ما يُعرف بداهة في قديم الزمان وحديثه، وفي كل البلدان من أيام التاريخ المنظور، أن المنافع العامة من سبل ومعابر وأماكن تجمع كالمدارس وحتى المقابر، لا تتوصل إليها أيادي عامة الناس، ولا خاصتهم، ولا سلطاتهم الرسمية. كان الحاكم الإداري لمنطفة ما من مناطق بلادنا لديه صلاحيات محدودة فيما يخص توزيع الاراضي السكنية خارج منطقة العمران، والتي كانت محكومة برأي الناس وأهل النظر من الأهالي. ومن عادة الحاكم أنه إذا طلب محتاج أرضا فوّض رجلا من رجاله وخرج من المستدعي بعد استمزاج أهل النظر، بألا تكون في "شعيب" أو "وادي" أو في مجرى منفعة يتضرر منها جار. وبالنسبة لعملية المساحة والأطوال يقوم رجال الحاكم بحذف حجر مستعملا أقصى ما لديه من قوة وقدرة عضلية، فإذا وقف الحجر كان هذا طول الأرض. ثم يقف ويعمل ذات الشيء عرضا. ويأخذ بالمنحة ورقة من الحاكم. ولو تتبع أحدنا المكاتبات القديمة التى كوّنت صكوك وحجج تملك الأراضي سيجد أن أكثر مدننا وقرانا جاءت هكذا. الملفت أن في تلك التوزيعات من الدقة والضبط ما يُثير الإعجاب. فسيلاحظ المتتبع أنها تجنّبت مجاري الأودية والشعاب. ومن هنا تقل العرقلات المرورية (الحالية) وتجمّع المياه، ودخول المياه إلى المساجد والمدارس والحوانيت كما هو جار حاليا. يذكرون عن أحد الأفاضل – وكان يتبرّع بحسم المنازعات في الأراضي. تقدّم له خصمان بينهما نزاع على حدود مزارعهما. فقال ذلك الفاضل: فيه لكم شريك ثالث. ولننتظر حتى يأتي. وانتظر المتخاصمان حتى سالت الأودية، فبعث إليهما ذلك الشيخ بأن يحضرا. وذهب معهما إلى الموقع فإذا السيل قد حدد المجرى (ذا النفع العام) وقال لكل منهما هذه حدود مزرعتك وتلك حدود مزرعة خصمك، أما المساحة التى مرّ بها السيل فهي ملك المنفعة العامة. فخطط الرجلان ملكيتهما على ذلك الأساس. * عذوبة الشعر وما الذي يهمّني إن"قام زيدٌ" أو قعدْ أو إن ذهبت ماشيا أو راكبا نحو البلدْ أو أن يكون الاسم "يُبنى" أو يكن هذا يُهد. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :