في كل مناسبة دولية أو حتى محلية تدعو وزارة الإعلام وبعض الجهات الحكومية وفوداً وصحافيين من شرق العالم وغربه، لحضور فعاليات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو تعليمية والمشاركة فيها أو تغطيتها إعلامياً لحساب وسائل إعلام أجنبية. ويحلّ هؤلاء الزوار من الإعلاميين أو المثقفين الأجانب على بلادنا محمّلين بصور نمطية فرضها الإعلام الغربي أو إعلام بلادهم الخاضع لإيديولوجيا أو رأسمال معين، فغدت ذاكرة هؤلاء الصحافيين - وبعضهم يعد مؤثراً في وسائل الإعلام الدولية أو يمتلك صوتاً مسموعاً لقادة الرأي والسياسة في بلده - تشوبها أفكار مغلوطة وتشويش كبير وارتباك واضح، ونتيجة لهذه المحصّلة نسمع ونقرأ عن هجوم هنا وهناك على المملكة في وسائل الإعلام، إذ يُسهم شح المعلومات في الاجتهاد أو ربما التقصّد في إلحاق الأذى بسمعة المملكة. لا شك أن هناك آلة إعلامية كبيرة مهمتها الإساءة إلى المملكة بوصفها رمزاً عروبياً وإسلامياً، ولأهداف سياسية أو اقتصادية يقوم العاملون على تلك الآلة بعقد ورش عمل وندوات، ويتم إفساح المجال في الصحافة وباقي وسائل الإعلام لصحافيين لم يزوروا المملكة قط للانتقاد وربما الإساءة، ويجادل هؤلاء بأنه لا يمكنهم زيارة المملكة، أو أن الأمر غير متاح. من هنا يجب أن نقيس الإيجابيات والسلبيات من قيام صحفي أو مثقف بزيارة المملكة، وعلينا أن نسأل: هل لدينا ما نخفيه؟ نملك الكثير من الإنجازات على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي وتجربة تنموية ناجحة نفخر بها كثيراً، ساعدت في تصحيح مفاهيم لإعلاميين تفاجأوا بما رأوا وشاهدوا في المملكة من صور بدّدت توهّمات كثيرة كانت مسيطرة على تفكيرهم. هناك نظام في كل الدول لزيارة الصحافيين والمثقفين والمهتمين والباحثين، بحيث يكون دخولهم نظامياً وواضحاً، وخلال تلك الزيارات تُطرح أسئلة جريئة وعميقة ونقدية، وأخرى سخيفة وساذجة يسألها الصحافيون والمثقفون الأجانب الذين وقعوا تحت تأثير معرفي مغلوط.. فالانتقاد هو جزء من شخصية الصحافة الغربية، كما أن الغرب حتى على مستوى المسؤولين في حكوماتهم يقيّمون علاقاتهم مع الدول في ضوء مبادئهم وثقافتهم وسياساتهم الغربية، وبالتالي فنحن لسنا ملزمين في نهاية الأمر بالتماهي معهم أو مسايرتهم؛ بل توضيح ثوابتنا وقوانيننا وثقافتنا التي يجهلها جزء معتبر منهم. إن تبديد حالة الغموض التي تحفّز الفضول الصحفي فتجعله مصراً على متابعة كل ما يرد من المملكة، والتقصّي عنه، وتبنّي بعض القضايا وتضخيمها، يمكن معالجته من خلال إطلاعهم على تفاصيل القصة أو حتى مبادرتهم بتلك التفاصيل.. لا ننسى أن هناك من يحاول تزويد أطراف إعلامية أجنبية بوثائق وبيانات وقصص ملفقة لأهداف مشبوهة، ولا شك أن بعض الإعلاميين والكتاب الغربيين لديهم مواقف سلبية من المملكة، وهذا شأنهم، لكن التعامل بشفافية مع استفساراتهم أقصر الطرق لإسكاتهم. لقد ساهم بعض الكتاب الغربيين وحتى العرب في إثراء أدبيات نشأة المملكة وتبيين مواقفها السياسية، وصحيفة مثل "نيويورك تايمز" أوردت خبراً عن المملكة من سبعين كلمة عن فتح الرياض قبل أكثر من مئة عام، فقد فتح الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن منذ وقت مبكر أبواب ديوانه السياسي لصحافيين أجانب كتبوا عن المملكة وأصبحت بعض كتبهم مراجع لتلك الحقبة التاريخية. إن بلداً مهماً ومحورياً مثل المملكة يفتح شهية الصحافيين من أجل سبر أغواره والتقاط أخباره وتلقّف الإشاعات حوله، وعلينا أن نستعد لكل الاحتمالات.
مشاركة :