بدت نهاية المقاومة في مدينة ماريوبول الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا وشيكة، أمس، إذ أعلنت القوات الأوكرانية أنها تستعدّ لسقوط هذا الميناء الاستراتيجي، فيما أكد الانفصاليون الموالون لروسيا السيطرة على منطقة المرفأ في المدينة. وأعلنت كييف أيضاً أنها تترقّب هجوماً كبيراً في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع أولكسندر موتوزيانيك، «بحسب معلوماتنا، بات الروس على وشك إتمام الاستعدادات لهجوم على الشرق، وسيقع الهجوم قريباً جداً». وفي واشنطن، أعلن مسؤول كبير في «البنتاجون»، أمس، أن القوات الروسية تعزز قوّتها حول دونباس، خصوصاً قرب مدينة إزيوم الاستراتيجية، لكنها لم تبدأ بعد هجومها لبسط سيطرتها الكاملة على هذه المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا. على الصعيد الدبلوماسي، التقى المستشار النمساوي كارل نيهامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليصبح بذلك أول زعيم دولة غربية يقدم على هذه الخطوة منذ بدء الهجوم الروسي لأوكرانيا. وهدفه هو التفاهم على إقامة ممرات إنسانية، في وقت يناقش الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ فرض حزمة سادسة من العقوبات. وفي بيان بعد الاجتماع، قال نيهامر إن المحادثات مع بوتين كانت «مباشرة للغاية ومنفتحة وصعبة». وأضاف إن أهم رسالة إلى بوتين هي أن الهجوم العسكري في أوكرانيا يجب أن ينتهي لأنه «لا يوجد سوى خاسرين من الجانبين». وكتب الفوج السادس والثلاثون في البحرية الوطنية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، في بيان على «فيسبوك» أمس: «اليوم ستكون على الأرجح المعركة الأخيرة» في ماريوبول المدمّرة، والتي يحاصرها الجيش الروسي منذ أكثر من 40 يوماً، «لأن ذخائرنا تنفد». وتابع الفوج متوجهاً إلى الأوكرانيين: «سيكون مصير بعضنا الموت، وبعضنا الآخر الأسر، ولا نعلم ما الذي سيحصل لكننا نطلب منكم حقاً أن تتذكرونا بكلمة طيبة». وجاء في البيان أيضاً: «طوال أكثر من شهر، حاربنا من دون إمدادات جديدة بالذخائر، من دون طعام ولا ماء، وبذلنا ما هو ممكن وغير ممكن»، ولفت البيان إلى أن نحو نصف عناصر هذا الفوج مصابون بجروح. ومنذ أسابيع، يحاصر الروس مدينة ماريوبول التي ستتيح السيطرة عليها تعزيز مكاسبهم الميدانية على طول ساحل بحر آزوف، عبر ربط مناطق دونباس بشبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو عام 2014. وأكد زعيم الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة دونيتسك دينيس بوشيلين، أمس، أن قواته سيطرت بشكل كامل على منطقة المرفأ في ماريوبول. وقال بوشيلين عبر قناة «بيرفي كانال» الروسية، «فيما يخصّ مرفأ ماريوبول، أصبح تحت سيطرتنا». ومساء أمس الأول، قال مستشار الرئيس الأوكراني أوليكسيي أريستوفيتش، في مقطع فيديو نُشر على منصة «يوتيوب»: «بات الآن مستحيلاً كسر حصار ماريوبول بالوسائل العسكرية». وأضاف: «كنت أول من تجرّأ على القول والآن أكرر، إنه لا يمكن تحرير ماريوبول بالوسائل العسكرية، فالقوات الأوكرانية لن تدخلها». وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية عبر الفيديو: «كانت مدينة تعد نصف مليون نسمة، لكن الروس دمروا ماريوبول بالكامل»، وقال إنه يخشى أن يكون قد قُتل فيها «عشرات آلاف الأشخاص». وواصلت القوات الأوكرانية، في نهاية الأسبوع الماضي، تعزيز مواقعها في الشرق، حول دونباس وفي هذه المنطقة، التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا منذ 2014. وبعدما عدلت خططها وسحبت قواتها من منطقة كييف وشمال أوكرانيا، جعلت روسيا أولويتها السيطرة الكاملة على منطقة دونباس. ويرى محللون أن الرئيس الروسي يريد أن يحقق انتصاراً في دونباس قبل العرض العسكري الضخم في الساحة الحمراء في 9 مايو بمناسبة ذكرى انتصار السوفييت على ألمانيا النازية. من جانبه، توقع حاكم منطقة لوهانسك في دونباس، سيرغيي غايداي، عبر «فيسبوك»، أن «تستمر المعركة للسيطرة على دونباس أياماً عدة، وخلال تلك الأيام قد تتعرض مدننا لدمار كامل»، داعياً المدنيين إلى إخلاء المدينة عبر الممرات الإنسانية الخمسة المحددة لذلك. وحذر من أن «يتكرر سيناريو ماريوبول في منطقة لوهانسك». من جهتها، اتهمت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأول، الأوكرانيين والغربيين بارتكاب استفزازات «مريعة ولا رحمة فيها» وعمليات قتل مدنيين في لوهانسك. دبلوماسياً، عقد الرئيس الروسي والمستشار النمسوي اجتماعاً مغلقاً في موسكو استمر أكثر من ساعة. وقال نيهامر، في بيان، إن الاجتماع لم يكن عبارة عن «زيارة صداقة»، مضيفاً أن المحادثات كانت «مباشرة وصريحة وصعبة». وأضاف: «أشرت إلى جرائم الحرب الخطيرة في بوتشا ومواقع أخرى، وأكدت ضرورة إحالة جميع المسؤولين عنها إلى العدالة».
مشاركة :