شكل إعلان البنك المركزي السوداني أنه سيدخل في سوق الصرف لضبط إيقاعه دليلا ضمنيا بحسب الخبراء على مدى التحديات التي تعترض السلطات النقدية من أجل تخفيف الأزمة المالية الحادة. وكشفت مصادر في القطاع المصرفي أن المركزي سيضخ مبالغ من النقد الأجنبي في البنوك خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة لمواجهة الطلب على الدولار ولضمان إزالة الاختلالات والتغيرات غير المرغوب فيها وإعادة الاستقرار إلى السوق. ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى مصادر لم تكشف عن هويتها قولها إن “البنك المركزي تلقى مؤخرا ودائع من الإمارات والسعودية”. ولم يفصح المركزي عن كميات النقد التي سيقوم بضخها في القطاع المصرفي ولا عن حجم الودائع التي تلقاها من البلدين الخليجيين، لكنه أشار إلى أن البنوك لن تغطي طلبات التجار والمستوردين لسداد الديون القائمة. سيتم ضخ سيولة إضافية في السوق خلال ثلاثة أسابيع لمواجهة الطلب المتنامي على الدولار وتكشف الخطوة عن مدى القلق المسيطر على الأوساط الاقتصادية والشعبية من انفلات الأوضاع بشكل أكبر مما هي عليه مع تضاؤل هوامش تحرك الحكومة لإصلاح الخراب خاصة بعدما فاقمت الأزمة الروسية – الأوكرانية من مخاطر تضرر اقتصاد البلاد أكثر. ويعاني السودان أصلا حتى مع وجود دعم دولي وعربي لإنقاذ اقتصاده من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي إلى جانب تدهور مستمر في عملته التي أثرت على معيشة الناس كون الرواتب لم تعد تكفي لمواجهة مصاعب المعيشة. وكانت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية قد أصدرت في وقت سابق هذا الشهر قرارات لمعالجة الأزمات التي تواجه البلاد وتحسين أوضاع المواطنين، من بينها توحيد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بعد أسابيع من تراجع قيمة العملة المحلية في السوق السوداء. ويأتي قرار التوحيد بعد تراجع كبير في سعر صرف الجنيه حتى وصل عند 570 جنيها بداية هذا الشهر مقارنة بنحو 375 جنيها في فبراير العام الماضي. ومنذ تعويم الجنيه قبل عام يقوم المركزي بطرح مزادات للدولار كل أسبوع بهدف تخفيف الضغوط على سعر صرف العملة المحلية التي انحدرت إلى مستويات قياسية. وكان المركزي يهدف من خلال خفض قيمة العملة المحلية في ذلك الوقت إلى ضبط سوق الصرف في ظل بروز مساع جادة لتجاوز أزمة اقتصادية مُعقدة والحصول على إعفاء دولي من الديون. وأدى تحرير سعر صرف الجنيه الذي جاء في إطار سلسلة من الإصلاحات نفذتها حكومة انتقالية مدنية تحت إشراف صندوق النقد الدولي إلى استقرار في سعر الصرف طيلة أشهر. ولكن الاقتصاد تعرض لضغوط جديدة منذ أكتوبر الماضي بعدما عزلت القيادة العسكرية حكومة عبدالله حمدوك، وعلق المقرضون الدوليون الكثير من المساعدات للبلد. وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن ما يصل إلى 9.8 مليون شخص قد يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في 2022 بزيادة بنحو الثلث عن العام الماضي نتيجة ارتفاع الأسعار فضلا عن مشاكل الحصاد والصراع في بعض المناطق.
مشاركة :