قطر تذيب الجليد مع مصر بحزمة من الاستثمارات القاهرة - حصلت العلاقات المصرية – القطرية على دفعة مادية يمكن أن تؤدي إلى المزيد من تقريب المسافات السياسية بعد فترة من المراوحة، حيث وجدت القاهرة في الدوحة داعما لها في ظل ظروف اقتصادية بالغة الحساسية. وأعلن مجلس الوزراء المصري أنه تم الاتفاق مع قطر على مجموعة من الاستثمارات والشراكات في مصر بإجمالي خمسة مليارات دولار. وجاء الإعلان عن الاتفاق عقب اجتماع جرى بين رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ووزير المالية القطري علي بن أحمد الكواري اللذين يزوران القاهرة. ولم يورد البيان المصري تفاصيل الاستثمارات والشراكات المعلن عنها وتوقيت ضخها، لكن ذكر أنها تتعلق بالفترة المقبلة ما يعني أن المسألة في حاجة إلى ترتيبات بين الجانبين. وتواجه القاهرة ضغوطا مالية قاسية مرتبطة بتداعيات الحرب في أوكرانيا التي رفعت من تكلفة وارداتها الكبيرة من القمح وأضرت بالسياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا، وجعلتها تتجه نحو صندوق النقد الدولي لدراسة قرض ثالث جديد. ويشير اتجاه القاهرة إلى الدوحة لطلب المساعدة الاقتصادية إلى أن الهوة السياسية بين البلدين بدأت في الانحسار، فمنذ أن اتفقت مصر على إنهاء خلاف استمر نحو أربعة أعوام مع قطر بعد اتهامها بدعم الإسلاميين لم تشهد العلاقات تطورا كبيرا، وظلت على درجة من الدفء المشوب بالحذر السياسي. وعلى الرغم من تراجع الخطاب الإعلامي الحاد الذي تبنته شبكة الجزيرة ضد مصر، غير أنها لم تتخل تماما عن الانتقادات الموجهة إلى القاهرة واستمرت في استضافة رموز إخوانية على شاشاتها ولم تقم بتقويض تحركات الكثير من قيادات الجماعة في الدوحة. وحاولت القيادة القطرية تصوير مصالحتها الإقليمية على أنها تمت من دون تنازلات سياسية وأمنية وبلا استجابة لمطالب جوهرية ساقتها مصر وحلفاؤها (السعودية والإمارات والبحرين) وكانت سببا في مقاطعة قطر. وكانت مصر ممتعضة من التصرفات القطرية بعد المصالحة وتجاهلت عودة قناة الجزيرة للعمل من أراضيها بعد وقفها نحو ثمانية أعوام، حيث ظهرت مؤشرات على عودتها وقامت المحطة ببث مباشر من القاهرة في أواخر العام الماضي، ووضعت إعلانات ضوئية في عدد من شوارعها كإشارة على اقتراب عودة البث من القاهرة، وهو ما لم يحدث حتى الآن. ولم تتقدم كثيرا العلاقات بين القاهرة والدوحة في مضمونها، وحافظت على المستوى الدبلوماسي الظاهر الخالي من الثقة الكاملة، وكانت كل خطوة يتخذها أحد الطرفين تقابل بأخرى مثلها تقريبا من الطرف الثاني، لكنها لم تحقق اختراقا يؤكد أن العلاقات عادت إلى طبيعتها السابقة. وقد تشهد العلاقات تطورا مع حاجة مصر إلى الدعم الاقتصادي الذي يمكن أن تقدمه قطر لها، والتي تجيد توظيفه سياسيا، إذ سحبت جزءا من دعمها عقب سقوط نظام حكم الإخوان في القاهرة كنوع من الرفض لإسقاط الجماعة ومعاقبة النظام الجديد، وحافظت على حد أدنى من التعاون الاقتصادي. ويبدو الدعم الذي تقدمه قطر مشروطا بالتناغم في التوجهات السياسية التي تغيرت مؤخرا بعد أن فقدت الدوحة التأثير الفاعل لورقة الإخوان والجماعات المتطرفة في سياستها الخارجية، وهو ما وجد ترحيبا جزئيا من القاهرة.
مشاركة :