قصص أبطالها نساء يروين حقائق صادمة عن الحرب والعزلة

  • 4/2/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اختارت القاصة اليمنية المقيمة في الولايات المتحدة مريم القحطاني أن تكون جل عناوين مجموعتها القصصية “عن الحب والعزلة” بأسماء نساء يمنيات “عرفتهن شموس وعرفن الظلمة”، كما جاء في إهداء الكتاب. وهو من تلك الكتب التي حين نقرأها نتذكر أسئلتنا العالقة دائما؛ حول حال المرأة في زمن الحرب، عن الحب الضائع، والعزلة مترامية الأطراف. لا عمل للمسافة في هذا الكتاب، فالقحطاني التي تقيم بعيدا عن وطنها، تكتب بذات لم تغادر يمنها، ويمن الكثيرات ممن جاءت أسماؤهن كعتبات لقصص المجموعة الإحدى عشرة، من هدية التي تعيش في ذاكرة حامل رسالة تخبر بموت ابنها، وهي الميتة منذ أيام، إلى نورية التي ضيعت بوصلة الحب واكتفت بمسايرة قدرها المحتوم، مرورا بخديجة التي رمتها عزلتها لتكون شاهدة على تزويج فتاة صغيرة، وصولا إلى جميلة التي ربت حقدا دفينا تجاه ظلم الرجال، وليس انتهاء بمارلين والتي تصفها بإعصار الشقاوة والبراءة. تكتب القحطاني قصصها بعدسة خاصة ترصد تلك التفاصيل التي كثيرا ما يخفيها الزمن، وتتكدس فوقها طبقات من الغبار، في وطن يشي بجبروته وقسوة الحياة بين جنباته، حين تكون المرأة في قلب الأحداث العاصفة، مقاومة لتصاريف القدر، مرتبكة، تائهة، وصاحبة موقف في آن واحد. وفي خضم التحولات التي تمر بها البلاد، تنبت الحكايات في تراب حار وتجد بطلات القصص وأبطالها أنفسهم في مواجهة ضارية مع قسوة الأيام التي تفتك بالناس “إنها الحرب والمجاعة وأولاد الحرام الذين اجتمعوا على هذا المكان”، كما تكتب، وما يلي ذلك من عواقب جسدية ومعنوية ونفسية دائمة. إننا هنا بصدد أدب يبتعد عن التمثيلات الفنية ورقة الخيال، إنما يحتكم إلى جرأة في تحليل الواقع دون الوقوع في فخاخه، ودون مهادنة تضعف من قوة المشاعر، أو تخفي مرونة الروح البشرية. في مجموعتها القصصية هذه، تستعين القحطاني بلغة تمكن قارئها من تفادي الاستسلام للحقائق الصادمة، وتستعمل كذلك لهجة عامية وجملا قصيرة لاذعة وسخرية تتجاوز الحزن، لتكتب الهامش والظل والموت والحب والعزلة والبقاء. مزيج أدبي واقعي يحاول أن يكون تذكيرا صارخا بآثار الحرب المدمرة، وغياب الحرية، وما يجعل الإنسان يعيش بالحد الأدنى لمتطلبات الحياة. ☚ القصص تبتعد عن التمثيلات الفنية ورقة الخيال وتحتكم إلى جرأة في تحليل الواقع دون الوقوع في فخاخه ☚ القصص تبتعد عن التمثيلات الفنية ورقة الخيال وتحتكم إلى جرأة في تحليل الواقع دون الوقوع في فخاخه وبسرد مرئي وذاكرة تحفر طريقها إلى صنعاء وإلى كل شبر من اليمن السعيد، بآلامه ولعناته، كما بأحلامه وأفراحه الصغيرة، تخبرنا القاصة أن العالم لم يتخل يوما عن أذاه، ومع ذلك “ترى الناس يبتسمون. ابتسامات منزوعة من أعماق الوجع”. ويذكر أن “عن الحب والعزلة” هي المجموعة القصصية الأولى للقحطاني، وقد صدرت أخيرا ضمن سلسلة “براءات”، التي تصدرها منشورات المتوسط، والتي تنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.

مشاركة :