القاهرة ترفع الفائدة لكبح التضخم وحماية الاحتياطي النقدي

  • 3/22/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كرر البنك المركزي المصري سيناريو 2016 المؤلم الذي تزامن مع تدشين برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي وقرر الاثنين خفض سعر الجنيه مقابل الدولار، لكن من دون أن يعلن ذلك صراحة هذه المرة. واعتبر محللون أن هذه الخطوة هي محاولة لامتصاص الصدمة على شريحة كبيرة من المواطنين والتي تشعر بتوابع سلبية لهذا النوع من القرارات. وعبّر المركزي عن مصطلح تحرير سعر الصرف المعروف بـ”التعويم” في بيانه عقب اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية بعبارة مطاطة للتقليل من الصدمة المجتمعية المتوقعة، حيث قال إنه “يؤمن بأهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر”. خالد الشافعي: رفع أسعار الفائدة يعد قرارا مفاجئا للأسواق المحلية وارتفع سعر الدولار في البنوك المصرية ليسجل مستوى 17.4 جنيها للشراء و17.5 جنيها للبيع، من مستويات 15.64 جنيها و15.74 جنيها في اليوم السابق. وحدد المركزي سعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 10.25 في المئة وسعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 9.25 في المئة، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 9.75 في المئة. ويشير التعجيل بهذه القرارات في الاجتماع الذي كان مقررا عقده الخميس المقبل إلى أن الأوضاع لم تعد تتحمل المزيد من التأجيل، خاصة أن العديد من الخبراء توقعوا حدوث خفض للجنيه وأكدوا أن قيمته عند التداول خلال الفترة الماضية لا تتناسب مع قيمته الحقيقية. وأوضحت لجنة السياسة النقدية في المركزي أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية الناتج عن المزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد وزيادة الشعور بالابتعاد عن المخاطرة ضاعف من الضغوط التضخمية المحلية والاختلالات الخارجية. وأشارت إلى أن هذا الوضع يستوجب تعاملا حاسما لاستيعاب التقلبات ومحاولة الحفاظ على المسار الإيجابي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة منذ ستة أعوام. ويعد رفع أسعار الفائدة الحالي الأول منذ 16 شهرا، وهي خطوة يراها خبراء ضرورية لكبح جماح التضخم الذي أدت إليه تداعيات الحرب في أوكرانيا إلى أعلى مستوى في السنوات الثلاث الماضية. وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير لأكثر من عام، مثبتا سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 8.25 و9.25 في المئة على الترتيب، منذ أن خفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في نوفمبر 2020. وحاولت وسائل إعلام مصرية قريبة من الحكومة شرح الخطوة التي أقدم عليها المركزي وتصويرها على أنها جزء من تطورات عالمية لا علاقة للحكومة بها، في إشارة إلى تمرير الخطوة الجديدة بلا هزات مجتمعية، خاصة أن تخفيض سعر الجنيه يمكن أن يؤدي إلى الزيادة في الأسعار، وربما صعوبة كبح جماحها. سيد عويضي: ارتفاع الأسعار مستمر مع تداعيات الأزمة الأوكرانية وقال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي لـ”العرب” إن “الضغوط التضخمية المتصاعدة دفعت إلى إسراع البنك في عكس سياسته النقدية”، معتبرا القرار مفاجئا وسوف يعمق من ارتفاع الأسعار مع قرب شهر رمضان الذي يزداد فيه استهلاك المصريين. وارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته في فبراير الماضي مدفوعا بتسارع أسعار المواد الغذائية المحلية التي وصلت إلى مستويات لم تشهدها منذ 2018. وسجل معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية 8.8 في المئة الشهر الماضي مقارنة مع 7.3 في المئة قبل شهر، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو 2019، فيما تصاعد معدل التضخم الأساسي بأسرع وتيرة له منذ مايو 2019، فيما يستهدف المركزي معدلا يبلغ 7 في المئة. لكن تسارع التوترات العالمية مع رد الفعل الفوضوي لأسعار العديد من السلع يعيق تحقيق أهداف المركزي للتضخم والذي يواجه ضغوطا متنوعة معظمها خارجة عن سيطرته، ولذلك قرر تشديد سياسته لمنع زيادة حدة التدهور. وتوقع بنك الاستثمار برايم ارتفاع التضخم إلى 9 في المئة في 2022، من 8.3 في المئة وبالتالي يتوقع أن يرفع المركزي الفائدة مرة أخرى بمقدار 2 إلى 3 في المئة على الأقل قبل نهاية هذا العام. وعلى غرار ما حدث قبل خمس سنوات، أصدرت البنوك الحكومية مثل الأهلي ومصر شهادات ادخار بسعر فائدة يبلغ 18 في المئة شهريًا مع الاحتفاظ بمعدل عائد ثابت طول مدة الاحتفاظ بالشهادة التي تبلغ مدتها العام، وذلك تشجيعا للإقبال على الجنيه والخوف من الضغط المتواصل على الدولار بصورة أكبر. وتميزت مصر حتى وقت قريب بأعلى أسعار في الفائدة المعدلة حسب التضخم في العالم، وهي ميزة ساعدتها على جذب تدفقات كبيرة بالدولار من المحافظ الاستثمارية إلى سوق السندات المحلية. إلا أنه وبسبب التضخم المتزايد انخفض سعر الفائدة الحقيقي في مصر تم تسجيل خروج نحو ثلاثة مليارات دولار من السوق المحلية خلال الأيام الماضية. Thumbnail ويراهن المركزي على نجاح عملية تجارة الفائدة، وهي مهمة أساسية حاليا لدعم صافي الاحتياطيات النقدية من خلال رفع العائد على السندات وأذون الخزانة التي يستثمر فيها قطاع كبير من الأجانب. وتوقع المحلل الاقتصادي سيد عويضي أن يتواصل ارتفاع التضخم في الأشهر المقبلة مع استمرار الأزمة العالمية التي ولدتها الحرب في أوكرانيا، واستمرار تعطيل إمدادات الغذاء وارتفاع أسعار النفط. وقال في تصريح لـ”العرب” إنه “من المنتظر أن يبلغ معدل التضخم في المتوسط 11.5 في المئة خلال هذا العام، وهذا يعني زيادات أخرى في أسعار العديد من السلع، خاصة أن العديد منها يتم استيراده من الخارج”. ويواكب المركزي المصري الأوضاع المالية العالمية التي تواصل التشديد، حيث انضم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى العشرات من البنوك المركزية الأخرى في رفع أسعار الفائدة منذ أيام ليبدأ دورته التشديدية برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وزادت خمس دول خليجية باستثناء سلطنة عمان مؤخرا أسعار الفائدة بما يتماشى مع التحولات الجارية في العالم، لكن هذه الدول لا تتأثر كثيرا لأن فوائضها من الموارد النفطية والغازية تمكنها من التكيف مع موجات التغير الراهنة. وأشار خبراء إلى أن خطة المركزي المصري يشوبها القصور لكبح التضخم ومنعه من الانفلات، إذ تعتمد البلاد على أكثر من 60 في المئة لتلبية احتياجاتها ومنتجاتها الصناعية والخدمية من الخارج، ما يفاقم من الأوضاع التضخمية، وقد تسود موجة ارتفاع أسعار الاستهلاك لفترة طويلة وهو ما يخشاه المواطنون حاليا.

مشاركة :