غزل الصوف.. «رفيق» الجدات

  • 4/12/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مهن النساء كانت مربحة سابقاً، مثل «غزل الصوف» التي ما زال الكثير من حارسات التراث يحتفظن بطريقة صنعها وإحيائها في المناسبات التراثية والمهرجانات. وتأتي حياكة الصوف المأخوذ من الأغنام والإبل ضمن اهتمامات أهل البادية، وتظل حرفة أصيلة، استمدت فنونها من إمكانيات توفرها قديماً من المواد الأولية الطبيعية والأصباغ التي تُستخرج من أعشاب الصحراء. حرفية ومهارة شما القبيسي من الحرفيات الماهرات، عكفت على غزل الصوف منذ سنوات طويلة، تتفنن في غزله بمختلف الألوان. تعمل في هذه الحرفة بشغف وتُعلم الصغار وتجذب الكبار وزوار المهرجانات التراثية لمتابعتها في كيفية غزل الصوف بحرفية ومهارة. تحدثت عن رحلة المرأة في الماضي، وكيف كانت تغزل الصوف بصبر، قائلة: المرأة قديماً كانت تسجل حضوراً كبيراً بعملها في الحرف اليدوية، التي تسهم من خلالها في توفير لقمة العيش مع زوجها، حيث ظهر دورها في الكثير من الأعمال اليدوية، وفي مقدمتها حياكة الصوف. والبنات كن يجتمعن أثناء الحياكة ويردِّدن الأهازيج التي تحث هممهن ويقطعن بها الوقت المستغرَق في أعمال النسيج. مراحل الحياكة وذكرت شما أن من خصائص الخيوط المغزولة، تفاوتها بحسب المواد الخام المستخدمة، وطول الألياف وكميتها وتوازيها ودرجة الفتل، لافتة إلى أن الهدف من الغزل هو الحصول على الخيط من آلات الغزل، وإيصال شريط السحب إلى المنتج النهائي وهو الخيط الذي يرتبط بقوة الشد والانتظام وعدد البرمات. وأوضحت أن جوهر عملية الغزل يتلخّص في أن المبروم على آلة الغزل يُسحب ويُرفع حتى النمرة المطلوبة، وبعدها يُمنح برمات معينة ليكتسب المتانة اللازمة ويتحول إلى خيط يُلف على ماسورة، ثم يُنقل إلى مرحلة اللف النهائي. وهنا يصبح جاهزاً للنسج والحياكة والخياطة. «المغزل» وأشارت شما القبيسي إلى أن اعتماد غزل القطن والصوف على أداة بسيطة هي «المغزل» المصنوع من أشجار النبق أو السدر، هو دليل استثمار مفردات البيئة. ووظيفة «المغزل» الأساسية برم الصوف والقطن وشعر الماعز وعزله. شهر رمضان العمل في شهر رمضان الكريم له طابع مختلف لدى الحرفيات اللاتي يعملن منذ الصباح الباكر. وشرحت شما كيف كانت النسوة يتخذن من دخول شهر رمضان موسماً لبداية عملية الغزل استعداداً للاحتفال بعيد الفطر. ولفتت كيف كن يعمدن إلى ترقيع منازلهن بالمنسوجات الصوفية لتسوية جدران «بيت الشَعر»، وتزيين جوانبه بالرسومات والنقوش المحاكة بأيديهن. وقالت: من أهم المنتجات التي كانت تُصنع من الصوف، «بيت الشَعر»، مسكن أهل البادية في الصحراء، و«العدول»، أكياس كبيرة لحفظ الأرز، و«السفايف»، خيوط مُحاكة بطريقة جميلة وألوان زاهية لتزيين الجِمال والخيم. مفارش أضافت شما: من هذه المنتجات البُسط، أي المفارش التي تُستخدم في فرش الديوانية، وتُصنع من الخيوط المبرومة، أما «العقل»، عدة خيوط تُبرم باليد وتُستخدم في ربط الجِمال والخِراف والماعز، ثم «الشف»، قطعة من «السدو» مصنوعة من لون واحد وعلى أطرافها نقشة الضلعة بلون مختلف، تُفرش على الجِمال للزينة. وتُصنع منها مساند الديوانية، وتسمى الخياطة الموجودة على أطراف المسند «الخشام»، وتكون خيوط اللُحمة المستخدمة في الحياكة من القطن، الذي على الرغم من افتقاره لمرونة الصوف، إلا أنه متين وسهل الاستعمال للنسيج، ولا يتلف بسهولة. وقد اعتاد النساجون في الماضي على غزل القطن المستورَد، ولكنهم اليوم يشترون خيوطاً جاهزة من الأسواق المحلية. بيوت الشَعر ذكرت شما القبيسي أن «بيوت الشَعر» تُصنع من نسيج شَعر الماعز، وتتميز بلونها الأسود الداكن الذي يمتص الحرارة. وعندما يبتل النسيج تتفتح الخيوط ويزداد التحامها ببعضها، ونظراً لتميزها بخاصية الشَعر الزيتية، تُصبح طاردة فضلاً عن قوتها وشدة تحملها، ما يجعلها أكثر ملاءمة لبيئة حياة البدو وظروفها.

مشاركة :