خليفة بن عبيد المشايخي khalifaalmashayiki@gmail.com يسعد عباد الله على أرضهم حينما يتحقق لهم خير الحياة، ويهنؤون بمعيشتهم في ربوع بلادهم حينما يتلمسون الإخلاص لهم وصدق العمل من أجلهم وتحقيق البذل والعطاء فيهم، ويزدادون رضا وشكرًا حينما يجدون عدلا، ويشعرون بالفضل والانتماء والإحسان والسرور التام، حينما يعرف لهم حق، ويشكرون الجهود حينما تنصفهم فردًا فردًا، أما حينما يتركون غير مكترثٍ بهم، فإنِّهم يصبحون مُحبطين ويائسين، ويمضون محطّمين ومخذولين، ومع كل هذه الإخفاقات التي يعيشونها مدة بعد أخرى، فإنهم ينظرون إلى من يرفع لهم قدرا ويعلي لهم مقاما، ويتطلعون مع هذا وذاك، إلى ملاقاة الفوز والرضوان في كل معيشتهم. ومنذ انبلاج فجر النهضة المباركة قبل خمسة عقود بقيادة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته- كان الشغل الشاغل للسلطنة، هو الإنسان العماني، وتحقيق الحياة الكريمة له، فجاءت خطط التنمية وأهدافها مركزة للاعتناء به وتطويره، والعمل على إسعاده وصقله وتدريبه، وذلك من خلال الوفاء بعدد من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها حاضرا ومستقبلا، ومنها العيش على أرضه بعزة وكرامة، غير مضطهد ولا ذليل ولا مهان. ومن أجل ذلك مضت المسيرة المظفرة على هذا النحو، وهو أن ينعم شريكها المواطن العماني العصامي الفذ الوفي بكل الخير، وكان ينشد له بين فترة وأخرى الرفاهية وعزة وكرامة من خلال مجالات مختلفة، واستمر الحال يواكب تغير الأوضاع والأحداث والظروف التي كانت تمس حياته، وكانت التوجيهات السامية بأن لا يكون هناك مساس بها، والعمل من الحكومة بضرورة أن تكون جهودها وأعمالها بها من الاستبسال والدفاع، ما يجعل إنسان عمان لا يشتكي الظلم أبدًا، ولا يناله البؤس والحرمان قط، ولا يشعر بأي حال كان أن هناك تضييق عليه، وإذا ما كان هناك ثمَّة خطب سيلامس تلك الحقوق ويقترب صوبها، فإنه يجب على الحكومة المسارعة على احتوائها ليدوم الرخاء والازدهار له. إنَّ ما ظهر مؤخرا من وباء خطير وتفشي فيروس كوفيد-19 غيّر نواميس الكون، وبدل النظام العالمي كله، ففرض الحظر وصدرت الأوامر والتعليمات للحد من خطورته، وظهرت من جراء ذلك مراحل حياتية أخرى، طلب منِّا التعامل معها وفق الموقف والأحداث الراهنة، سواء في الأماكن العامة أو في البيوت أو على صعيد التعاملات اليومية. وبسبب هذه الجائحة تضرر المواطن العماني وخسر، موظفا كان أو تاجرا، وتمثلت الخسارة في النفس والولد ونقص في الأموال والثمرات، وتسريح من الوظائف، تلاها محاكم وقضايا وسجون، بسبب المطالبات المالية التي تكونت على المُسرَّحِين من أعمالهم ووظائفهم، نتيجة عجزهم عن سداد ديونهم بعد التسريح، إلى جانب عدم قدرتهم على إيجاد دخل أو مصدر رزق، يغطي تلك النفقات والالتزامات المالية والديون. فالتسريح من الأعمال والوظائف، جاء بعضه لأسباب غير وجيهة ولا منطقية، ولكنه استفعل لمآرب شخصية وجاء استغلالا لتلك الظروف. وفي نظرة إلى ما حدث، نجد أن نهج سلاطين عمان كان واحدًا، وهو أن الأرض وطن للعماني على اعتباره صاحب الأرض والمكان، وأنَّه من حقه أن يعيش مُعززا مكرماً على مكانه وفيه، فجاء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مستكملا ما بدأه السلطان قابوس- طيب الله ثراه- وأصدر- أبقاه الله- توجيهاته بضرورة إيجاد الحلول قبل التسريح من الأعمال والوطائف. ورغم هذه التوجيهات السامية الكريمة، إلا أنه ما زال مسلسل تسريح المواطنين من وظائفهم في مؤسسات ومنشآت القطاع مستمرًا، حتى يومنا هذا. والدليل على ذلك هو أني تلقيت اتصالا هاتفيا يوم الإثنين الماضي من أحد العاملين في إحدى المؤسسات الصحية الخاصة، يفيد بأنه وزملاءه في العمل وعددهم 27 شخصًا من الجنسين، طُلبوا لاجتماع سلموا لهم فيه أوراقًا أشبه بالعقود، وذلك للتوقيع عليها بالموافقة على تسريحهم من العمل. فكان يتحدث معي وهو يبكي ويقول، كيف لي أن أسدد للبنك وكيف لي أن أنفق على عيالي وأسرتي، ثم كيف سنعيش إذا ما تمَّ تسريحنا فعلياً من العمل. ولا أخفيكم أنني دهشت وبقيت في حالة استغراب وتساؤل، وهو ألا زال ملف تسريح المواطن العماني قائمًا ومستمرًا؟ إنني لأرفع النداء إلى المقام السامي لجلالة السلطان- أيده الله- بالتدخل في هذه القضية، ومنع الشركات من تسريح الموظفين والتمادي في الفصل التعسفي الذي يحدث لابنائنا في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.
مشاركة :