دعوات لإنقاذ الأرض في مؤتمر المناخ بباريس وبوادر خلافات

  • 12/1/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دعا رؤساء الدول من العالم أجمع أمس الإثنين (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) إلى تحرك عاجل لمكافحة الاحتباس الحراري وإنقاذ الأرض، لكن خطوط التصدع بين دول الشمال والجنوب عادت للظهور أثناء أكبر قمة تنظمها الأمم المتحدة في باريس في اليوم الأول لمؤتمر المناخ. وعند افتتاح هذا المؤتمر الاستثنائي وقف 150 من قادة العالم في طليعتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيراه الفرنسي فرنسوا هولاند والصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي دقيقة صمت تكريماً لضحاياً الاعتداءات الأخيرة في عدد من الدول من بينها فرنسا. وشدد هولاند من على منصة المؤتمر المنعقد في لوبورجيه بشمال باريس على أن محاربة الإرهاب ومكافحة التغير المناخي «تحديان كبيران عالميان يتوجب علينا التصدي لهما». وتابع «مسئوليتنا (إزاء أولادنا) أن نحافظ على كوكب محمي من الكوارث»، مضيفاً أن المؤتمر الحالي هو «أمل كبير لا يحق لنا أن نخيبه... علينا أن نقرر هنا في باريس مستقبل الكرة الأرضية». والهدف من المؤتمر الذي يستمر حتى 11 ديسمبر/ كانون الأول إعداد أول اتفاق عالمي تلتزم بموجبه الأسرة الدولية تقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة لاحتواء حرارة الأرض وحدها بدرجتين مئويتين قياساً إلى الحقبة التي سبقت الثورة الصناعية. ورحبت مسئولة المناخ في الأمم المتحدة كريستيانا فيغيرس في تغريدة «بأكبر تجمع لرؤساء الدول تحت سقف واحد وفي اليوم نفسه». ودعا رئيس الولايات المتحدة التي تعد ثاني ملوث في العالم بعد الصين، نظراءه إلى «أن يكونوا على مستوى التحدي» والعمل منذ الآن من أجل ضمان مستقبل البشرية. ورفض أوباما مقولة أن مكافحة التغير المناخي ستضر بالاقتصاد قائلاً «لقد أثبتنا أنه لم يعد هناك تعارض بين النمو الاقتصادي القوي وحماية البيئة. لقد حطمنا الحجج القديمة بعدم التحرك. ينبغي أن يعطينا هذا بعض الأمل»، مستعيداً قول مارتن لوثر كينغ بأنه يأتي دائماً وقت «يصبح التحرك فيه متأخراً جداً» وقال إن مثل هذه اللحظة باتت قريبة بالنسبة للمناخ. خطوط حمراء وتناوب على المنصة جميع القادة المكلفين إعطاء دفع سياسي للمفاوضات، وأكدوا مجدداً أهمية مكافحة ارتفاع حرارة الأرض. فأعلنت الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف تدابير لإعادة التشجير، فيما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «اتفاق ملزم ومنصف». وناشد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون المؤتمر عدم الاكتفاء باتخاذ «أنصاف تدابير» وقال متوجهاً إلى قادة العالم «لا يمكنكم السماح لأنفسكم بالتردد واتخاذ أنصاف تدابير. إن التاريخ يناديكم، وأناشدكم التلبية بشجاعة ورؤية». ودعا رؤساء الكاميرون بول بيا، ونيجيريا محمد بخاري، والنيجر محمد يوسفو، وتشاد إدريس ديبي أتنو إلى «انقاذ بحيرة تشاد» الآيلة إلى الجفاف محذرين من خطر الهجرة المتزايدة إلى أوروبا. وقد تقلصت مساحدة البحيرة «من 25000 كيلومتر مربع في 1960 إلى 2500 كلم مربع اليوم» بحسب الرئيس التشادي، وهذا الانحسار قلص الإنتاج الزراعي وصيد الأسماك وأرغم السكان على النزوح. ولفت أيضاً إلى أن بحيرة تشاد أصبحت «معقلاً لإرهابيي جماعة بوكو»، فيما حذر رئيس نيجيريا من أن انعدام الموارد والأمن قد يدفع السكان إلى محاولة عبور الصحراء والبحر المتوسط للوصول إلى أوروبا. كذلك حذر الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو في خطابه أمام المؤتمر من «خطر كارثة بيئية» في شرق أوكرانيا التي تشهد نزاعاً دامياً بين القوات الحكومية والمتمردين الموالين لروسيا منذ أبريل/ نيسان 2014. ويتوقع أن تكون المفاوضات شاقة لأن جميع البلدان وضعت «خطوطاً حمراء». فضلاً عن ذلك، لم تتأخر الخلافات بالظهور بين الدول الصناعية والدول الناشئة والنامية. وكذلك التبعات المالية المترتبة عليها. ونبه الرئيس الصيني، شي جينبينغ إلى أن على البلدان المتطورة «أن تفي بالتزاماتها» لتمويل السياسات المناخية في الجنوب. وقال رئيس الوزراء الهندي، نارندرا مودي في مقالة نشرتها «فايننشل تايمز» إن على البلدان المتطورة «أن تضطلع بمسئوليات أكبر» كما يتوجب أن يسمح للبلدان النامية بـ «التطور». وشهدت نهاية الاسبوع الماضي العديد من المسيرات في العالم شارك فيها مئات آلاف المتظاهرين للمطالبة بـ «اتفاق قوي حول المناخ»، لكن تخللتها صدامات في باريس أسفرت عن أكثر من 300 عملية توقيف. ويشارك في المؤتمر عشرة آلاف مندوب ومراقب وصحافي ليكون بذلك أكبر مؤتمر للأمم المتحدة حول المناخ يضم أكبر عدد من قادة الدول خارج الجمعية العامة السنوية للمنظمة الدولية، وأكبر تجمع دبلوماسي في تاريخ فرنسا. وبات مثبتاً أن حرارة الأرض تزداد ارتفاعاً بسبب الغازات الناتجة من احتراق مصادر الطاقة الإحفورية وجراء بعض أساليب الإنتاج الزراعي وقطع عدد قياسي من الأشجار. ومن باكستان إلى جزر المحيط الهادئ، ومن كاليفورنيا إلى كروم فرنسا، ينعكس اختلال المناخ بشكل كبير على مناطق بكاملها متسبباً بموجات قيظ وجفاف وتراجع السواحل أمام ارتفاع مستوى مياه البحار وتآكل الشعب المرجانية نتيجة ارتفاع نسبة الحموضة في المحيطات. ويخشى العلماء إذا ارتفعت حرارة الارض بمعدل يتجاوز درجتين مئويتين أن يؤدي ذلك إلى حصول أعاصير بشكل متكرر وتراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع مياه البحار لتغمر مناطق مثل نيويورك (الولايات المتحدة) ومومبي (الهند). وتحضيراً لمؤتمر باريس، عرض قادة 184 بلداً من أصل 195 خططهم لخفض الانبعاثات وهي مشاركة كاد أن يفقد الأمل بحصولها ورغم ذلك لا يزال ارتفاع الحرارة يسير نحو زيادة بثلاث درجات مئوية. وشهد الإثنين أيضا العديد من اللقاءات الثنائية التي تتناول مواضيع أخرى غير المناخ، مثل لقاء أوباما وبوتين.

مشاركة :