتوفير فرص عمل للمهندسين الجدد، وهو ما زاد من فرصة المهندس طارق النبراوى فى الفو، أملا فى تقديم خدمات أفضل. ونجد أن نتائج انتخابات رئاسة حزب الوفد، ترجع إلى الخلافات الداخلية من الحزب، على أثر اختيارات المرشحين للقوائم الانتخابية التى خاضت الانتخابات البرلمانية السابقة فى التحالف «فى حب مصر»، ونتيجة إبعاد شخصيات معينة من القوائم والدفع بأسماء أخرى، مما تسبب فى حالة غضب مكتوم داخل الوفد ضد بهاء أبوشقة. وانعكس ذلك على التصويت فى الجمعية العمومية للحزب وخسارة أبوشقة. لكن بعيدا عن فوز يمامة والنبراوى فى الانتخابات الوفد والمهندسين، ربما تبشر تلك النتائج بمرحلة جديدة من عمل المجتمع المدنى فى الفترة المقبلة تمثل «ترياق» يخرجه من سباته، ورسالة بأن المناصب لم تعد مقتصرة على أحد ويمكن أن تتحقق نتائج مختلفة عبر صناديق الاقتراع، وهو ما يمهد لمرحلة جديدة يعكسها حالة الاستقرار السياسى بعد أن تجاوزت مصر منعطفات خطرة تعرضت لها فى الفترة السابقة، مما يؤهل لفتح مزيد التحرك فى مؤسسات المجتمع المدنى فى الفترة المقبلة.
مشاركة :