يثير بقاء عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا توجسا متناميا لدى السكان، خاصة بعد الهجوم الذي نفذه التنظيم على سجن غويران في المدينة. وتمكن عدد من عناصر التنظيم من الفرار من السجن إثر الهجوم الذي نفذته مجموعات أخرى تابعة لداعش في السادس والعشرين من يناير الماضي على السجن وهو ما يزيد من قلق هؤلاء السكان. وشكل الهجوم الذي استمر لأيام ودعمت فيه الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتحرير السجن انتكاسة كبيرة للسكان الذين شهدوا سنوات من الاستقرار الأمني الذي مكنهم من استئناف حياتهم الطبيعية من خلال التنقل وقضاء شؤونهم دون أي قيود. ◙ هجوم سجن غويران مثل انتكاسة للسكان بعد سنوات من الاستقرار مكنتهم من استئناف حياتهم الطبيعية وتقول نور الأحمد وهي صحافية سورية إنه “رغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية السيطرة الكاملة على سجن الصناعة في السادس والعشرين من شهر يناير، إلا أن الوضع الأمني في شمال شرق سوريا مازال غير مستقر بشكل كلي”. وأضافت الأحمد في ورقة بحثية لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن “ما يثير الذعر بين سكان المنطقة هو أنه رغم قيام قوات سوريا الديمقراطية بتفتيش المنازل بشكل دوري بحثا عمن تبقوا خارج سجن غويران، إلا أن قوات قسد رصدت قيام بعض عناصر التنظيم الفارين بالاختباء في منازل بعض المدنيين في بعض الأحياء التي وجدوها أكثر أمانا في المناطق المجاورة للسجن، وقد ظنت عناصر التنظيم أن المناطق الجنوبية من المدينة ستكون بمثابة حاضنة شعبية لهم، وعندما تحدث عملية أمنية بين قوات قسد وبين عناصر التنظيم، يقف أهالي الحي مرتجفين من هول الحدث وأصوات المدفعية والاشتباكات، خصوصا الأطفال وكبار السن الذين لم يعتادوا على مثل هذه الأحداث منذ أكثر من ثلاثة أعوام من الهدوء والأمان المطلق”. وكشف الهجوم، الذي يعد أكبر هجمات التنظيم، العملية العسكرية الأكبر لمقاتليه منذ إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها، رهان داعش على هشاشة السجون المكتظة التي يصعب تأمينها في حين تعد مرتعا للجهاديين. وبحسب منظمات دولية والأمم المتحدة، فإن أكثر من 700 من الأطفال والقصّر ممن انضووا سابقا في صفوف التنظيم، كانوا معتقلين في سجن غويران المكتظ، وهو عبارة عن مدرسة تمّ تحويلها قبل ثلاث سنوات إلى مركز احتجاز. ◙ رغم الخوف والقلق إلا أن سكان الحسكة يبدون على استعداد لمواجهة التنظيم ◙ رغم الخوف والقلق إلا أن سكان الحسكة يبدون على استعداد لمواجهة التنظيم وعملت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم بشكل خاص مقاتلين أكرادا “على نحو جيد” في السنوات الأخيرة من أجل تأمين مثل هذه السجون. ورغم الخوف والقلق إلا أن سكان الحسكة يبدون على استعداد لمواجهة التنظيم إذا فر المزيد من عناصره من السجن أو حاول شن هجوم جديد في وقت تكثف فيه قسد من عملياتها الأمنية لتقويض أي تحرك محتمل لبقايا داعش. وقالت الأحمد “رغم الرعب الذي يبثه التنظيم في السكان إلا أن ذلك لم يثنهم عن مواجهته وتخييب ظنه، حيث ساعدت معظم سكان تلك الأحياء التي تقطنها غالبية عربية، قوات سوريا الديمقراطية على إيجاد هؤلاء العناصر الفارة بأسرع وقت ممكن آملين أن يعود الأمن إلى مناطقهم مرة أخرى وألا تتحول إلى مناطق نزاع، وتعود الحياة الطبيعية أدراجها”. ويقول سليمان محمد وهو من سكان الحي “نحاول جاهدين أن تنتهي هذه الحرب التي شردت وقتلت الكثير بأقرب وقت ممكن، فنحرس الحي ليلا ونهارا وما أن نرى شخص ذا وجه غريب علينا أو حركة غريبة نعلم السلطات المختصة، وهي بدورها وإن أطالت الاستجابة لخوفها من أن نكون متعاونين مع داعش إلا أنها تستجيب وتطوق المكان وتقضي عليهم”. ويبدو أن تداعيات الهجوم على سجن غويران في يناير الماضي قد امتدت إلى كافة مناطق شمال شرق سوريا، بحسب ما قالت الأحمد. وأوضحت أن “الخوف العام إن صح التعبير ليس فقط على سكان الأحياء المجاورة للسجن، بل يشمل كافة أحياء الحسكة والمدن المجاورة في جميع أنحاء شمال شرق سوريا، بما في ذلك مدينة الرقة عاصمة التنظيم سابقا. قال صديق لي من سكان مدينة الرقة ‘نحن نخشى من وصول هؤلاء الفارين إلينا، فالرقة شبعت من الموت والرعب والحياة التي تشبه كل شيء إلا الحياة إثر سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة على المنطقة لسنوات عديدة"”.
مشاركة :