فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقاً جديداً مع شركة أنسون فندز Anson Funds الكندية، والتي تدير صندوق تحوط يغرد منفرداً خارج سرب القطاع من حيث نسبة العائد المحققة خلال الأعوام الأربعة الماضية. ورغم عوائد الصندوق الضخمة التي تتجاوز حجمه في القطاع الذي يسيطر عليه الكثير من أباطرة الأموال، إلا أن نصيبها في الخلافات يتوازن مع هذا الحجم. وأثارت الشركة التي أسسها معز قسام البالغ من العمر 41 عاماً، الكثير من الجدل بسبب رهاناتها المتضاربة على الأسهم، ما دفع وزارة العدل الأميركية لفتح تحقيق في ممارسات الشركة، فضلاً عن تاريخها المليء بعمليات التقاضي والاتهامات بالتلاعب، إذ يتم فحص التكتيكات التي تستخدمها في عمليات البيع على المكشوف. وفي قائمة طويلة لمديري الأموال ومحللي الأسهم والذين ظهرت أسماؤهم في ما يتعلق بالتحقيق الأميركي، تبرز أنسون أمام محققي وول ستريت كواحدة من أقل الشركات شهرة. ولكن في مشهد الاستثمار في تورنتو، كانت صورة قسام آخذة في الكبر، وتكتسب الشركة التي يديرها منذ العام 2007 المزيد من الزخم. حققت الشركة، التي تمتلك أكثر من 3 أضعاف الأصول الخاضعة لإدارتها بما يتجاوز 1.5 مليار دولار، نتائج مبهرة في السنوات الأربع الماضية. إذ أنها في كل عام من العامين الماضيين، حققت عائدات بلغت حوالي 45% - مما رفع متوسط مكاسبها السنوية منذ إنشائها إلى ما يقرب من 16% - وتمثل هذه النسبة أكثر من 3 أضعاف العائد السنوي المعتاد الذي تحققه صناديق التحوط طويلة المدى خلال تلك الفترة، وفقاً لمؤشرات صناديق التحوط من بلومبرغ، والذي اطلعت عليه "العربية.نت". وفي حين أن أنسون تقدم نفسها كشركة متحفظة نسبياً طويلة الأمد، يعزو البعض أداءها القوي إلى استراتيجيات الاستثمار "العدوانية" التي ثبت أنها مثيرة للجدل من الناحية القانونية. كما تم توجيه اتهامات للشركة أو حتى مقاضاتها 5 مرات على الأقل بسبب مجموعة متنوعة من الادعاءات حول تورطها في تلاعبات - وهي ادعاءات أنكرتها أنسون بشدة - ويشمل المدعون الشركات التي تراهن عليها، ومساهما في الشركة ومحلل أسهم في مجال البيع على المكشوف انتقل من التعاون مع Anson إلى مهاجمتها. ويعتقد المسؤولون التنفيذيون في أنسون أن الشركة تجتذب انتقادات كبيرة لأنها من بين عدد قليل نسبياً من صناديق التحوط في كندا التي تلجأ لعمليات البيع على المكشوف، وهو ما قادها إلى التركيز على الرهانات الطويلة بدلاً من ذلك، وفقاً لمصادر "بلومبرغ". بيع القنب على المكشوف تتخذ الشركة مركز عملياتها من تورنتو في كندا، ويرجع السبب إلى المزايا القانونية للتعامل في كندا، إذ أن بعض العمليات التي يتم اعتبارها غير قانونية في وول ستريت، تعد طبيعية في كندا ولا تجرم الشركات على فعلها. وبينما تسمح كندا أيضاً بتداول وزراعة القنب "الحشيش"، فقد تشكلت فقاعة أسهم في كندا حيث قام المستثمرون بتقديم عروض شراء لأسهم مرتبطة بصناعة القنب الوليدة. مع إحجام البنوك عن تقديم الكثير من الدعم للقطاع، إلا أن شركة أنسون كانت من بين مديري الأموال الذين ساعدوا الشركات الناشئة في جمع الأموال، وفي الوقت نفسه كانت تضع رهانات ضدهم. ورغم مساعدتها للشركات في جمع التمويل والرهان في الوقت نفسه على تراجع أسهمها، إلا أنها كانت تشارك أيضاً في الطروحات في عروض الأسهم الثانوية - المبيعات التي غالباً ما تؤدي إلى انخفاض الأسعار - وفقاً لتقرير لصحيفة The Globe and Mail في العام 2019. من جانبه، قال محامي الأوراق المالية في تورنتو، بول ديفيس، إن اللوائح الكندية أكثر مرونة من تلك الموجودة في الولايات المتحدة، مما يسهل على المستثمرين استخدام الأسهم المخصومة بشكل قانوني من مثل هذا العرض لإنهاء - أو "تغطية" - المبيعات القصيرة في وقت مبكر. وأضاف ديفيس أنه لا يزال يتعين على المستثمرين التأكد من أن رهاناتهم ضد الأسهم لا تستند إلى معلومات غير عامة حول عرض وشيك. وقال: "إذا كنت تعلم أن هناك تمويلاً قادماً وبعد ذلك راهنت على تراجع الأسهم - ثم عرفت أنك ستشارك في تمويل ثانوي - فهذا يثير العديد من القضايا". الخلافات البحثية على الجانب الآخر، تمت مقاضاة أنسون لنوع مختلف من الرهان الهبوطي في العام 2015. واتهمت شركة Nobilis Health Corp الشركة بشن "هجوم قصير" بناءً على معلومات خاطئة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة نوبيليس في ذلك الوقت، كريس لويد، إنه التقى شخصياً بممثلي أنسون الذين أعربوا عن اهتمامهم بالاستثمار، وفقاً لسجلات المحكمة، وبعد عدة أشهر، تم انتقاد نوبيليس في منشور مدونة مكتوب تحت اسم رمزي تم ربطه في النهاية بمدير محفظة في أنسون، اسمه صني بوري. وفي المحكمة، دافعت أنسون عن مقال بوري، قائلاً إنه يستند إلى معلومات عامة ومناقشات مع الإدارة. إلا أن القضية خاملة منذ العام 2017، مما يشير إلى أن النزاع قد تم حله. وأصبح نشر الأبحاث الهبوطية أكثر خطورة في السنوات الأخيرة، حيث تقوم الشركات بمحاكمة المحللين الذي يقدمون تقارير تنتقدهم. ورداً على ذلك، أقامت بعض صناديق التحوط علاقات من وراء الكواليس مع باحثين من أطراف ثالثة بمقابل مالي. ووفقاً لمصادر بلومبرغ، فقد عملت أنسون بشكل خاص مع العديد من الباحثين الذين تم البحث عن اتصالاتهم من قبل المحققين الأميركيين، ومن بينهم أندرو ليفت من Citron وبن أكسلر من Spruce Point، وكلاهما رفض التعليق. ولم يُتهم أي منهما بارتكاب مخالفات في التحقيق. فضيحة العلاقات المشبوهة قبل بضع سنوات، رفعت أنسون دعوى قضائية ضد روبرت دوكساتور، متهمة الحليف السابق بالتشهير، إذ زعمت أنه كان وراء سلسلة من المنشورات عبر الإنترنت التي تهاجم استراتيجيات التداول الخاصة بصندوق التحوط. فيما نفى دوكساتور ذلك قائلاً: "الصندوق مدين له لإعطائه معلومات أولية عن تقرير هبوطي لشركة جنرال إلكتريك في العام 2019. وفي 15 أغسطس من ذلك العام، نشر محقق السوق الشهير هاري ماركوبولوس بحثاً عن التكتل الذي تسبب في انخفاض سعر السهم". وفي سجلات المحكمة، قالت أنسون إنها تلقت مذكرة بحثية من دوكساتور عن جنرال إلكتريك في ذلك الوقت تقريباً والتي راهنت خلالها على أن السهم سينخفض. وفيما قدر دوكساتور أن الصفقات حققت أرباحاً بملايين الدولارات، وقال إن قسام وعد بدفع 15% من أي عائدات، وفقاً لسجلات المحكمة، أخبر قسام المحكمة أنه ودوكساتور كانا على اتصال عبر واتساب أثناء الرهانات وأنهما جنيا ما يزيد قليلاً عن 121000 دولار. وهذا يعني أن اقتطاع الباحث بنسبة 15% سيصل إلى 18000 دولار.
مشاركة :