تخسر جنوب أفريقيا بعض الثروات المتاحة، من طفرة أسعار السلع، حيث تعرقل شبكة السكك الحديدية التي تكتنفها المشاكل، صادرات البلاد. في حين ارتفعت أسعار الفحم خلال الآونة الأخيرة، إلى مستوى قياسي، وارتفع خام الحديد تاريخياً، تضطر شركات التعدين لتخزين الإمدادات، حيث تئن شبكة السكك الحديدية التابعة لشركة "ترانزنت" ( Transnet Ltd) المملوكة للدولة، تحت وطأة مشاكل، بما في ذلك سرقة الكابلات والأعطال، والتي تفاقمت خلال سنوات من الفساد. قالت إحدى المجموعات الصناعية، إنه خلال العام الماضي وحده، تمت خسارة ما يزيد عن ملياري دولار من الصادرات المحتملة للفحم وخام الحديد والكروم. وتعتبر خطوط " ترانزنت " ضرورية لنقل السلع الأساسية - التي ارتفعت بشكل أكبر في ظل استمرار الحرب بأوكرانيا - من المناجم إلى الموانئ. ومع تزايد الأرباح المفقودة لشركات التعدين، يزداد إحباط المديرين التنفيذيين بسبب عمليات الفشل التي تواجه السكك الحديدية. لقد أصبح الأمر بمثابة "صداع" لدرجة أن شركة "ثونغيلا ريسورسز" (Thungela Resources Ltd)، وهي أكبر شركة شحن للفحم الحراري في جنوب أفريقيا، تدرس شراء الأصول في الخارج لتقليل تواجدها على الساحة المحلية. قال الرئيس التنفيذي للشركة جولاي إندلوفو: "جنوب أفريقيا تخسر المال، نحن نخسر المال كصناعة ونحن كشركة نخسر المال.. ليس من المنطقي بالنسبة لنا تركيز مخاطرنا على البنية التحتية نفسها التي كلفتنا كثيراً". تشتمل شبكة "ترانزنت" التي يبلغ طولها 31 ألف كيلومتر (19260 ميلاً) على طريق ينقل خام الحديد عالي الجودة من منجم "سيشن" العملاق التابع لـ "كومبا أيرون أور" ( Kumba Iron Ore Ltd) في منطقة كيب شمالي البلاد إلى الساحل الغربي، ومن منجم بحقول الفحم الشاسعة في مبومالانجا إلى الساحل الشرقي. تشمل الشركات التي تستخدم الشبكة أيضاً "إكسارو ريسورسز" (Exxaro Resources Ltd) و "غلينكور" ( Glencore Plc). ويتم استهداف الشبكة بشكل متزايد من جانب اللصوص الذين يسرقون الكابلات، ما يعطل العمليات. لقد عانت الشبكة من نقص في القاطرات، في ظل شُبهات حول تخريب البنية التحتية، كما تضم قائمة المشاكل التي تؤثر على السكك الحديدية، كثرة موجات الجراد، وسوء الأحوال الجوية. سوء الإدارة تعد شركة "ترانزنت" من بين الشركات الحكومية التي تم تخريبها بسبب سوء الإدارة في عهد الرئيس السابق جاكوب زوما. وقالت الشركة إنها لجأت إلى قاطرات الشحن العامة لنقل بعض الفحم، بعد أن تأثر جزء من أسطولها المصمم خصيصاً لنقل الوقود، بسبب نقص قطع الغيار. يرجع ذلك جزئياً إلى تعليق عقود الموردين في أعقاب تفشي الفساد الحكومي. قالت منظمة "استشارات التعدين في جنوب أفريقيا" (the Minerals Council South Africa) إن شركات الفحم وخام الحديد والكروم خسرت حوالي 35 مليار راند (2.4 مليار دولار) العام الماضي بسبب عدم وصول كميات متعاقد عليها إلى الموانئ. حتى مع ارتفاع أسعار الفحم، والطلب عليه في عام 2021 عقب أزمة الطاقة، انخفضت كميات الوقود التي تنقلها "ترانزنت" إلى أدنى مستوى لها في 13 عاماً، وفقاً لشركة "ثونغيلا ريسورسز" التابعة لـ "أنغلو أمريكان". وقال المدير المالي ديون سميث إن الشركة المنتجة من بين تلك الشركات التي تقوم بعمليات تخزين الفحم. بلغ إجمالي مخزونات خام الحديد لدى "كومبا" (Kumba) 6.1 مليون طن اعتباراً من ديسمبر، بزيادة حوالي الربع عن العام السابق. وقالت المتحدثة باسم " كومبا" سينا فوشانا إن الشركة ستحافظ على مستويات مخزون مماثلة هذا العام بسبب تحديات السكك الحديدية. تحسين الكفاءة نقلت الشركة 39.3 مليون طن على شبكة السكك الحديدية العام الماضي، لكنها تريد زيادة الإنتاج للاستفادة الكاملة من طاقتها السنوية للسكك الحديدية التي ينبغي أن تكون 44 مليون طن. وبحسب الرئيس التنفيذي مارك كوتيفاني فإن "كومبا" التابعة لشركة "أنغلو أمريكان"، منفتحة على استكشاف طرق لمساعدة "ترانزنت" في النقل بشكل أكبر. وأوضح في مقابلة في جوهانسبرغ: "إذا كان هذا يعني أننا بحاجة إلى تقديم مساهمة رأسمالية أو شريك بطريقة ما، فنحن منفتحون جداً على هذا الاحتمال"، أضاف رداً على أسئلة "بلومبرغ" إن تحسين الكفاءة هو "جوهر" خطط التعافي الخاصة لدى "ترانزنت". حددت الشركة مجالات للتعاون مع العملاء، ويعتبر أحد المجالات الرئيسية هو إعطاء الأولوية للاستثمار نحو النمو في التدفقات ذات الهامش المرتفع مثل السلع الأساسية. وسيصبح الأمر أكثر أهمية إذا أدت تداعيات حرب أوكرانيا إلى ارتفاع الطلب على الإمدادات من جنوب أفريقيا وارتفاع الأسعار. وأكدت منظمة "استشارات التعدين" أنه بدون إيلاء اهتمام عاجل، "تتخلى صناعة التعدين والخزانة والشركات المشغلة للسكك الحديدية والموانئ مرة أخرى عن أي فائدة أو ربح من أسعار السلع الأساسية، بسبب عدم تصدير المعادن حسب القدرات العليا لجنوب أفريقيا".
مشاركة :