في ظل انتشار تطبيقات تسجيل المكالمات الهاتفية، يستسهل البعض الأمر ويقومون بتحميلها على هواتفهم الذكية، سواء على سبيل التجربة، أو الترفيه، أو ظناً أنهم بذلك يحصنون أنفسهم ضد أي طرف آخر، أو لأي سبب كان! وهنا يلح سؤال قانوني مهم، هل يُعد تسجيل المكالمات بواسطة هذه التطبيقات جريمة؟ وما مدى قانونية محتواها؟ وهل يجوز الاستشهاد به؟ بداية يجب التأكيد أن تسجيل المكالمات الهاتفية للغير دون علمه ورضاه جريمة يعاقب عليها القانون باعتبارها إحدى صور انتهاك حرمة الحياة الخاصة التي كفلها الدستور والقانون للأفراد. ونص الدستور الإماراتي في المادة (31) على «سرية المراسلات البريدية والبرقية وغيرها من وسائل الاتصال». وقانوناً لا يجوز تسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية إلا بإذن من النيابة العامة متى استوجبت مقتضيات التحقيق ذلك، حسبما نصت عليه المادة (75/1) من قانون الإجراءات الجزائية - ما يترتب عليه بطلان التسجيلات الواقعة دون هذا الإذن، وبالتبعية بطلان ما ينتج عنها أو يترتب عليها لعدم مشروعية مصدرها. كما نصت المادة (431/1) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (31) لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات على «معاقبة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو أي جهاز آخر بالحبس والغرامة». واستناداً إلى هذا النص يتبين أن القانون جرّم تسجيل المكالمات دون رضاء الطرف الآخر، وبالتالي من الضروري قبل الحصول على الموافقة أو رضا الآخر، علمه المسبق بأنه يتم تسجيل مكالمته الهاتفية، وعكس ذلك يعد جريمة بصرف النظر عن الباعث عليه. ولهذا السبب نجد دائماً أن الدوائر الحكومية والبنوك، وغيرها من المؤسسات ذات الصدقية العالية، تحرص على إبلاغ المتصلين بها هاتفياً برسالة مسجلة في بداية المحادثة، بأن المكالمة مسجلة لأغراض التدريب والجودة أو لتحسين مستوى الخدمة حتى لا يكون هناك انتهاك للخصوصية، لأنه بتوافر العلم تنتفي الصفة الخاصة للحديث. ونظراً لكون تسجيل المكالمات جريمة منفصلة عن نشر محتواها، أفرد المشرع الإماراتي لهما عقوبة رادعة حسبما ورد في المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث نص في المادة (44) على «معاقبة كل من استرق السمع أو اعترض أو سجل أو نقل أو أفشى محادثات أو اتصالات بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين». ختاماً، الحياة الخاصة للأفراد مصونة بموجب الدستور والقانون، وتسجيل المكالمات بهذا الشكل يُعد انتهاكاً لحرمة هذه الحياة، وربما يكون سبباً لجرائم أخرى، مثل الابتزاز أو التشهير، لذا يجب التحلي بالحذر، والشفافية أيضاً قبل التورط في هذه الجريمة! مستشار قانوني أول تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :