الإسلام يحصن «الأمن الاجتماعي» بالعدل ونصرة المظلوم

  • 12/4/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ صدع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بدعوة الإسلام قبل نحو خمسة عشر قرناً من الزمان لم تنقطع الشبهات والمزاعم المغرضة ضد الإسلام ورسوله‮.‬ خصوم الإسلام لم‮ ‬يتوقفوا‮ ‬يوماً عن إثارة الشبهات المغرضة والمزاعم الكاذبة ضد ديننا الحنيف للتشكيك فيه،‮ ‬وتشويه صورته،‮ ‬وصرف الناس عنه‮.‬ افتراءات هؤلاء الخصوم تكشف عن جهل شديد بتعاليم الإسلام السامية،‮ ‬وقيمه الفاضلة،‮ ‬وغاياته النبيلة‮. ‬كما تكشف عن حقد دفين‮ ‬يستهدف الإساءة للدين وأهله،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يستوجب مواجهة تلك الشبهات والمزاعم،‮ ‬وكشف زيفها‮. ‬ ومن تلك الشبهات والمزاعم الإدعاء بأن تعاليم الإسلام لا تتضمن ما‮ ‬يكفي‮ ‬لحماية‮ ‬الأمن الاجتماعي‮‬‮ ‬في المجتمع بالصورة التي‮ ‬عرفتها البشرية من خلال المواثيق الدولية الحديثة‮.‬ فما حقائق الإسلام التي تدحض تلك الشبهة،‮ ‬وتسقط ذلك الزعم،‮ ‬وتكشف مغالطات خصوم الإسلام وافتراءاتهم؟‮.‬ يقول الدكتور عصام البشير وزير الأوقاف السوداني‮ ‬السابق‮: ‬يحتاج الفرد في‮ ‬حياته إلى الأمن على نفسه ودينه وعرضه وماله،‮ ‬وقد جعلت الشريعة الإسلامية الحفاظ على هذه الضروريات من أهم مقاصدها‮. ‬ومن واجب ولي‮ ‬الأمر أن‮ ‬ينهض بحماية المسلمين ومصالحهم ومجتمعهم من كل صور التهديد والعدوان،‮ ‬حتى‮ ‬يتحقق للمجتمع المسلم أمنه في‮ ‬جميع مجالات حياته‮. ‬ مواثيق دولية قاصرة ويلفت إلى أنه إذا كانت المواثيق الدولية تكفل لكل دولة الحقَّ‮ ‬في‮ ‬العيش آمنة داخل حدودها،‮ ‬والحقَّ‮ ‬في‮ ‬رد العدوان عنها إذا وقع من دولة أخرى أو جماعة مسلحة فإن المواثيق الدولية لا تكفي‮ ‬وحدها من وجهة النظر الإسلامية،‮ ‬فلا بد أن‮ ‬يهيئ ولي‮ ‬الأمر أسباب القوة التي‮ ‬تحمي‮ ‬الدولة الإسلامية وأفرادها،‮ ‬وتمنع انتهاك حدودها أو الإضرار بمصالحها‮.‬ ويضيف: إن هذه الأهمية البالغة للأمن في‮ ‬المجتمع المسلم،‮ ‬وكون توافره العامل المهم في‮ ‬سعي‮ ‬المجتمع إلى النمو والارتقاء في‮ ‬جميع المجالات،‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬جعلت الإخلال بالأمن محاربة لله ورسوله،‮ ‬وكانت عقوبته من أشد الحدود صرامة وحسماً‮ ‬ونكالاً‮ ‬في‮ ‬الإسلام،‮ ‬إذ إن عقوبة هذا الإخلال الخطير،‮ ‬تتراوح بين القتل والصلب،‮ ‬وبين قطع الأطراف والنفي،‮ ‬وكلها عقوبات جسيمة جعلها الشارع للزجر عن ارتكاب الجريمة،‮ ‬وللردع عند ارتكابها،‮ ‬فهي‮ ‬لشدتها تؤدي‮ ‬إلى الوقاية قبل ارتكابها،‮ ‬وإلى العقاب العادل عند وقوعها‮. ‬ ويتوقف الدكتور البشير أمام قضية مهمة بقوله‮: ‬يحتاج المجتمع المسلم إلى‮ ‬الأمن الاجتماعي‮‬،‮ ‬وهو وإن كان تعبيراً حديثاً،‮ ‬لكنه‮ ‬يعبر عن معنى إسلامي‮ ‬أصيل،‮ ‬وهو أن‮ ‬يكون المجتمع المسلم كالبنيان المرصوص،‮ ‬يشد بعضه بعضاً‮. ‬ ونجد هذا المعنى واضحاً‮ ‬أشد الوضوح في‮ ‬قول الرسول صلى الله عليه وسلم‮:‬‮ ‬مثل المسلمين في‮ ‬توادِّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى‮‬‮.. (‬متفق عليه‮). ‬ وفي‮ ‬تحقق سلامة الأمن الاجتماعي‮ ‬واستقامته على السواء صون‮ ‬للأسرة من مخاطر التفكك،‮ ‬ووقاية‮ ‬للشباب من‮ ‬غوائل الانحراف،‮ ‬وعافية‮ ‬للأمة كي تبقى فَتِية فاعلة متجددة‮. ‬ ويؤكد الدكتور البشير حرص الإسلام على تربية أبنائه على أسس تربوية صحيحة تحقق لهم عيش حياة هادئة مطمئنة تحضهم على الإسهام في‮ ‬صنع حضارة ذات طابع أخلاقي‮ ‬وعلمي‮ ‬في‮ ‬آنٍ‮ ‬معاً‮ .‬ ويقول‮: ‬من أبرز الأسس التي‮ ‬تحقق الأمن والسكينة في‮ ‬التربية الإسلامية العقيدة الدينية التي‮ ‬توجه الفرد والمجتمع إلى الخير وتمنع الشر‮.‬ قواعد الاستقرار وقد أقام الإسلام قواعد الاستقرار على العدل والإحسان،‮ ‬وصلة الأرحام،‮ ‬والأمر بالمعروف،‮ ‬والنهي‮ ‬عن الفحشاء والمنكر والظلم والبغي‮ ‬بغير الحق،‮ ‬وإقامة الحدود التي‮ ‬تصون كيان المجتمع وتحميه من التفكك والتشرد والضياع‮.. ‬فقال سبحانه‮:‬‮ ‬إن الله‮ ‬يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي‮ ‬القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي‮ ‬يعظكم لعلكم تذكرون‮‬‮.. (‬النحل:‮٠٩).‬ وحقق الإسلام الاستقرار عندما دعا إلى الحوار ونشر الحريات والأخذ بالشورى،‮ ‬فقال تعالى‮:‬‮ ‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي‮ ‬هي‮ ‬أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضلَّ‮ ‬عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين‮‬‮.. (‬النحل:‮٥٢١).‬ ومما‮ ‬يسهم في‮ ‬تحقيق الاستقرار للفرد والمجتمع إقامة عدالة اجتماعية تذيب الطبقية وتقضي‮ ‬على عبودية الإنسان لأخيه الإنسان،‮ ‬وتعمل على توزيع الثروات،‮ ‬ومكافحة الجوع والفقر،‮ ‬ونصرة المظلوم والتعاون ونبذ الفرقة،‮ ‬ومراعاة حقوق الأقليات،‮ ‬والتحرر من الخوف،‮ ‬واتباع القدوة الحسنة‮ .. ‬قال سبحانه‮ :‬‮ ‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‮ ‬آمَنُوا لَا‮ ‬يَسْخَرْ‮ ‬قَومٌ‮ ‬مِّن قَوْمٍ‮ ‬عَسَى أَن‮ ‬يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ‮ ‬وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن‮ ‬يَكُنَّ‮ ‬خَيْرًا مِّنْهُنَّ‮ ‬وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ‮ ‬وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ‮ ‬بِئْسَ‮ ‬الاِسْمُ‮ ‬الْفُسُوقُ‮ ‬بَعْدَ‮ ‬الْإِيمَانِ‮ ‬وَمَن لَّمْ‮ ‬يَتُبْ‮ ‬فَأُوْلَئِكَ‮ ‬هُمُ‮ ‬الظَّالِمُونَ‮‬‮.. (‬سورة الحجرات‮: ١١).‬ ويضيف الدكتور البشير إن السلام‮ ‬يحظى في‮ ‬الإسلام بنصيب وافر من الحض عليه،‮ ‬وقسط زاخر من الدعوة إليه،‮ ‬مع الإكرام لكل من جعله دعوته في‮ ‬الحياة ومنهجه في‮ ‬التعامل مع الناس‮.‬ ويقول‮: ‬إن مكانة السلام في‮ ‬الإسلام ظاهرة جلية في‮ ‬كثير من آيات القرآن المجيد،‮ ‬قال تعالى‮:‬‮ ‬والله‮ ‬يدعو إلى دار السلام ويهدي‮ ‬من‮ ‬يشاء إلى صراط مستقيم‮‬‮.. (‬يونس:‮٥٢).‬ وجعل الله سبحانه السلام تحية أهل الجنة‮.. ‬قال تعالى‮:‬‮ ‬دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين‮‬‮.. (‬يونس:‮٠١).‬ وقد سمَّى الله سبحانه وتعالى الآخرة‮ ‬دار السلام‮‬‮ ‬ليحض الإنسان على السعي‮ ‬نحو السلام والتنعم بظلاله ونعيمه‮.. ‬قال تعالى‮:‬‮ ‬لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا‮ ‬يعملون‮‬‮.. (‬الأنعام: ‮٧٢١).‬ د. عصام البشير

مشاركة :