مركز الأراضي الرطبة تثقيف وترفيه

  • 12/2/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لن تقتصر المحميات على وجود الحيوانات، بل سنسعى جاهدين لتتضمن جزءاً تعليمياً وآخر إرشادياً من خلال ما سيقام بها من مراكز تعليمية وبحثية وخدمية، بل سيكون للزراعة أيضاً نصيب فيها، وذلك لإرجاع بعض النباتات التي بدأت أعدادها تنحسر للتكاثر والنمو في بيئاتها الأصلية. تلك هي فلسفة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهكذا كان حديث سموه منذ أعوام عندما كان يشارك مجموعة من الشباب والشابات في إمارة الشارقة في تشجير وغرس الشتلات في عدد من جبال منطقة وادي الحلو التابعة للإمارة، تلك الكلمات التي تذكرتها جيداً ما إن بدأت أخطو خطواتي الأولى في أرض محمية واسط وتحديداً مركز واسط للأراضي الرطبة والكائن في قلب المحمية، والذي يعتبر الأول من نوعه للبيئات الرطبة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. وافتتحه سموه أخيراً. جولة لا محالة تجد نفسك وقد رحلت من خلالها إلي عالم مختلف وغامض تحاول جاهداً أن تفك طلاسمه وتفسر لغات أصحابه، فتضبط نفسك متلبساً بحلم الطيران بجناحين لعلك ترفرف بحرية مطلاً على عالمك من أعالي السماء، جولة لا أملك سوى أن أصحبك فيها معي عبر كل ما هو طبيعي في عاصمة السياحة العربية لعلنا ننسى الكثير من الهموم والأعباء. تلك هي الشارقة تستطيع أن تشم ما بين أجوائها رائحة كل ما هو قديم، وأصيل وبعيد، ولا تملك سوى أن تفتح عينيك وتحدق منبهراً في كل ما هو معاصر وحديث بمذاق تراثي عميق. تري ماذا تخفي لي تلك القباب التي تناطح السماء ؟ سؤال سألته لنفسي كثيراً طوال الطريق إلي محمية واسط،خاصة ما إن بدأت سيارتي تأخذ منحنى آخر عبر ذاك المتجه إلى مطار الشارقة، هنا تمتزج الحضارة المعاصرة بعبق الماضي البعيد، لتجمع ما بين كل ما هو متقدم ومنتمٍ إلى عالم التكنولوجيا وكل ما هو قديم وتراثي ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة بل ومحافظاً عليها. على بعد خطوات ليست بعيدة من مطار الشارقة الدولي تقابلني تلك البوابة الضخمة التي ما إن وقعت عيني عليها إلا وأحسست بأن هناك رهبة ما تسري في جسدي وإحساساً بأنني قد ألتقي المجهول وجهاً لوجه، أو أنني ربما أدخل عبر بوابة الزمن الذي يعود بي إلى الوراء لأرى نفسي وقد عشت في الغابات والأدغال، إحساس أفقت منه على صوت عائشة المدفع مسؤولة مركز الأراضي الرطبة التي كانت في انتظاري واستقبلتني بوجه هادئ مبتسم لأبدأ معها جولتي في مركز واسط للأراضي الرطبة في قلب محمية واسط التي تعد من أهم المحميات الطبيعية في الإمارات. منذ اللحظة الأولى التي تدخل فيها من بوابة المركز تشعر بأنك قد دخلت إلى صرح من الصروح التعليمية والتثقيفية وليست ترفيهية فحسب، فعندما تنظر إلى أرض ردهة الاستعلامات تفاجأ بلوحة ضخمة تحمل أسماء وصور كل أنواع الطيور التي يمكن أن تلتقي معها وجهاً لوجه في قلب المركز، لم يجعلني أرفع عيني من تلك اللوحة المرسومة بفن سوى صوت عائشة قائلاً: مركز واسط للأراضي الرطبة الذي نقف علي عتبته الآن يضم مباني حديثة مزودة بتقنيات مبتكرة تتيح للزوار التعرف أكثر على الطيور المتواجدة فيه. صمتت مرافقتي وتحركت بخطى مسرعة وإذا بنا ندخل إلي تلك الردهة الطويلة التي تتضمن غرفاً زجاجية تخطف قلبك وبصرك فتلهو مشاعرك على أعتابها، خاصة عندما تتأمل تلك البيئات المختلفة التي تنوعت لتلائم بيئات الطيور، فها هي بيئة الوديان التي تتميز بجبالها الشاهقة وأوديتها المتعرجة، وأخرى شاطئية تطل عليك بنهرها وبحيراتها الصناعية وشجيراتها التي اصطفت علي الجانبين، إحساس يقودك إلي حالة من حالات التأمل وربما الانعزال عن بيئة بني جنسك للتوحد مع ذوي الأجنحة الملونة فلا تجد إلا نفسك مستسلمة لتلك الأصوات المتناغمة الصادرة من مناقيرها الصغيرة، حتماً لقد دخلت إلى عالم آخر، قد تتصور أنك ذهبت إلى أدغال كينيا أو غابات الأمازون بأشجارها الخضراء الكثيفة ولكن سرعان ما تعود لتعرف أنك على أرض إمارة الشارقة التي نجح مركز واسط للأراضي الرطبة في ان يجعلك تشعر بأنك في مكان آخر، وقد يكون صوت عائشة مرافقتي قد ساهم كثيراً في أن يجعلني أفيق من حالتي عندما تحدثت قائلة: بدأ العمل على تطوير المركز في عام 2013، حيث قامت هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة بتطويره لتجعله مقصداً للزوار والراغبين في التعرف اكثر على الحياة البرية في الإمارات،ويعد مسكناً لحوالي 60 نوعاً من الطيور التي تعيش في الأراضي الرطبة، ويتوفر فيه عدة مراكز علمية متخصصة في الحفاظ على الحياة البرية، بما فيها مركز لإكثار الطيور واستدامتها والحفاظ عليها من الانقراض. - وعن أنواع الطيور في المركز أجابتني عائشة -:لدينا عدد لا بأس به من الطيور النادرة مثل: أبو منجل الأصلع الشمالي، وأبو منجل اللامع، والزقزاق السرطاني، والبلشون الرمادي، والعصفور الذهبي العربي، إلى جانب البط الرخامي، وهو الوحيد في المنطقة الذي يعاني من التهديد، والدجاج السلطاني الأورجواني، والبجع وردي الظهر، والنحام الكبير. استوقفت مرافقتي أمام بعض من اللوحات التعليمية التي تم وضعها مقابل بعض الغرف الزجاجية لأنواع بعينها من الطيور وقبل أن أسأل أجابتني: تم تزويد المركز بالعديد من المرافق الترفيهية والألعاب التفاعلية المخصصة للأطفال بهدف إثراء معلوماتهم، إلى جانب أقفاص يوجد بها ستة أنواع من الطيور تم ترتيبها حسب بيئتها الطبيعية المفضلة، وهي: طيور الوادي، والمسطحات الطينية، والسبخات، والمناطق التشجيرية، وأحواض القصب، والأنهار. عائشة المدفع: هدفنا الحفاظ عليها من الانقراض عائشة المدفع مسؤولة مركز الأراضي الرطبة ترى أن الخوف على الطيور من الانقراض هو الهدف الرئيسي للمركز - والكلام على لسان عائشة- تكمن أهمية المكان في أنه يضم مرافق علمية عالمية للعناية بالطيور تضمن الحفاظ عليها من الانقراض، وتحتوي على معلومات ولوحات تفصيلية عن موطن الطيور الأصلي وطريقة هجرتها. ومن هنا فإن مركز واسط للأراضي الرطبة يهدف إلى التعلم وعرض عدد من أنواع الطيور النادرة وتلك التي تعيش في بيئات شبه الجزيرة العربية بطريقة مميزة. ويقوم المركز بدور فعال في حماية الطيور الشاطئية سواء كانت تلك الطيور مقيمة أو مهاجرة. ويقوم بعدة أدوار مهمة، بما فيها المحافظة على البيئة الطبيعية، ورفع مستوى الوعي في الحياة البرية بدولة الإمارات العربية المتحدة. كما يقوم أيضاً بإعادة تأهيل الطيور وتعزيز تكاثرها في الأسر 8 مخابئ الحديث عن محمية واسط يطول ولكن علينا أن نتعرف على نبذة مختصرة عنها وهي تلك التي تأسست في عام 2007 بموجب المرسوم الأميري رقم 7 لسنة 2007 الصادر عن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة بشأن إنشائها في إمارة الشارقة، وتبلغ مساحتها الإجمالية 4.5 كيلو متر مربع بتنوع بيئي حيوي، وتتضمن كثباناً رملية ساحلية وتكلسات مِلحية تربط بين البرك والبحيرة الكبيرة المفتوحة على الجزيرة، حيث تعتبر مسكناً لعدد من الطيور التي تعيش عادة في الأراضي الرطبة. وقد كان من المستحيل أن أكون على أرضها ولا أتجول بين أشجارها الكثيفة، لذا استأذنت من مرافقتي ما إن انهينا جولتنا في مركز واسط للأراضي الرطبة أن نطل إطلالة سريعة علي المحمية فلم أجد سوي الود والترحيب ومركبة من المركبات الصديقة للبيئة التي تعمل بالطاقة الكهربائية في انتظارنا لنذهب معها في جولة ممتعة بين الأشجار الكثيفة لنرى بأعيننا الطيور وهي تمارس حياتها الطبيعية، جولة لا شك أنها ساعدتني في التعرّف على أبرز معالم المحمية وأنواع الطيور والحيوانات التي تعيش فيها. والأهم والأجمل هو الفرصة العبقرية التي أتاحتها لنا تلك الجولة في التعرف والاطلاع على مخابئ الطيور الثمانية الموجودة داخل محمية واسط الطبيعية.

مشاركة :