أعرب مسؤولون ووعاظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بمناسبة يوم الشهيد، عن فخرهم واعتزازهم بأداء الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل كرامة وعزة الوطن لإعادة الحق لأهله. وأكدوا في لقاءات مع الخليج، أن الشهداء هم الأحياء الحقيقيون، عند ربهم يرزقون، وفي رياض الخلد ينعمون، لأنهم بذلوا أرواحهم الغالية تلبية لنداء الواجب والإخاء، معتبرين أن هذا هو الجهاد في سبيل الله. وأشاروا إلى أن الشهداء مثال مشرف لرجال الوطن الأوفياء الذين نذروا أرواحهم في سبيل الدفاع عن أرض الإمارات والأمة العربية، موجهين تحية إجلال وإكبار إلى دورهم البطولي في ساحات القتال لحماية الوطن والدفاع عن المستضعفين في أرض اليمن الشقيق. وأوضحوا أن أسماء الشهداء ستظل محفورة في قلب كل إماراتي وعربي، ولن تذهب دماؤهم هباءً، مشيدين بدور القوات الباسلة في محاربة الظلاميين، وذلك من أجل الحفاظ على الاستقرار والامن في المنطقة العربية، وإعادة الحق إلى أصحابه في كل مكان. كما أشاروا إلى أن رجال الإمارات البواسل كانوا دوماً عند حسن الظن بهم في تلبية نداء الواجب والحق، وسطروا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، ليس فقط على أرض اليمن الشقيق، بل من خلال تاريخ وطني مشرف تفتخر به دولة الإمارات و قواتها الباسلة وشعبها المعطاء، ضمن مهام إنسانية قاموا بها في مختلف أنحاء العالم، ما يجسد قيم حضارية وإنسانية أصيلة يشهد بها العالم للدولة وقيادتها الرشيدة. منازل الخالدين الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف قال: هنيئا لمن اشترى الله تعالى منهم أغلى ما يملكون، فلهم عند الله تعالى أسمى ما يرتجون أجراً عظيما، درجاتٍ منه ومغفرةً ورحمة وكم ما بين الدرجات في الجنة من رفعة ومسافات. واستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها، والرَوْحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغَدْوة خير من الدنيا وما عليها متفق عليه. وتابع أقسم رسول الله وهو الصادق المصدوق فبين مكانة الشهداء والجرحى كذلك والذي نفس محمد بيده، ما من كَلْمٍ أي جرح يُكلَم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئة يوم كُلِم، لونه لون دم، وريحه ريح مسك، وختم بالقولنسأل الله لكم أيها الشهداء الشجعان منازل الخالدين مع النبيين والصدّيقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. أوسمة الشهيد أكد فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن الشيخ محمد كبير المفتين بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن الشهادة وسام عظيم يتوج الله بها من شاء ليخلد ذكره في الغابرين، ويرفع درجته في عليين، فما هو الشهيد؟ وما منزلته عند الله تعالى؟ واوضح الشهيد فعيل بمعنى مفعول سمي به لأنه مشهود له بالجنة بالنص، أو لأن الملائكة يشهدون موته إكراما له، أو بمعنى فاعل لأنه حي عند الله تعالى حاضر كما في الصحاح، والشهيد بمعنى المستشهد المقتول كما في المغرب، وهو في الشرع كل مسلم طاهر بالغ قتل ظلما ولم يجب بقتله مال ولم يرتث (أي يحمل من المعركة حيا) كما في التعريفات والاصطلاحات. وأشار إلى أن اهل العلم قسموا الشهداء إلى ثلاثة أقسام، أولاً: المقتول في حرب بسبب من أسباب كالجهاد لإعلاء كلمة الله، أو للدفاع عن النفس أو المال أو العرض، أو الدفاع عن الوطن ورد المعتدين والبغاة، وهذه هي الشهادة الكبرى، أو ما يمكن أن نسميه شهيد الدنيا والآخرة، ثانياً: شهيد الثواب دون أحكام الدنيا، كالمبطون، ومن قتل دون ماله وغيرهم وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميتهم شهداء، ويطلق عليهم العلماء: شهداء الآخرة بمعنى أنهم يغسلون ويصلى عليهم ولهم أجر الشهداء ومقامهم في الآخرة، ثالثاً: شهيد الدنيا دون الآخرة كمن غل من الغنيمة أو قتل نفسه استعجالا للموت مما ورد في الحديث نفي الشهادة عنهم في الآخرة. وتابع الدكتور وال الشيخ بالقول، مع أنهم ماتوا في قتال الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم لكن الله تعالى أعلم بأسرارهم ونياتهم، ومقام الشهيد عظيم عند الله تعالى لما فيه من تضحية بالنفس والمال في سبيله، وقد منح الله الشهداء أوسمة كبيرة وجوائز قيمة؛ ليتنافس في ذلك المتنافسون، معدداً أوسمة الشهيد وهي: وسام الجنة: فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة. الشهيد حيُّ عند الله والناس ومن جهته قال فضيلة الشيخ يحيى محمد الخضر مايأبى، المفتي فى المركز الرسمي للإفتاء تتزاحمُ الخواطرُ العطرةُ فى مناسبة كريمة، مثل يوم الشهيد، على الكاتب، فلا يدرى من أين يبدأ ولا أين يقف به الحديث حين يتكلم عن الشهيد، لمنزلته الرفيعة عند الله، وعند الناس، فكلمة الشهيد كلمة خفيفة على اللسان، ثقيلة فى الميزان عند الرحمن، لما تعنيه من معانى الحمْد والكرامة والعزة والتضحية، ولهذا أكرم الله الشهيد غاية الإكرام، حتى جعل له مقاما محمودا، مع أشرف خلقه من الأنبياء، والصديقين، وحسن أولئك رفيقا، جزاءً لجوده، وتضحيته بنفسه، فى سبيل ربه وأمته. وتابع: والجود بالنفس أسمى غاية الجود فكان جزاء الشهيد عند الله الجزاءَ الأوفى، مضيفاً أن الإمام أحمد فى المسند والترمذي فى السنن، روى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للشهيد عند الله ستُّ خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعدَه في الجنة، ويُجارُ من عذاب القبر، ويؤمنُ من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاجُ الوقار، الياقوتةُ منه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويزَوجُ اثنتين وسبعين زوجةَ من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين من أقاربه. وأضاف كفى بمنزلة الشهيد والشهادة فى سبيل الله علوا ورفعة أن النبي صلى الله عليه وسلم تمناها مرات فقال والذي نفس محمد بيده، لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل، رواه مسلم نجوى الشهيد فضيلة الشيخ إبراهيم الحمدو العمر المفتي في المركز الرسمي للإفتاء - أبوظبي قال إن أرواح شهدائنا الأبرار الخالدة تطوف بنا الآن فنستلهم منها معاني البطولة والفداء لأجل الوطن، والذود عن حماه، لن يصنع تاريخ العزة الوطنية إلا دماؤكم الزكية وإن أرضا تسقى بدمائكم لهي أرض تنبت البطولة وينمو فيها الفخر ذهبتم إلى ساحات الوغى وعاهدتم الله والوطن والقيادة الرشيدة أنكم لن ترجعوا إلا بإحدى الشهادتين ؛ إما شهادة عزة الوطن أو شهادة لكم عند بارئكم، لقد كتبتم صفحة من تاريخ دولتنا المجيدة بدمائكم وخططتم حدودها ببطولاتكم ورفعتم اسمها عاليا بعزيمتكم وشجاعتكم، لقد حملتم راية الإمارات وحلقتم بها لترفرف بين مناكب الكواكب، ولتسمع حفيفها عاليات النجوم. وتابع: إن سفر التاريخ العظيم اليوم ليخط أسماءكم بحروف من نور في صحائف العزة، لتكونوا قدوة لأجيال أمتكم اللاحقة، قالوا: إن شباب الإمارات عاشوا مترفين واعتادوا الحياة الناعمة فقلتم: إن معادن الرجال تعرف من دمائها، وإن صلابتها تجري في عروقها، وأثبتم للعالم أن المجد في شرايينكم وأن دماءكم الغالية لاترخص إلا في الدفاع عن الوطن وعزته وكرامته فليعش الوطن ولنكتب مجده بدمائنا، إن وطناً يخطئ أبناؤه طريق الشهادة هو وطن حدوده من سراب، لقد أعدتم لنا تاريخ البطولات التي تتطاول إليها أعناق الأمم وقلتم للعالم نحن أبناء الإمارات، أبناء المجد، عشاق الشهادة، نحن أبناء زايد، نحن أبناء زايد. خصال الشهيد تقول الواعظة سارة موسى الحوسنيتخليدا لأرواح البواسل جنود الإمارات الأوفياء الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل الله ثم الوطن، وليبقى بلدنا المعطاء دائما وأبدا بلد السلام والأمن والأمان، وجهت القيادة الرشيدة بجعل 30 نوفمبر / تشرين الثاني من كل عام يوماً نمجد فيه الشهادة والشهداء، معتبرة هذا اليوم خالداً في صدر كل مواطن غيور على بلده وسيبقى رمزا لوطنية أبنائه، وبرهانا على أن كل ما في هذه الدنيا رخيص أمام وحدة بلادنا الغالي دولة الإمارات العربية المتحدة. وتابعت: نبارك لأم الشهيد ما أعده الله سبحانه لفلذة كبدها، ونبشرها بأنه سيكرم ويشفع لسبعين من أهل وده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دُفعة والدفقة بضم الدال المهملة هي الدفعة من الدم وغيره ويرى مقعده من الجنة, ويجار من عذاب القبر, ويأمن من الفزع الأكبر, ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها, ويُزوج اثنتين وسبعين من الحور العين, ويشفع في سبعين من أقاربه وفي لفظ من أهل بيتهأخرجه الترمذي وابن ماجه في سننهما بإسناد صحيح، فهنيئا لكل لأم شهيد اصطفاه المولى عز وجل من بين كل هذا العدد الهائل من البشر من حمل لواء أمن الوطن. مكانة الشهيد وأجره استهل الدكتور الشريف الفقيه الباحث الديني بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف حديثه، بالقولليعلم المسلم مهما طال به الأمد أنه ميتٌ لا محالة، قال تعالى: {أينما كنتم يدرككم الموت}، فالموت آتٍ لا محالة، ولا مفر منه ولا مهرب، قال الإمام الشافعي رحمه الله: ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرضٌ تقيه ولا سماءُ وأرض الله واسعة ٌ ولكنْ إذا نزل القضا ضاق الفضاءُ دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواءُ وتابع: من الناس من يدركه الموت بسبب مرض أصابه، ومنهم من يموت حتف أنفه، وخير الناس من مات شهيدا في سبيل الله، قال تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [آل عمران:169 - 171] أشار الدكتور الفقيه إلى الخصائص التي يختص بها الشهيد في سبيل الله- وهي كثيرة - حيث إنه لا يجد ألماً للموت، وأنه يأمن من فتنة القبر، وأنه يزوج سبعين من الحور العين، وغير ذلك مما ذكر في الأحاديث، فعن أبي الدرداءأن الشهيد في سبيل الله يشفع يوم القيامة في سبعين إنسانا من أهل بيته،تشمل الأصول والفروع والزوجات وغيرهم من الأقارب ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير وفيه أن الإحسان إلى الأقارب أفضل من الإحسان إلى غيرهم. كرامات الشهيد يوضح الدكتور الفقيه أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، لها قناديل معلَّقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، وللشهيد عند الله خصال، فعن المقدام رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عزّ وجلّ خِصَالاً: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُحلَّى عليْه حُلَّةَ الإيمان، ويُزوَّج اثنتين وسبعين زوجَة من الحورِ العينِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ،، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقار الياقوتةُ منْهُ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبِهِ. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان. وحسبُ الشهداء منزلة أنهم يبعثهم الله يوم القيامة متقلدين أسيافهم حول عرشه، فتأتيهم ملائكة من المحشر بنجائب من ياقوت، أزمتها الدر الأبيض، برحال الذهب، أعناقها السندس والإستبرق، ونمارقها ألين من الحرير، مدُّ خطاها مد أبصار الرجال، يسير ونفي الجنة على خيول، يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا ننظر كيف يقضي الله بين خلقه، فيضحك الله إليهم،وإذا ضحك الله إلى عبد في موطن فلا حساب عليه. ويقول: يكفي الشهيد فخرا وشرفا أمران، ما أعد الله له من الأجر والكرامة يوم القيامة، وفخرُ وطنهم بهم وإظهار عظم ما قدّموه من أرواحهم ودمائهم، دفاعًا عن وطنهم ودينهم وعقيدتهم، فهنيئاً لشهدائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة بهذا الخير العميم والفضل الكثير، وإن فيما أعَدّ الله لهم من الأجر والثواب والكرامة، وفيما قدّموه من تضحية وفاءً لوطنهم لعزاءً. المنزلة الجليلة بدورها تقول الواعظة مريم ناصر الزيدي، لطالما حثت شريعتنا الغراء على محاسن الأعمال وأخيرها، ومن أشرف الأعمال وأحسنهاالذود عن ارواح المستضعفين والمظلومين، هذا ما نراه اليوم في اليمن، أرض الأصالة والعروبة، والتي سارعت الإمارات حكومة وشعباً للذود عما يحصل فيها من ظلم وتعد الغير، فنالت بذلك شرف ووسام الشجاعة والبسالة ونصرة المظلومين. وتضيف لا شك أن هذا السعي، لم يأت عن عبث، بل كان بفضل الله ومنته ان سخر لهذا الوطن قيادة حكيمة، كانت وما زالت تسعى قبل الجميع كي تبذل ما في يديها من أجل مساعدة الأخرين، فكان الشعب بذلك متصفين ومقتدين، فسطروا اليوم لنا أورع النماذج في البسالة والشجاعة التي يفخر بها كل عربي ومسلم غيور على اخيه المسلم، ودعماً من القيادة الرشيدة، لما بذله شعب الإمارات وجنوده البواسل من تضحيات، فقررت جعل 30 نوفمبر/ تشرين الاول يوماً لإحياء ذكرى شدهاء الوطن، تشريفاً لهم وتقديراً لأهلم وذويهم. وتساءلت بالقولكيف لا وقد خصهم وشرفهم وكرمهم الله عز وجل بفضائل لم ينلها غيرهم، منها قوله تعالى:ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يحلقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، موضحة ان هذه الآية الجليلة، أعطت معنى وبعداً آخر للموت ما دام في سبيل الله سبحانه وتعالى، فهو حياة في هذه الحالة، وهو فرح، وهو فضل ورزق يغبط فيه المسلم أخاه المسلم! واستشهدت بقول الطبري في خاصية الشهيد بدليل هذه الآية، أن الله قد أعلم بانهم مرزوقون من مآكل الجنة ومطاعمها في برزخهم قبل بعثهم، ومنعمون بالذي ينعم به داخلوها بعد العبث من سائر البشر، من لذيذ مطاعهما الذي لم يطعمها الله أحداً غيرهم في برزخه قبل بعثه. الشعر في رحاب الشهيد يقول الدكتور أحمد الموسى خبير البحوث والدراسات في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والاوقاف،ما أحسب أن أمة قدمت من الشهداء دفاعاً عن مقدساتها و أوطانها عدد ما قدمت الأمة العربية, و ما أعلم أحداً من صنوف الرجال عشق البطولة و الشهامة و الشهادة كما عشقها الفارس العربي الأبي, فهو كما وصف الشاعر اليمني يحيى وهاس: رضع البأس من ضروع الفيافي ابنُ ذات العماد قوّى عماده خطّ آيَ الكفاح في كل ريع بدم الصخر كان يسقي مداده يا فراديس أرض بلقيس عودي لقّني الشمس مفردات الشهاده ويضيفذلك لأن عقيدتنا هي ملهمة البطولة و الأبطال, و في مرابعها نشأت قيمنا في الفداء و تحمّل أعبائه, وإن حبّ الحياة لا يصرف أبصارنا ولا بصائرنا عن الحب الآخر... الأكثر قداسة و خلوداً و جزاءً. ويشيرالى أن شعر الشهادة و الشهداء طافح بهذه الدلالات و قيمها, و إن اختلفت مشارب الشعراء والتيارات والإيديولوجية التي ينتمون إليها، ومن ثم رؤاهم الفنية، فالخطوب تتوالى على الأمة العربية بل والعالم والمنعطفات حادة جداً، ووضعنا كما وصفه الشاعر السعودي محمد أبو شرارة في اعترافه بين يدي أبي تمام: هذا الفرات..وقد أنكرتُ نخلته والنيل يعطي ولكن ليس ما يجب والشام يا فتنة النسرين ما برحت بكف أبنائها تَعرى وتُغتَصب ولي مفاتيح قارون أنوء بها لكنها ويدي شلاء تُستَلب يا نوح هل ذاتُ ألواح فتحملَنا لا عاصمَ اليوم والطوفان يقترب وتابع سنختزل هذا التنوع الشعري فيتناول وجيز إلى مساقين اثنين, ذلك لنطلق للشعر وللنقد قنوات تثري ساحة الشهيد، كفاءَ ما أبلى وضحّى، ولنعيد النظر في القراءات النقدية, لهذا النوع من الشعر غير الرثائي، أما المساقان اللذان نودّ السير فيهما للإمتاع و إلهاب المواهب, فهما مساق الشعر في صوره النمطية, و مساقه الحداثي في فضاءات النص و تجلياته الإبداعية. ويضيف فشيخ الشهداء و أسد الصحراء - كما لقبوه - عمر المختار ( 1862 - 1931 م ) ذلكم العالم الليبي المجاهد, قد أعدمه الإيطاليون وقد ناهز عمره الثالثة و السبعين، فاستشهد إعداماً بعد نحو ألف معركة خاضها ضد المستعمر الإيطالي, و لكنه ترك من الشعر و النثر ما لا ينساه أجيال النضال, فهو من قال لأعدائه: سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم, أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي. أفضل المرابط في سبيل الله تقول الواعظة مريم ناصر الزيدي: قال صلى الله عليم وسلم ذاكراً افضل المرابط في سبيل الله: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة، خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله والغدوة: خير من الدنيا ومافيها، مشيرة الواعظة مريم الزيدي أن هذا فضل يوم واحد فما بالك بشهور قضاها الجنود البواسل بعيدين عن أهلهم ورفاهية حياتهم! هنيئاً لك أيها الشهيد اختصاصك بهذه المنزلة الجليلة، وهنيئاً يا اهل الشهيد وذويه وسام تضحية شهيدكم وبسالته، ويكفيكم شرفاً فوق هذا التشريف أن روح شهيدكم في وداعة الله وأمانته، فمن أحسن من الله مأمناً ومستودعاً لكل روح غالية علينا!، وهنيئاً لنا كشعب إماراتي ما سطرتموه من نماذج سنفخر ونتغنى بها في حاضرنا ومستقبلنا إن شاء الله، لن ننساكم من الدعاء والذكر الطيب، فأنتم شهداء والواجب. تمنى الشهداء العودة إلى الدنيا قال الدكتور الشريف الفقيه الباحث الديني بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف إن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام كما في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره من حديث معاذ بن جبل لما قال: ألا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، وذروة سنام الشيء: أعلاه، وليس هناك ميت من المؤمنين المتقين يموت ويفارق الدنيا ويرى ما أعد الله جل وعلا له من الفضل والسعادة والخير، فيتمنى العودة إلى الدنيا إلا الشهيد، لما يرى من فضل ما أعد الله له، فإنه يتمنى أن يعود إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى!. وهكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل في سبيل الله. أشرف الموت موت الشهداء أكدت الواعظة سارة موسى الحوسني أن دماء كل شهيد ستبقى محركا لكل مواطن يزوده بين الحين والآخر من معاني الوفاء والإنتماء لبلدنا الغالي، فهم النور الذي سيضل نبراسا مضيئا في طريق الحق، وعونا لكل شعب سلبت منه قوى الأمن والأمان، قال ابن مسعود رضي الله عنه: أشرف الموت موت الشهداء. وتساءلت: من منا من لايحلم أن تشمخ به فخر الشهادة وتتنزل الملائكة لأجله من كل حدب وصوب لأصطحاب روحه الطيبة في معارجها من وهاد الأرض إلى أعالي الجنان،فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال:جيء بأبي إلى النبي أي شهيدًا يوم أحد قد مُثل به فوضع بين يديه فذهبتُ أكشف عن وجهه فنهاني قومي فسمع، أي النبي،فسمع النبي صوت صائحة فقال: لما تبكين؟ فلا تبكي مازالت الملائكة تظله بأجنحتها. يرى مقعده في الجنة أجمل فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن ول الشيخ محمد كبير المفتين بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف حديثه في تعداد الخصال التي يكرم الله تعالى بها الشهيد حسبما ورد في الأحاديث القدسية والنبوية اكتفاء بالعناوين: يغفر له في أول قطرة دم تنزل منه ذنوبه وخطاياه، يرى مقعده في الجنة، يجار من عذاب القبر، يوضع على رأسه تاج الوقار، يأمن من الفزع الأكبر، يزوج من الحور العين، ويراها عند الموت، يشفع في سبعين من أهله، يخلف الله في أهله ويحفظهم به، وغيرها. ويوضح إن هذه الخصال العظيمة لتستحق كل واحدة منها أن تبذل فيها النفوس والأموال فكيف بما مجتمعة، فطوبى لمن قتل في سبيل الله من المجاهدين دفاعا عن العقيدة والوطن وصدا لعدوان ورفعا للظلم، وطوبى كذلك للجرحى والمرابطين، كما وردت أحاديث كثيرة أن المجروح يختم له بطابع الشهداء.
مشاركة :