حيوانات محنطة وسيوف عمرها مئات السنين وأدوات صيد وطهي وموسيقى يظهر عليها أثر التاريخ، تلك المشاهد هي التي تراها بمجرد دخولك متحف أفريقيا في الجمعية المصرية الجغرافية الواقعة بوسط القاهرة. يجمع متحف أفريقيا العديد من الآثار التي تجسد الحياة في أفريقيا من أدوات وآلات ومعدات وأسلحة تعود إلى القرون الماضية، جمعتها البعثات المصرية التي قادها أشهر المستكشفين الأوروبيين إلى القارة السمراء. بدأت قصة الجمعية الجغرافية حسب المسؤول عن المتاحف بالجمعية علي شرف إبراهيم، في عام 1875 بمرسوم من الخديوي إسماعيل لإنشاء الجمعية، التي تعد التاسعة على مستوى العالم وأول جمعية جغرافية خارج أوروبا والأميركيتين، موضحاً أن المميز في هذه الجمعية هو تطوير الاكتشافات الجغرافية للقارة الإفريقية أو بمعنى آخر اكتشاف أفريقيا جغرافيا. وأوضح، أن الجمعية أرسلت بعثات عديدة إلى أفريقيا من خلال أشهر مستكشفين للقارة وعلى رأسهم ديفيد لفينجستون الأسكتلندي أشهر مكتشف أوروبي لقارة أفريقيا والمكتشف البريطاني مونجو بارك وغيرهم من المستكشفين الذين قطعوا آلاف الكيلومترات عبر القارة. وصلت البعثات إلى اكتشاف منابع النيل وشلالات فكتوريا وبحيرة نجامي وأعالي النيل الأبيض والأزرق وشمال وغرب وشرق وجنوب أفريقيا ومجرى نهر النيجر وبحر الغزال والعديد من المناطق الأخرى وعادت بالعديد من المقتنيات التي تجسد حياة الأفارقة خلال القرن الـ 18. أنياب أفيال طولها يزيد على مترين ونصف المتر تقابلك بمجرد أن تخطو أول خطوة إلى قاعة أفريقيا يعود تاريخها قبل أكثر من قرنين، ثم على اليمين عشرات الدروع الإفريقية القديمة والخوز والنبال، ثم السيوف البدائية والأسلحة البيضاء الأخرى والحرب التي كانت تستخدم في الصيد والحروب أيضاً. يشرح علي شرف إبراهيم، أن السبب وراء تأسيس الجمعية الإفريقية لتوسيع فتوحاته إلى أبعد المناطق في أفريقيا عبر إرسال بعثات للاستكشاف، موضحاً أن هذه البعثات عادت بالعديد من المقتنيات إلى مصر. وانتقل مقر الجمعية الجغرافية إلى عدة أماكن، لكنه استقر في النهاية في مبنى أنشأه الخديوي إسماعيل في سنة 1865 ليكون مدرسة لتعليم بنات الخديوي وشغلته وكالة حكومة السودان في العقدين الأولين من القرن العشرين، ثم أصبح مقراً للجمعية الجغرافية في سنة 1922. بمجرد المشي لخطوات داخل المتحف يقابلك عصي قرع الطبول، وكذلك طبول أفريقيا قديمة وأواني فخارية ونفير لاستدعاء الناس وكذلك مركب مصنوع من البوص كان يتم استخدامه قديما، بالإضافة إلى سرير عتيق وأسلحة نارية بدائية كتلك التي تستخدم في الأفلام السينمائية التي تؤرخ فترات ما قبل النهضة الاقتصادية. جهاز من شجرة يضم المتحف أيضاً تحفة أثرية حسب ما وصف المسؤول عن المتحف، وهي عبارة عن جهاز إرسال واستقبال مصنوع من شجرة تم حفرها من الداخل يدوياً، موضحاً أن كل ضربة تعني نغمة وحرف لتوصيل الرسالة من مكان لآخر بين القبائل الإفريقية البدائية قديما. وفي مقابل مدخل المتحف يقابلك محنطات من الحيوانات الإفريقية، أهمها تمساحان نيليان في غرفة زجاجية ونمس أفريقي على أريكة خشبية معروض بشكل مميز، يجاورها أدوات وآلات نادرة كانت تستخدم في الزراعة قديما. وأكد المسؤول عن المتحف بالجمعية الجغرافية أن هذه المقتنيات نادرة ولا توجد في أي مكان بالعالم، موضحاً أن تجسد الحياة الإفريقية القديمة والتي لا زالت موجودة حتى الآن في بعض القبائل الإفريقية المحتفظة بعاداتها وتقاليدها المتوارثة على مر العصور. ولا تقتصر الجمعية الجغرافية المصرية على متحف أفريقيا ومحتوياته، لكنها تضم أيضاً 3 متاحف أخرى أحدها يجسد القاهرة وعاداتها وتقاليدها والثاني الحرف والصناعات والثالث قناة السويس، وتضم الجمعية صوراً لأشهر المستكشفين الأوروبيين لإفريقيا في ممراتها المختلفة، وقاعات للخرائط والأطالس القديمة والكتب المهداة وغيرها من المقتنيات القديمة.
مشاركة :