استمراراً لدورها في دعم أواصر الأسرة الإماراتية والعمل على تعزيز مكانتها وأهميتها في بناء مجتمع مستقر متمسك بهويته وعاداته، تطلق إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة العديد من المبادرات والبرامج التي تعمل على تعزيز القيم والثقافة التي من شأنها تطوير منظومة التربية لبناء مؤسسة الأسرة في المجتمع، وتطوير الثقافة الزوجية الراقية لبناء أسرة مستقرة، وتمكين الأسرة وبناء الشخصية الإنسانية. ومن ضمن هذه المبادرات برنامج خطوات السعادة الأسرية، الذي انطلق منذ 3 سنوات واختتمت قبل أيام دورته الثالثة بمشاركة العديد من القائمين عليه، والطلبة والطالبات. قالت موضي بنت محمد الشامسي، مدير عام إدارة مراكز التنمية الأسرية، عن سبب التوجه لهذه الفئة العمرية من الطلبة والطالبات: نسعى لتحقيق العديد من الأهداف السامية، لتكوين نسيج أسري متماسك. وهذا النسيج يعني أن هناك أفراداً لابد أن نضعهم تحت المجهر ونهتم بهم، ولأننا نقدم المزيد من الخدمات والمبادرات للأزواج، كان علينا الاهتمام بهذه الفئة العمرية الشابة، لأنهم هم أزواج وزوجات وآباء وأمهات المستقبل، فأطلقنا برنامج خطوات السعادة الأسرية لفئة الشباب والشابات من طلبة المراحل الثانوية، لنقدم لهم بعض المعلومات والإجراءات الوقائية التي تكون لهم قائداً أو موجهاً في المستقبل لبناء أسر متماسكة وقوية. وأضافت: هذا الجيل يتعاطى مع متغيرات كبيرة وكثيرة منها أصدقاء، وتقنيات تكنولوجية جعلت من العالم قرية صغيرة، يحصل على معلوماته من جهات لا نعلم توجهها وما هدفها، ونحن في الإدارة نتصدى لهذه الجهات، و نكوّن إجراء وقائياً يدرب هذه الفئة على مواجهة الحياة، ومبادرة خطوات السعادة الأسرية، واحدة من المبادرات الموجه لفئة الشباب، وتركز على إنشاء أسرة قوية، تعلمها الحقوق والالتزام بالواجبات، والتعرف الى الأدوار داخل الأسرة كأب وزوج، ودوره كذلك كمواطن صالح، فالأسرة نواة لمجتمع نريده متماسكاً وصالحاً، وإذا لم نهتم بهذه الفئات العمرية، سنكون مقصرين تجاه الوطن. وعن تفاعل الطلبة مع المبادرة قالت مدير عام إدارة مراكز التنمية الأسرية: هذه السنة الثالثة من البرنامج والطلبة الموجودون حالياً معنا منذ الصف الأول الثانوي، ونعمل معهم بالتزامن، و كل سنة ننقل لهم خبرة جديدة، وعندما أطلقنا البرنامج، كان تقبل الفكرة متوسطاً، أما الآن فأصبح 85% تقريباً، أي أن التفاعل مع أفكارنا وأهدافنا في تزايد مستمر، ونحن لا نهدف لنقل المعلومة فقط، بل نريدهم أن يقدموها للأجيال القادمة، التي ستشارك معنا مستقبلاً، كما نريدهم أن ينقلوا المعلومة لطلبة الجامعة من خلال البرامج التي نضعها لاستهداف هذه الفئات الشابة. علاج ووقاية أعربت خولة الملا المدير التنفيذي للدائرة عن سعادتها لما وصلت اليه المبادرة من أهداف لخدمة المجتمع ككل والأسرة الإماراتية، التي تعد نواة لهذا المجتمع وقالت: نحن نعمل من خلال منهج قائم على العلاج والوقاية وهذه البرامج التوعوية من البرامج التي تغطي الجانب الوقائي الذي يهتم بالمشكلة قبل حدوثها، لذلك فنحن لم نعمل على هذه المبادرة من فراغ، فقد لاحظنا نتائج العديد من الإحصاءات والدراسات التي تؤكد أن الشباب في هذه المرحلة العمرية بحاجة ماسة لفهم المعايير الموجودة على مستوى الأسرة وقضايا المجتمع، ومن خلال القائمين على المبادرة شكلنا كل هذه الأمور لنقدم لهم خطوات السعادة الأسرية. وأضافت الملا، هذا الأمر حقق لنا هدفين، أولاً نشر الوعي وطرق الوقاية لهم كشباب في مقتبل العمر عليهم أن يحرصوا مستقبلا ألا يقعوا في الخطأ، ومع استمرار مثل هذه البرامج الهادفة والمهمة، سيقلل من عدد المشكلات التي من الممكن أن تحدث لهذا الشاب عندما يكون أباً، الجانب الآخر المهم الذي قدمته المبادرة، هو كيف يتعامل هذا الشاب مع أسرته، وكيف يلتزم بطاعة الأب والأم ويحسن لهما. وأشارت الملا إلى أن الشباب في مثل هذه السن، يحتاجون لبرامج غير نمطية أو توجيه مباشر، لكنهم يحتاجون للحوار، والنقاش، والفيلم التوعوي، والتجارب الشخصية الناجحة، وهذا كله قدمته لهم المبادرة بإتقان شديد، فظهرت البرامج جذابة، تركت أثراً في نفوسهم لأنها حققت لهم المتعة والترفيه والقيمة. ومن المكرمين لدورهم الفاعل في نجاح هذا البرنامج الاختصاصي الاجتماعي قال المتقاعد سعيد المثنى: فكرة البرنامج رائعة وجهد مشكور لأننا بهذه الطرق الفعالة المقدمة للفئة العمرية المقبلة على تكوين أسرة نجنب المجتمع مشكلات اجتماعية كبيرة، لأننا هنا بدأنا بالوقاية التي هي خير من العلاج، فقد قدم مستشارو البرنامج لهؤلاء الطلاب خبراتهم العملية والعلمية ليكسبوهم خبرة التعامل مع زوجاتهم وأولادهم وكيفية تكوين أسرة، والمعروف أنه عندما تكون طريقة التعامل صحيحة، فالناتج سيكون إن شاء الله صحيحاً وهذا ما نتمناه. وأضاف المثنى أن طرح الأفكار والمناقشة مع طلاب الصفوف الثانوية طريقة صحيحة وصحية، للوصول لعقل وقلب وفكر هؤلاء الطلاب، وهذه هي الطريقة التي اعتمد عليها الخبراء الذين شاركوا في المبادرة. ومن مدرسة معاذ بن جبل للتعليم الثانوي تحدث الاختصاصي الاجتماعي والمرشد الأكاديمي محمد عبد العزيز قائلاً: كان البرنامج هادفاً جداً من خلال تقديم العديد من القيم التي انعكست على الطلاب في حياتهم، سواء داخل أسوار المدرسة أو خارجها، أو في حياتهم الأسرية، كما دعمتهم المبادرة بكل الإيجابيات الخاصة بتكوين الأسرة الناجحة وجعلتهم يعزفون عن السلبيات التي من الممكن أن تؤثر فيهم مستقبلاً بالسلب. مبادرة مميزة الطالب عبد العزيز حميد شطاف رئيس مجلس الطلاب بمدرسة تريم عمران تريم، قال: تعلمت الكثير من هذه المبادرة المميزة التي قدمت لنا نصائح وتوجيهات مهمة بعيداً عن أسلوب المحاضرة أو النصح الحاد، حيث قدموا لنا معلومات وتجارب حية تساعدنا على بناء أسرة مستقرة، كما ساعدونا في فهم الطرق السليمة لحل المشكلات والتعامل معها. الطالبة ميثاء محمد الرئيسي من مدرسة الرفاع للتعليم الثانوي قالت: سعيدة بالمشاركة في هذه المبادرة، وأتمنى أن أشارك فيها دائماً، فقد تعلمت منها الكثير، كيف أتصرف في المواقف الصعبة، وكيف أؤسس أسرة سعيدة بعد الزواج، وكيف أتعامل مع أهلي وأقدرهم وأحسن إليهم، كذلك تعلمت من تجارب النجاح المعروضة، أنه لا يوجد شيء مستحيل ما دامت لدينا الإرادة والرغبة في النجاح. واتفقت زميلتها ريم عبد المجيد الماجدي معها، وأضافت: عرفت أسس تكوين الأسرة السعيدة التي يجب أن تقوم على التكافل والتكامل بين أفرادها، وأن كل شخص داخل هذا البناء له أدوار وحقوق وعليه واجبات، كما يجب ألا نتسلط عند ممارسة هذه الأدوار، حتى لا نتسبب في مشكلات تضر كل أعضاء الكيان الأسري الذي يشكل الخطوة الأولى لبناء المجتمع كله. وأضافت ريم أنها تعلمت أيضاً أن الرغبة في النجاح وتحقيق الأحلام والوصول لأعلى قمم الطموح، تحتاج لمزيد من الإصرار وطاعة الوالدين، والرغبة في تحقيق إنجازات يستفيد منها كل فرد في المجتمع. أما الطالب خليفة سعيد النقبي، فقال: الفوائد كثيرة ومتنوعة سواء على المستوى الشخصي أو الوطني، فمن خلال المعلومات التي تلقيناها تعلمنا كيف نحافظ على مجتمعنا وأسرنا، تعلمنا الخطوات الأولى لبناء مستقبلنا، كما استفدت كيف تكون الأسرة السعيدة، وكيف يكون البناء الأسري مستقراً. من مدرسة واسط النموذجية قالت الطالبة أبرار الجسمي: مبادرة خطوات السعادة الأسرية واحدة من البرامج المهمة لنا كبنات في المرحلة الثانوية فأهدافها الجميلة وصلت لنا بسهولة من خلال مقدميها، فقد علمتني أن يكون لي دور بين أفراد أسرتي وأن أزيد من طاعتي لأمي، أن أطور أهدافي ولا أستسلم للصعوبات والتحديات التي قد تعيقني وتقف ضد أحلامي. وأضافت تعلمت أيضاً أنني عندما أصبح زوجة وأماً، لابد أن أتعاون مع زوجي وأسانده وأقف معه جنباً إلى جنب، حتى نصبح أسرة قوية وسعيدة، وتعلمت من الفيلم التوعوي الذي عرضته لنا الإدارة، ألا أستخدم الضرب والعنف مع أولادي، لأن هذا له العديد من الآثار السلبية فيهم. أما لطيفة خميس الشيحي فقالت إنها عرفت كيف تنمي أسرتها وتحافظ على كيانها وأمن أطفالها، من دون استخدام العنف الذي يؤثر بالسلب في الأطفال، كما عرفت أنه لا يوجد شيء يسمى المستحيل. جلساتعصف ذهني حول كيفية اختيار مقدمي الدورة وبرامجها، قالت موضي بنت محمد الشامسي، مدير عام إدارة مراكز التنمية الأسرية: لأننا نريد تقديم معلومة صحيحة وفق أسس صادقة تساعد الشاب المستهدف على الفهم السليم، قبل البدء بتنفيذ المبادرة قمنا بجلسات عصف ذهني تم فيها دعوة العديد من أهل الخبرة والاختصاص في المجال الديني، الاجتماعي، الأسري، والنفسي، وتم استدعاء عدد من الطلبة وجلسنا جميعاً على طاولة الاجتماعات، لمعرفة ماذا يريد هؤلاء الشباب، لأننا لا نعتمد على الفكر الشخصي، وإنما الفكر الجماعي الذي من شأنه أن يعرفنا على كيفية الاستمرار، وبعد العصف الذهني تم ترتيب البرامج في الإدارة وتنسيقها بما يتفق مع الرسالة والأهداف التي نسعى لها. سألناها: وماذا يريدون؟ قالت: هذه الفئة ذكية جداً تعيش في عالم يشهد العديد من المتغيرات والمستجدات، وأنا لي خبرة عمل 19 عاماً في المدارس، قبل العمل في الدائرة، وبحكم هذه الخبرة أعلم أن هذا الجيل الآن بحاجة إلى استشعار قيمته كفرد في هذه السن، يريدون الإصغاء لهم، والحوار والإقناع، والشعور بقيمتهم داخل المجتمع. فوائد لا تحصى الاستفادة من البرنامج لا يمكن أن نحصيها في كلمات، فقد تعلمنا الكثير والكثير. بهذه الكلمات بدأت الطالبة شهد سالم الكعبي كلامها وأكملت: عرفت الخطوات والأسس السليمة والمطلوبة لبناء أسرة مستمرة خالية من الخلافات الهدامة، تعرفت على سبل البعد وتفادي المشكلات الأسرية التي من الممكن أن تواجهني خلال قيامي بدوري كزوجة وأم، لها دور مهم في بناء وطن سليم، فليس من الضروري أن أكون جندياً حتى أحمي بلدي، وأنا هنا لا أقلل من شأن الجنود البواسل حماة الوطن، لكن أعزز من دور المدني على أرض الدولة، فهو الآخر له دور في الحفاظ على الإمارات من خلال أداء عمله على أكمل وجه وبإخلاص وأمانة. كما تعلمت أن النجاح والطموح لا يجب أن يؤثر على أدوارنا كأفراد لديهم وظائف أسرية هامة، وأيضاً أن الأسرة لا يمكن أن تقف ضد الأحلام والطموحات إذا وصلنا للإدارة والقيادة. وأضافت صديقتها روضة إبراهيم: لدينا الكثير من المعلومات التي تربينا عليها، لكن برنامج خطوات السعادة، شكل لنا إضافة مهمة لن نحصل عليها بهذه الطريقة المبسطة سوى من إدارة التنمية الأسرية، فمنهم تعلمنا أن الأسرة هي أساس المجتمع، وحتى يكون هذا المجتمع مستقراً لابد أن نضمن النجاح والاستقرار لأسرتنا، كما استفدت بشكل كبير من عرض نماذج النجاح التي شكلت لنا دافعاً وحافزاً مهماً على دخول مجال الأعمال وتحدي الصعاب.
مشاركة :