رغم أن السلطات المحلية في ليبيا تكثف جهودها لمكافحة زيادة أسعار السلع الغذائية من قبل بعض التجار على نحو «غير قانوني»، فإن ذلك لم يمنع انتشار حالة من الضيق والانزعاج لدى المواطنين بسبب «انفلات الأسواق»، وارتفاع الأسعار بشكل كبير. ويقول ليبيون إن جميع أسعار السلع شهدت قفزات مبالغ فيها منذ اليوم الأول لشهر رمضان، ولا تزال تواصل الصعود، في ظل عدم وجود رقابة كافية على الأسواق والمتاجر لتحدّ من عملية «انفلات الأسواق». وطال ارتفاع أسعار السلع الغذائية معظم المدن الليبية بغرب البلاد وشرقها، وسط تصاعد شكاوى المواطنين من عدم قدرتهم على مواكبة عملية الغلاء، نظراً لضعف الرواتب، وتأخرها أحياناً. وأصدر مختار المعداني، عميد بلدية سرت، تعليمات، مساء أول من أمس، بضرورة متابعة أسواق الخضار من خلال تكليف دورية ثابتة لمراقبه الأسعار، والتصدي للمغالين. وشدد خلال اجتماعه برئيس جهاز الحرس البلدي ومندوبين عن الرقابة على الأغذية والأدوية، ومدير مكتب حماية المستهلك، بتنظيم حملات تفتيشية على الصيدليات البيطرية في البلدية. وللتصدي لموجة الغلاء، أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، عن مبادرة لمساعدة عدد من الشركات والمصانع والتجار، قصد تخفيض أسعار بعض السلع، وبيعها للمواطنين بسعر التكلفة. كما اتجهت السلطات الأمنية في غرب ليبيا للسيطرة على انفلات الأسواق، من خلال ضبط بعض تجار الجملة في أكثر من سوق، وقالت إنهم «يتلاعبون بالسوق من خلال المضاربة بالأسعار، ما تسبب في ارتفاعها بشكل كبير». وفي معرض دفاعه عن عملية توقيف بعض التجار، قال جهاز الأمن الداخلي، في بيانه، إن «ثلة من السماسرة الذين ضعفت نفوسهم أمام المال، بات هدفهم هو تحقيق المكاسب السريعة، متجاهلين بذلك العواقب ومردودها السلبي على المواطن». من جهته، رأى الدكتور محسن الدريجة، الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار، أن «تضخم الأسعار واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلى تحليل»، مرجعاً أسباب ذلك إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة، وقال إن هناك ارتفاعاً في أسعار مختلف المنتجات وتكاليف النقل في كل العالم، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية. وذهب الدريجة إلى أن «أسوأ ما يمكن فعله هو زيادة كمية الدينار الليبي لشراء السلع المستوردة؛ لأن ذلك ينمي الطلب، دون أن تنخفض أسعار السلع المستوردة، ما سيؤدي إلى ارتفاع أكبر في الأسعار»، لكنه قال إن «الاتجاه السليم هو تخفيض سعر الصرف حتى ينخفض سعر السلع المستوردة، والحد من التوسع في الميزانية الحكومية». وتتفاوت الأسعار من منطقة لأخرى، لكن الثابت أنها سجلت زيادات كبيرة منذ بداية رمضان، وخاصة سلع الخضراوات والفاكهة واللحوم وزيت الطعام، الذي ارتفع سعر اللتر من 8 دنانير إلى 12 ديناراً، كما ارتفعت عبوة الدقيق زنة 25 كيلوغراماً من 38 ديناراً إلى 57 ديناراً. وسعى الوزير الحويج إلى محاصرة الأزمة مبكراً بإجراء جولة تفقدية داخل عدد من الأسواق التجارية بالعاصمة طرابلس، رافقه فيها مراقب الاقتصاد والتجارة بطرابلس عبد الرؤوف الجابري، ورئيس قسم الأسعار بالوزارة سالم النجار، قصد الوقوف على مدى التزام الأسواق بالأسعار المقررة من الوزارة، ومتابعة انسياب السلع بالسوق المحلية. وناشد الحويج أصحاب الأسواق التجارية الالتزام بالأسعار المقررة كحد أقصى، وتنفيذ مبادرة رجال الأعمال خلال شهر رمضان، التي تتضمن البيع وفق سعر التكلفة، مؤكداً أن وزارة الاقتصاد والتجارة ستتخذ الإجراءات اللازمة كافة، وفق اللوائح والقوانين بحق المخالفين والمضاربين بالسلع في السوق المحلية. وخلال تكريم الحويج للشركات التي تعاونت في التصدي لمواجهة الغلاء، نوّه إلى تقديم تسهيلات مالية لرجال الأعمال، بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي، معلناً اتخاذ جملة من التدابير لتنظيم عمليات التوريد من خلال أسواق خارجية متعددة.
مشاركة :