«أيام الشارقة التراثية» تعزِّز مفهوم الثقافة الشعبية

  • 3/23/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تستمر فعاليات أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ19 في استقبال زوارها من محبي التراث والراغبين في التعرف والاطلاع على الموروث الثقافي والشعبي على الصعيدين المحلي والعربي وكذلك العالمي، من خلال باقة من الأنشطة والعروض والأجنحة والجلسات الثقافية المتوزعة في جميع مواقع ساحة التراث في قلب الشارقة الذي ينبض بالألق والحركة النشطة على مدار أيام المهرجان.وكما عودت الجمهور في كل عام، تشارك القيادة العامة لشرطة الشارقة بدور أساسي في إنجاح المهرجان وإثراء شراكتها مع معهد الشارقة للتراث في سبيل تحقيق أهداف أيام الشارقة التراثية في صون التراث وحفظ الهوية، ومن خلال العديد من الفعاليات والعروض المختلفة. وقال المساعد أول عبداللطيف القاضي من إدارة الإعلام والعلاقات العامة بشرطة الشارقة، تحرص القيادة العامة لشرطة الشارقة على حضورها الفاعل في الأيام في مختلف دوراتها ومنذ انطلاقها عام 2003، حيث تأتي مشاركة هذا العام تلبية لتوجيهات سعادة اللواء سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، من خلال وجود جناح أو ركن للشرطة في جميع مواقع فعاليات الأيام سواء في الشارقة أو المنطقة الوسطى أو المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى توفير العناصر الشرطية اللازمة لحفظ الأمن وتسهيل مرور المركبات وحركة الوصول وسواها من الاحتياجات الأمنية الرامية لتحقيق أعلى مستويات النظام وبتعاون مثالي فيما بين الإدارات المعنية في شرطة الشارقة. ويتميز الجناح المشارك في ساحة التراث بقلب الشارقة بعرض شاشة للجمهور تعمل بتقنية الواقع الافتراضي وتنقل بزاوية 360 درجة كل محتويات ومكونات متحف الشرطة الواقع بمنطقة ميسلون، وهي فكرة جديدة ومبتكرة تمكن الجمهور من مشاهدة المتحف والتجول فيه والاطلاع على أقسامه ومقتنياته المختلفة، وهو ما يتوافق في الوقت ذاته مع الإجراءات الاحترازية المتخذة للتعامل مع «كوفيد-19». ويتمتع الزوار بفرصة الاطلاع في ساحة التراث على نماذج من المدافع التي طالما زخر بها تاريخ الإمارة ومن ذلك مدفع الشارقة والذي يحمل شعار شرطة الشارقة بعدما أُعد للعرض عام 2010، ومدفع رمضان، فضلاً عن عرض جانب من المقتنيات الخاصة بحكومة الشارقة، بالإضافة إلى عرض السيارة الخاصة لأول قائد عام لشرطة الشارقة وتعود لستينيات القرن الماضي. كما تُعرض أول واجهة أمنية لشرطة الشارقة لتوثيق تطور آلياتها ومبانيها وخدماتها المختلفة منذ إنشائها وحتى الآن. ويمكن للجمهور اقتناء وشراء المنتجات اليدوية التراثية والفنية لنزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية والتي تُصنع داخل المؤسسة، ومنها المندوس والكراسي المناسبة للحدائق وبأحجام مختلفة. وتثري شرطة الشارقة المسابقات الثقافية والتراثية التي يشهدها المهرجان بإجراء مسابقة يومية تفاعلية وتوعوية تحاكي واقع تطور الإمارات وإمارة الشارقة خلال 50 عاماً الماضية وتقدم جوائز نقدية بقيمة ألف درهم مساء كل يوم طوال فترة الأيام. فيما توزَّع 2200 هدية مختلفة على الزوار احتفالاً بعدد من الأيام السنوية المحلية والعالمية مثل يوم الطفل الإماراتي ويوم الأم والاحتفال بليلة النصف من شعبان، في جناح بنت المطر للأطفال واليافعين، كما تشارك شخصية الشرطي الصغير في تقديم ورش تدريبية وتوعوية والتقاط الصور التذكارية الجميلة مع الأطفال. وضمن البرامج الأكاديمية والتعليمية التي يستضيفها البيت الغربي بشكل يومي، قدم الدكتور محمد حسن عبدالحافظ المدير الأكاديمي في المعهد في رؤاه الاستشرافية وخبراته العلمية والعملية حول كيفية الاستلهام الفني للثقافة الشعبية في الفنون الحديثة، حيث تطرق بداية لمفهومي التراث والمأثور الذين يندرجان تحت مظلة مفهوم أوسع هو الثقافة الشعبية، باعتبار الأول عنصراً منقطعاً عن التداول والممارسة، بينما المأثور فهو عناصر قائمة قيد التداول حالياً. كما استعرض المحاضر مفهوم الاستلهام من ناحية لغوية واصطلاحية من خلال استعانة الفنان للنشاط الإنساني النوعي واستعادته للثقافة الشعبية أو أحد أجناسها وعناصرها لبناء نص أو عمل فني بمختلف صوره، لافتاً إلى أن الاستلهام يمكن أن يكون من خلال 3 طرائق أساسية، هي الاستدعاء من خلال القراءة أو التذكر أو المعايشة، وأكد أن الطريقة الأخيرة هي الأعمق والأفضل فيما بين الطرق الـ 3 كونها تثمر أعمالاً فنية حديثة. وقدم المحاضر أحد النماذج للتجارب الناجحة في تقديم أعمال فنية ذات قيمة جمالية عالية استلهمت الثقافة الشعبية استلهاماً أكثر عمقاً منها، ومنها تجربة زكريا الحجاوي في منتصف القرن الماضي في مصر، والذي أنتج عبر الإذاعة أعمالاً موسيقية وغنائية وأدائية ذات مستوى رفيع. وسرد تجارب متعددة في العالم العربي في استلهام الثقافة الشعبية كالسيرة الهلالية في مصر وتونس وسوريا، وخلص إلى أن عملية الاستلهام موضوع محوري في المستقبل لاستدامة التراث الشعبي والتواصل مع عناصره التي يمكن أن تشكل قيماً فنية رائعة في الأعمال الجمالية الحديثة وتوجد سمات وطنية خاصة بثقافتنا العربية للعام كإسهام في الفنون الإنسانية الحديثة. نظم المقهى الثقافي جلستين نقاشيتين، الأولى حول «فخاري النزلة ومشروع أفراع النزلة»، استضافت الباحث والدكتور أحمد عادل، وأدارها الأستاذ محمد حمدان من إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث، والجلسة الثانية حول «المشاريع الثقافية الفردية والمؤسسية ودورها في رسم مستقبل التراث»، وتحدث فيها الدكتور مصطفى جاد، عميد المعهد العالي للفنون الشعبية في مصر، الدكتورة علياء شكري الخبيرة في مجال التراث، الدكتور أحمد ميلود، رئيس قسم التاريخ والحضارة في جامعة نواكشوط العصرية، وأدارها الدكتور مني بونعامة مدير المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث. في الجلسة الأولى قدم الدكتور أحمد عادل نبذة عن منطقة النزلة في مصر، والتي اشتهرت بحرفة صناعة الفخار، مستفيدة من موقعها الجغرافي المائي والطمي المستخرج منه في صناعة الفخار والأفران وهو تاريخ يمتد إلى الحضارة المصرية القديمة، وعرض المحاضر صورًا توضيحية لصناعة الفخار هناك. وتحدث مصطفى جاد حول «مستقبل التراث الشعبي في العالم العربي»، معتبراً بأن التراث العربي غزير ومتنوع وهو يتأثر بكل شيء ولكن لا يموت، ويحمل بين طياته كنوزاً مهمة ينبغي استنطاقها والبحث فيها وتعزيز وجودها. وأكد ضرورة إيجاد آلية للتواصل بين المؤسسات التراثية، والاهتمام بنتائج المؤتمرات والندوات والتوصيات التي تقدمها، واستحداث محتوى رقمي معروف لرفد الباحثين بكل ما يحتاجونه عن هذا التراث، وأيضاً تعزيز التواصل مع الأجيال الجديدة. ورأت علياء شكري أن التراث لا بد من إسناده ودعمه برؤية وفكر صحيحين، وبالاستفادة من الطفرة الحالية في ممارسات الجمع والبحث التراثي، مع تعزيز ذلك بجهود حفظ التراث. وتحدث الدكتور أحمد مولود عن المشاريع الثقافية ودورها في رسم مستقبل التراث، وإثرائها بأفكار مبتكرة قادرة على إعادة صياغة التراث، يزاوج الصناعات الإبداعية مع مخرجات البحث العلمي لتسهم في رسم ملامح التراث، وعليه تقوم مقاربة التراث والمستقبل على إعادة تشكيل التراث والمحافظة على روحه التي تشكل الهوية. واستضاف مركز التراث العربي، ورشة مهمة ألقت الضوء على ملف «استهلاك طبق الكسكسي المشترك بين الجزائر وموريتانيا»، شارك فيها الخبراء في التراث ويزا فللازا، عبدالسلام أمرير، زهية بن عبدالله، وسيد أحمد عبدالقادر. شهد المقهى الثقافي مراسم توقيع كتاب «درب مليحة» من تأليف الكاتب البحريني إبراهيم سند وإخراج المصمم والرسام البحريني ياسر الحمد، ومن إصدارات معهد الشارقة للتراث. وهو عبارة عن قصة مصورة للأطفال من 7 سنوات وما فوق، وقد استلهمت تفاصيل هذه القصة الجميلة من وحي الرحلة التي تم تنظيمها لزيارة «كثبان مليحة» بالشارقة في الدولة في 19 فبراير 2020 بمناسبة انعقاد خلوة الكتابة الإبداعية في الفترة من 15 إلى 25 فبراير من العام نفسه بالشارقة، والتي نظمتها مبادرة «1001 عنوان» بالتعاون مع الشارقة عاصمة عالمية للكتاب وبرعاية جائزة اتصالات لكتاب الطفل. ويحكي الكتاب قصة الصديقين سيف وصقر في نزهة ليلية اكتمل قمرها بين كثبان صحراء مليحة، يغوصان معاً في سرد حواري مليء بالخيالات والتساؤلات والإجابات حول الكون والأرض والسماء بنجومها وأقمارها، ليتواصل سيل الأسئلة مع نزول الرجل الجبار قادماً من «درب اللبانة» الذي يضم مليارات النجوم. ويرحلان معه في بحر التساؤلات مرة أخرى حول المجموعات الشمسية والجاذبية وفرص وجود الحياة في الكواكب الأخرى، لتستكمل القصة تفاصيلها مع أحداث مفاجئة تنمي لدى الطفل معاني الطموح إلى الأفضل والتسامح مع الآخرين والإيجابية في النظر إلى الأمور والتأمل في هذه الحياة.

مشاركة :