السجال حول محاربة الفساد لا يهدأ في موريتانيا

  • 3/31/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحيا إعلان حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، أكبر أحزاب المعارضة الموريتانية، عن فشل حملة السلطات ضد الفساد السجال الذي لا يكاد ينتهي حول هذا الملف. ويشكل الملف واحدا من أبرز عناوين السجالات بين القوى السياسية في موريتانيا، بمن فيها الأحزاب الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وأحزاب المعارضة والرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز. فمنذ أشهر لا ينتهي السجال بهذا الخصوص بين القوى السياسية إلا ليبدأ من جديد وسط غياب أرقام دقيقة عن حجم الظاهرة في البلد العربي الواقع غرب أفريقيا والذي يصنف ضمن الدول الأكثر فقرا ويعيش نحو 31 في المئة من سكانه البالغ عددهم 4 ملايين نسمة تحت خط الفقر. وفي عام 2019 شكل البرلمان لجنة للتحقيق في ملفات فساد في عشرية حكم الرئيس السابق ولد عبدالعزيز (2009 - 2019)، ووجهت إليه اللجنة مع عدد من أركان حكمه تهما بالاختلاس وتبييض الأموال واستغلال موارد الدولة. وأحيلت نتائج تحقيق اللجنة في عام 2020 إلى القضاء الذي بدأ تحقيقا في الملف ووجه أيضا إلى ولد عبدالعزيز و12 من أركان حكمه من بينهم وزراء تهم "غسيل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية"، وهو ما ينفي المتهمون صحته. المعارضة الموريتانية تؤكد من فلول المفسدين في عهد ولد عبدالعزيز مازالوا يتقلدون مناصب في الحكومة وتتهم النظام الحاكم حاليا بعدم الجدية في مكافحة الفساد ومنذ 2020 يواصل القضاء التحقيق في الملف، حيث فرض المراقبة القضائية على المشمولين فيه، قبل أن يتم رفعها يوم العاشر من سبتمبر الماضي، باستثناء ولد عبدالعزيز الذي اعتبرت النيابة العامة أنه "خرق تدابير المراقبة القضائية من خلال امتناعه عن الحضور والتوقيع لدى الجهة المختصة (يونيو الماضي) ولا تحتسب المدة التي قضاها في الحبس الاحتياطي من مدة المراقبة القضائية". واعتبر الرئيس السابق ولد عبدالعزيز في أكثر من تصريح أن اتهامه بالفساد مجرد "تصفية حسابات، واستهداف شخصي له، وأنه ملف سياسي"، فيما تصر الحكومة الموريتانية على أن الملف قضائي ولا علاقة له بالسياسة. ورغم توجيه تهم الفساد إلى الرئيس السابق وعدد من رموز حكمه إلا أن المعارضة تؤكد من حين إلى آخر أن الكثير من "فلول المفسدين في عهد الرئيس السابق" مازالوا يتقلدون مناصب في الحكومة، وتتهم النظام الحاكم حاليا بعدم الجدية في مكافحة الفساد. لكن الرئيس ولد الشيخ الغزواني تعهد في نوفمبر الماضي بمحاربة كل أشكال الفساد، دون انتقائية أو تصفية حسابات. وقال في خطاب يوم الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، عشية احتفال البلاد بالذكرى الـ61 لاستقلالها عن فرنسا، إن "الفساد بطبيعته مقوض لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها". وأكد الغزواني مرارا أنه سيضاعف التركيز على إرساء حوكمة رشيدة، وعلى محاربة كل أشكال الفساد، وأنه "لا يريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار أو أن تتحول هي نفسها إلى فساد بالانتقائية وتصفية الحسابات". وعاد الجدل إلى الواجهة مجددا عندما اعتبر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية أن نظام الغزواني فشل في مواجهة الفساد، وفي وضع حد له. وقال نائب رئيس الحزب حبيب ولد حمديت، خلال مهرجان في مدينة الزويرات (شمال)، إن السلطات "فشلت" في وضع حد للفساد، محذرا من أن استمرار تفشيه في مفاصل الدولة ستكون له تداعيات خطيرة. الغزواني أكد مرارا أنه سيضاعف التركيز على إرساء حوكمة رشيدة وعلى محاربة كل أشكال الفساد وأنه لا يريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار وأضاف "النظام الحالي لم يقم بأي إجراءات جدية لمحاربة الفساد، بل عمد إلى إعادة الثقة في المشتبه فيهم، كما دأب على تعيين رموز الأنظمة السابقة التي أوصلت البلد إلى هذا الواقع". وتابع "النظام من خلال هذا الأسلوب يقول للشعب إن أبناء البلد الذين صرف على تعليمهم وتكوينهم ليس من بينهم من يصلح لخلافة رموز الفساد الذين نعيش الآن ثمرة عملهم". وجاءت تصريحات حمديت بعد نحو شهر من تصريحات أدلى بها رئيس حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم، سيدي محمد ولد الطالب أعمر، وأكد فيها أن “المفسدين لا مكان لهم في مشروع الرئيس الغزواني، ولن يجدوا بعد الآن فرصة للتغلغل مرة أخرى في مفاصل المؤسسات”. وذكر رئيس الحزب الحاكم أن القضاء على “ظاهرة الفساد مسؤولية الجميع، ووفق الضوابط التنظيمية والمساطر القانونية التي أصبحت تكفل تلك الإجراءات وتضمن حماية ثروات البلد”. وفي غضون ذلك أكد الناطق باسم الحكومة المختار ولد داهي أن جميع المؤسسات الحكومية سيطالها التفتيش خلال الأسابيع القادمة، مشددا على أنه لن يكون هناك تساهل إزاء تبذير الأموال العمومية. ولفت في مؤتمر صحافي يوم الثالث والعشرين من مارس الجاري إلى أن النظام الحالي مستمر في حربه على كل أشكال الفساد. ويرى المحلل السياسي أحمد ولد محمد فال أن تجدد السجال بشأن الفساد يدخل في إطار سجالات ما قبل الانتخابات النيابية والمحلية المقررة عام 2023. وأشار المحلل السياسي إلى أن أحزاب الموالاة تحاول أن تظهر للشعب أن هناك قطيعة مع كل أشكال الفساد في الأنظمة السابقة، فيما تسعى المعارضة لأن يكون موضوع مكافحة الفساد شعارا لخطابها في هذه المرحلة.

مشاركة :