كتب- إبراهيم بدوي وقنا: يصل فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا الشقيقة إلى الدوحة اليوم في زيارة رسمية للبلاد تستغرق يومين. وسيعقد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وأخوه فخامة الرئيس التركي غدًا الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العُليا القطرية - التركية والذي سيبحث خلاله الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى استعراض تطوّرات الأوضاع في المنطقة. وسيعقب الاجتماع التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين حكومتي البلدين، منها ما يتعلق بالمجال الاقتصادي والتجاري والتعليمي. ويدشن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انطلاقة جديدة لمستوى العلاقات الراسخة والمتنامية بين الدوحة وأنقرة وتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين الصديقين. وتبرز أهمية زيارة الرئيس التركي في محورين أساسيين، أولهما انعقاد الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العليا على مستوى قيادتي البلدين والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية والاستثمارية. والمحور الثاني يدور حول البعد الإقليمي والدولي للزيارة بمناقشة الجانبين للعديد من المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وما تستعر به منطقتنا والعالم من قضايا ساخنة تتصدرها الأزمة السورية والحرب على الإرهاب. تهيمن اجتماعات اللجنة الاستراتيجية العليا بين قيادتي البلدين ووزراء الحكومتين على فعاليات الزيارة وتضيف زخما كبيرا للعلاقات حيث إنه من المقرر أن يصل فخامة الرئيس أردوغان اليوم على رأس وفد رفيع المستوى، يضم وزراء الداخلية والتعليم والمالية والبيئة والدفاع والمواصلات والنقل والثقافة والسياحة والاقتصاد. وسيتم توقيع عدد من الاتفاقيات الهامة في قطاعات الأمن والاقتصاد والمالية والصرافة والتعليم والإعلام والبحث العلمي وغيرها من المجالات التي من شأنها ترسيخ وتنويع علاقات التعاون المشترك. وترفع الزيارة ونتائجها المتوقعة مستوى العلاقات القطرية التركية إلى آفاق واعدة وترسخ من قاعدتها القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة وتقارب الرؤى ووجهات النظر. وتشهد علاقات الدوحة وأنقرة تناميا ملحوظا وازدهارا كبيرا في السنوات الأخيرة يتجسد في عدد الزيارات المتبادلة على مستوى قيادتي البلدين حتى أصبحت بحسب السفير التركي في الدوحة أحمد ديمروك لـ الراية: "زيارات اعتيادية لا ترتبط بمواعيد محددة في ظل التقارب الكبير والعلاقات القوية بين البلدين" واصفا العلاقات في أكثر من مناسبة بأنها متميزة وتزداد نموًا في كافة المجالات ذات التعاون المشترك. الإطلالة الأولى جاءت الإطلالة الأولى للجنة الاستراتيجية العليا في ديسمبر العام الماضي خلال زيارة سمو الأمير إلى تركيا وتوقيعه مع فخامة الرئيس أردوغان على مذكرة تفاهم، تم بموجبها إنشاء اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، وعلى اتفاقية تعاون عسكري تتعلق بمجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية وتمركز القوات المسلحة. كما جاءت قطر في طليعة الدول التي زارها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد توليه الرئاسة في أغسطس 2014 حيث زار الدوحة في سبتمبر من نفس العام مؤكدا أن قطر وتركيا تقودان "حملة اقتصادية وتنموية مهمة على مستوى المنطقة وأن رؤية تركيا وقطر للمسائل الإقليميّة تتقاطع بشكل كبير، وأن علاقتهما الثنائية شهدت تطورا كبيرا للغاية في السنوات الأخيرة، كما أنها آخذة في الازدياد" . وأكد أردوغان على اهتمام بلاده بأعمال البنية التحتية والفوقية الخاصة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022 حيث تبلغ الاستثمارات التركية في قطر 15 مليار دولار. تفعيل الشراكة وشهدت الدوحة تفعيلا عمليا للشراكة والتعاون الدفاعي بين البلدين عندما استضافت معرض الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة التركية أكتوبر الماضي بمركز قطر للمؤتمرات وأيضا منتدى الأعمال بمشاركة كوكبة من رجال الأعمال من الجانبين وتمخض المعرض عن العديد من الصفقات الناجحة التي تعزز الشراكة بين البلدين والإعلان عن تسليم القوارب التركية فائقة السرعة المتعاقد عليها لقوات خفر السواحل القطرية العام المقبل. وشكل هذا التعاون بعدًا آخر في علاقات البلدين بالاهتمام بالصناعات الدفاعية، والتدريب المشترك ما يعزّز العلاقات القوية بينهما في هذا الصدد. توافق الرؤى يرى مراقبون أن العلاقات القطرية التركية تعيش أفضل حالاتها منذ فترة طويلة في ظل تقارب لافت في وجهات النظر بين الجانبين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية. ويبرز التوافق القطري التركي وتطابق وجهات النظر في تناولهما للعديد من القضايا المحورية في المنطقة والعالم وفي مقدمتها القضية السورية. ومن المتوقع أن تحظى القضية السورية بجانب كبير من محادثات الجانبين أثناء الزيارة. وتتفق الدوحة وأنقرة في ضرورة البحث عن حل سياسي لإنهاء معاناة الشعب السوري مع رفض أي دور للرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا في ظل مسؤوليته عن قتل وتشريد الملايين من أبناء شعبه. تطورات متلاحقة. وتأتي الزيارة في ظل تطورات متلاحقة خاصة بالأزمة التركية الروسية على إثر اختراق طائرة مقاتلة روسية للمجال الجوي التركي وإسقاطها من جانب تركيا وكان الموقف القطري واضحا على لسان سعادة وزير الخارجية الدكتور خالد العطية في مؤتمر مشترك مع نظيره الإيطالي بالدوحة أمس الأول بأن العلاقات القديمة التي تربط تركيا وروسيا تعزز قدرة البلدين على تجاوز الأزمة عبر القنوات السياسية والدبلوماسية. كما يدعم الجانبان قضية الشعب الفلسطيني في كافة المنابر الدولية ويسلطان الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، والحروب على قطاع غزة المحاصر، ومشاركتهما في مشروعات إعادة الإعمار بالقطاع فضلا عن دعمهما لطموحات شعوب الربيع العربي نحو الحرية والديمقراطية. كما تتفق الرؤى القطرية التركية على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وأن الحل الحاسم لهذه الأزمة يكمن في علاج أسباب التطرف من فقر وبطالة وقهر واستبداد. آفاق واعدة العلاقات الاقتصادية بين البلدين آخذة في النمو خاصة في مجالي الطاقة والاستثمار، والذي يشمل شراء تركيا الغاز القطري واستثمار قطر في مشاريع بتركيا. ومن بين الاستثمارات القطرية في تركيا مشروع طريق بين إسطنبول وأنقرة سيخفض مدة السفر بين المدينتين ساعة وعشر دقائق. وتستثمر قطر في مشروع أفيشن بستان المقدرة قيمته بنحو 12 مليار دولار. هذا إضافة إلى اتفاقية بين البلدين تقضي باستيراد 1.2 مليار متر مكعب من الغاز المسال القطري. ويتزايد حجم التبادل التجاري بين البلدين بصورة متسارعة إلا أنه يبقى دون طموحات وإمكانيات الجانبين. ووصل حجم التبادل عام 2013 إلى 1.3 مليار دولار وهو رقم لا يعكس مستوى العلاقات المتميزة بين أنقرة والدوحة. وينتظر الجانبين مستقبل واعد بعد انطلاقة اجتماعات اللجنة الاسترتيجية العليا المشتركة والتي من شأنها فتح آفاق أرحب للتعاون والاستثمار والمشترك خاصة في قطاعات السياحة والنقل والطاقة والبنوك. وبحسب السفير ديميروك فإن الاستثمارات القطرية في تركيا في تزايد متنام وهناك حرص تركي شديد على جذب المزيد من الاستثمارات القطرية التي تبرز في مجال البنية التحتية والعقارات والطاقة فيما يبلغ حجم الاستثمارات القطرية المباشرة في تركيا خلال الفترة من 2010 وحتى 2014 حوالي 930 مليون دولار في قطاعات متعددة. ويعمل في السوق القطري حوالى 60 شركة تركية تتركز غالبا في قطاعات البناء والمقاولات. التعاون الثقافي ذكرت السفارة التركية انه من المقرر أن يفتتح فخامة الرئيس أردوغان المركز الثقافي التركي في الدوحة أثناء الزيارة. وتحرص قطر وتركيا على إثراء وتنويع علاقتهما فلا تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية ولكنها تمتد إلى كافة أشكال التعاون. وشهد العام الجاري انطلاقة العام الثقافي قطر تركيا 2015 وذلك ضمن مبادرة الأعوام الثقافية التي تتبناها دولة قطر بهدف تعزيز العلاقات والروابط بين قطر والدول الأخرى. وتعد الثقافة أحد أهم أذرع القوة الناعمة لدى البلدين والتي من شأنها إرساء أرضية مشتركة تدفع نحو مزيد من التعاون الثقافي والسياحي والاقتصادي بينهما. كما تلعب الثقافة الإسلامية التي تربط البلدين دورا كبيرا في تعزيز التعاون بينهما وتحقيق المزيد من التقارب من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية المشتركة. وشهد العام الثقافي تقديم مجموعة متنوعة من المعارض والمهرجانات والمسابقات والفعاليات التي تعزز التفاهم المتبادل، والاعتراف والتقدير بين البلدين كما ساهمت بشكل كبير في تعزيز الأواصر المتينة بين البلدين، وهو ما عبر عنه سعادة السفير ديميروك في احتفال السفارة التركية بالدوحة بعيد الاستقلال مؤخرا بأن تركيا وقطر لديهما روابط متميزة، تستمد قوتها من علاقات تاريخية وثقافية مشتركة، مؤكدا أن الزيارات التاريخية المتكررة للقادة والمسؤولين رفيعي المستوى في البلدين تبقي العلاقات قوية وأكثر اتساعًا.
مشاركة :