من الأحداث المحزنة في شهر رمضان استشهاد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وذلك بعدما تمكن المنافقون والخوارج من إشغاله بالفتن والصراعات، ويسرد تفاصيل الحادثة الدكتور خالد الغيث أستاذ التاريخ الإسلامي عبر الـ(المدينة) قائلاً: بعد فشل الحرب بالوكالة التي خاضها بعض المرتدين نيابة عن الفرس والروم، وبعد سلسلة الهزائم العسكرية التي أصابت أصحاب الجحيم في القادسية واليرموك ونهاوند، أيقنوا بفشل الخيار العسكري في مواجهة المسلمين فقاموا بتفعيل سلاح الاغتيالات وإشعال الفتن داخل المجتمع المسلم وبالذات بعد معركة نهاوند (21هـ) التي كانت بحق فتح الفتوح إذ انهارت بعدها إمبراطورية فارس التي عمرت أكثر من أربعة قرون، بيد أن زلزال انهيار فارس أعقبه هزات ارتدادية كان أولها اغتيال عمر رضي الله عنه سنة (23هـ) على يدي أبي لؤلؤة المجوسي، واستطاع أصحاب الجحيم إيقاف زخم الفتوحات عن طريق إشعال الفتنة داخل المجتمع المسلم بعدما بث المنافق ابن سبأ فكرة (الوصي) وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أوصى بعلي رضي الله عنه ليكون خليفة المسلمين بعد وفاته، وتمكن السبئيون من إثارة الدهماء في البصرة والكوفة والفسطاط ضد عثمان، وساعدهم في ذلك استخدام السبئية حيلة تزوير الرسائل على ألسنة الصحابة لتهييج الناس عليهم، كما ساعدهم أيضًا وجود شريحة من المسلمين الجدد المتحمسين المندفعين الذين لم ينالوا قسطًا كافيًا من التربية الإيمانية ولم يعرفوا فضل صحابة رسول الله، مما جعلهم مرتعًا خصبًا للسبئية ليبثوا بينهم فكر التكفير، وهم الذين سموا لاحقًا بالخوارج، وأدت تلك الفتنة إلى استشهاد عثمان رضي الله عنه في سنة 35هـ. وتولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة في ظروف شائكة و زمن فتنة، حيث تمكن المنافقون من إشغاله عن استكمال مشروع الفتوحات الإسلامية بالفتن الداخلية وخاصة معارك الجمل وصفين والنهروان، ثم أشغلوه بفتنتي الغلو والتكفير، حيث غلت في حبه فرقة من سبئية الكوفة واتخذته إلها يعبد من دون الله فقام بإحراقهم، أما فتنة التكفير فقد كفره الخوارج الذين تم اختراقهم من طرف السبئية فتمكنوا من قتله في شهر رمضان سنة 40هـ، وهذا مصداق الحديث الذي سمعه علي من رسول الله: (لَيُحِبُّنِي قَوْمٌ حَتَّى يُدْخِلَهُمْ حُبِّي النَّارَ، وَلَيُبْغِضُنِي أَقْوَامٌ حتى يدخلهم بغضي النار).
مشاركة :