جاء إقرار مجلس الوزراء للنظام الجديد للأحوال الشخصية، متزامنًا مع ما شهدته المملكة من إصلاحات وتطور كبير في النظم العدلية والتي تأتي بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين -أيده الله-، ورؤية سمو ولي العهد 2030، حيث عملت على محور رئيس ومحدد ألا وهو الإنسان السعودي، وهو ما أدى إلى تغييرات جذرية على الساحة العدلية والقانونية في المملكة، من ناحية جودة الخدمات وسرعة الوصول لها وإنجازها بأسرع وقت ممكن. فقد تناول النظام عدة نقاط نحاول التطرق لها بشكل تفصيلي ومنها: تحديد السن الأدنى للزواج بـ18 عاماً، فقد رأينا أحداثًا مأساوية بسبب انخفاض سن الزواج سابقاً، وما كانت تعاني منه الفتيات صغيرات السن من إجبراهن على الزواج دون أن يعرفن ماهية الزواج ولا يستطعن تحمل تباعته نفسياً وجسدياً، كما أن الشاب قبل هذا السن في أغلب الأحوال سيكون في قمة الطيش وعدم القدرة على تحمل المسؤولية خاصة إذا رزق في بداية الزواج بطفل. كما يمنح النظام الجديد المرأة الحق الكامل في فسخ عقد الزواج من جانب واحد في عدد من الحالات، ويمكنها من توثيق الطلاق، حتى في حالة عدم موافقة الزوج، وهذا البند ينهي مشكلات عديدة كانت تتعرض لها المرأة خاصة في حالة استحالة العشرة مع الزوج الذي قد يكون لديه صفات لا يمكن للزوجة تحملها، وهناك العديد من الحالات التي تم عرضها في كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ورأينا ماذا يحدث عندما تستحيل العشرة بين الطرفين من جرائم قتل وانتحار وخيانات زوجية وغيرها. كما يشدد القانون على ضرورة مراعاة مصلحة الحفاظ على كيان الأسرة في حساب عدد الطلقات، وهذا البند هو بالفعل من البنود الشرعية التي تعظم من شأن الرابط المقدس بين الزوجين، حيث إن بعض الرجال ينطقون بيمين الطلاق بصورة مبالغ فيها، مما يؤثر على كيان الأسرة ويعرضها للدمار الشامل ويجعل الطرفين للأسف يعيشون مع أبنائهم في مستنقع الحرام دون أن يشعرا بذلك لجرأة الزوج على إطلاق يمين الطلاق دون حسيب أو رقيب. من ناحية أخرى يحافظ النظام على حقوق الأبناء في حالة الطلاق والانفصال بين الزوجين، وهذا البند يؤكد على حق المرأة في نفقة زوجها عليها بغض النظر عن حالتها المادية، وإعمال الطرق الحديثة في ما يتعلق بإثبات النسب، ومراعاة الحفاظ على كيان مصلحة الأسرة، والإلزام بتوثيق الوقائع المتعلقة بالأحوال الشخصية ومنها الطلاق والرجعة، وحفظ حقوق الأولاد كالحضانة ومنع المساومة بشيء منها بين الزوجين عند الفراق، وهذا بهدف الحفاظ على استقرار الأسرة باعتبارها المكون الأساسي للمجتمع، وضبط السلطة التقديرية للقضاء، بما يعزز استقرار الأحكام القضائية، ويحد من الاختلاف في الأحكام، بالإضافة إلى تأطير العلاقات بين أفراد الأسرة وحماية حقوقهم، وتسريع الفصل في المنازعات الأسرية. أخيرًا.. وبعد استعراض أهم الجوانب والنقاط للنظام الجديد للأحوال الشخصية، نجد أنه يمثل نقلة نوعية شاملة في منظومة التشريعات العدلية بالمملكة، من جانب ضمان وحماية وصيانة حقوق الإنسان واستقرار الأسرة وتمكين المرأة وتعزيز الحقوق المكفولة في الشريعة الإسلامية، وأننا لنؤكد على أن هذا النظام يرتكز على الأنظمة الأربعة التي مصدرها الأساسي والرئيس الشريعة الإسلامية الغراء مع مواكبة التطورات المعاصرة، والتغيرات المستمرة في جميع مناحي الحياة.
مشاركة :