كانت البطاطا (البطاطس) المقلية اللذيذة الرخيصة من الأطباق الأساسية على مائدة اللبنانية منى العمشة في الأعوام الماضية، لكن مع ارتفاع أسعار زيت دوار الشمس بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا باتت تخشى ألا تكون حتى البطاطا في المتناول خلال شهر رمضان. قالت منى التي كانت تعيش مع أطفالها الثلاثة في حي فقير بالعاصمة بيروت "في 2021، حين كانت الأسعار مرتفعة بالفعل، كنت أستخدم نفس الزيت في طهو عدة أطباق. الآن لم يعد بمقدوري حتى فعل ذلك". في لبنان، سيكون تأثير ارتفاع أسعار القمح وزيت الطعام والوقود أعمق خلال شهر رمضان وفقا لبرنامج الأغذية العالمي بعدما تسببت أزمة اقتصادية عميقة في ارتفاع الأسعار 11 مرة منذ 2019. وتحتاج الكثير من الوجبات إلى كميات كبيرة من الزيت الذي صار باهظ الثمن لكثيرين في لبنان ودول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتمد بكثافة على واردات الغذاء. وتوفر أوكرانيا وروسيا أكثر من 80% من صادرات زيت دوار الشمس العالمية، وقفزت أسعاره 64% خلال أسبوع واحد في نهاية مارس/آذار. وفي الشهر الماضي عندما بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن مؤشرها للزيوت النباتية قفز 8.5%، إلى مستوى قياسي. وفي لبنان زاد سعر زجاجة زيت دوار الشمس بنحو عشرة أمثال ما كان عليه قبل ثلاثة أعوام. ونظرا لشح الواردات حددت المتاجر زجاجة واحدة لكل مشتر. وقالت منى العمشة لمؤسسة تومسون رويترز عبر الهاتف "لا أستطيع حتى إعداد طبق من البطاطا المقلية لأطفالي". "صيام بلا إفطار" يؤثر ارتفاع الأسعار بشدة على اللاجئين وغيرهم من الفئات المتضررة في المنطقة. وذكر برنامج الأغذية العالمي أن قرابة 90% من 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان يعيشون بالفعل في فقر مدقع ويعتمدون على المساعدات الغذائية. كما يشعر بالقلق اللاجئون السوريون في مصر البالغ عددهم نحو 130 ألفا وسط تعداد سكاني تجاوز 100 مليون نسمة. ومصر عادة هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وتضررت بفعل ارتفاع حاد في أسعار القمح العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا. قالت اللاجئة السورية مايسة محمد (47 عاما) "لن نصمد"، مضيفة أنها تخشى استمرار ارتفاع الأسعار إذا طال أمد الحرب. يؤثر ارتفاع أسعار الغذاء أيضا على الجمعيات الخيرية التي تكثف مساعدة الأسر الفقيرة في رمضان عادة. وقالت حُسنة مدحت، وهي متطوعة مصرية في مجال المساعدات الخيرية "بسبب ارتفاع الأسعار أصبحت محتويات شنطة رمضان، التي تشمل زيتا وأرزا ومعكرونة وغيرها من المنتجات الغذائية التي تغطي احتياجات الناس على مدى الشهر، أقل من حيث الكميات". وأضافت أن تكلفة شنطة رمضان تكلف أي جمعية خيرية الآن 250 جنيها بعدما كانت 150 في العام الماضي. ومن المرجح أن يقل عدد المتبرعين أيضا نظرا لانخفاض قيمة العملة المحلية 15%، في الأسابيع القليلة التي تسبق شهر رمضان. وفي لبنان تواجه الجمعيات الخيرية ضغوطا بالفعل. قالت رشا بيضون التي ترأس منظمة (ميك اديفرنس) الخيرية التي توزع سلعا أساسية على الأسر الفقيرة في لبنان "الطلب أكبر بكثير مما لدينا". وأضافت أن الأسر التي كانت قادرة على شراء زيت الطعام الذي كان سعره في المتناول في وقت ما، أصبحت الآن تطلب إضافته إلى المنح الغذائية، لكن جمعيتها تجد صعوبة في توفير إمدادات كافية. قالت "في رمضان... ستصوم بعض الأسر بلا إفطار. "ليس لديها ما تأكله.. لا بعد المغرب ولا قبله".
مشاركة :