الديمقراطية الأمريكية تواجه أزمة وجودية

  • 4/12/2022
  • 09:22
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬آدريان‭ ‬جولمس‭ ‬   لم‭ ‬يحقق‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬ودخوله‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬2‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬الهدوء‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تتطلع‭ ‬إليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬بلاد‭ ‬العم‭ ‬سام‭ ‬بلادا‭ ‬أكثر‭ ‬انقسامًا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬يقولون‭ ‬إنها‭ ‬باتت‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭.‬ وفقًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬تشعر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬القلق‭. ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬تنصيب‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2021،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الأجواء‭ ‬ثقيلة‭ ‬وحالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬والانقسام‭ ‬على‭ ‬أشدها‭. ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬الموعود‭ ‬به‭ ‬عندما‭ ‬تولى‭ ‬منصبه،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ولايته‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬فترة‭ ‬راحة‭. ‬توقف‭ ‬بايدن‭ ‬عن‭ ‬التذرع‭ ‬بـ«روح‭ ‬أمريكا‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خفض‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‮»‬‭.‬ ألقى‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مؤخرا‭ ‬خطابًا‭ ‬مقلقا‭ ‬في‭ ‬أتلانتا‭ ‬دعا‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬عاجل‭ ‬للنظام‭ ‬الانتخابي،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬محذرا‭: ‬‮«‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬وفي‭ ‬حياة‭ ‬أمتنا،‭ ‬هناك‭ ‬لحظات‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تبعه‭.. ‬إنها‭ ‬لحظات‭ ‬تفصل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بين‭ ‬التافه‭ ‬والأساسي‭ ‬وتجبرنا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقائق‭ ‬الصعبة‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬ومؤسساتنا‭ ‬وديمقراطيتنا‮»‬‭.‬ ولكن‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬فقد‭ ‬وجه‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬الاتهام‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬المنتخبين‭ ‬الذين‭ ‬لن‭ ‬يمرروا‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬صاغها‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭: ‬‮«‬القوى‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬القوة‭ ‬على‭ ‬المبدأ،‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬الإرادة‭ ‬المعبر‭ ‬عنها‭ ‬قانونًا‭ ‬للشعب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إثارة‭ ‬الشكوك‭ ‬واختلاق‭ ‬اتهامات‭ ‬بالتزوير‭ ‬والسعي‭ ‬لسرقة‭ ‬انتخابات‭ ‬2020‭.. ‬هل‭ ‬نختار‭ ‬الديمقراطية‭ ‬على‭ ‬الأوتوقراطية،‭ ‬والضوء‭ ‬على‭ ‬الظل،‭ ‬والعدالة‭ ‬على‭ ‬الظلم؟‮»‬‭. ‬ ‭ ‬لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬الآن‭ ‬يثير‭ ‬الانقسامات‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬سببه‭ ‬سلفه‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬الأولى‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬مبنى‭ ‬الكابيتول‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬في‭ ‬جوّ‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬والانقسام‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬دولتين‭ ‬لم‭ ‬تعودا‭ ‬تفهمان‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭.‬ ندد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬بالتهديد‭ ‬الذي‭ ‬يقولون‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭. ‬تهرب‭ ‬الجمهوريون‭ ‬المنتخبون‭ ‬من‭ ‬الحفل‭ ‬الذي‭ ‬نظمه‭ ‬بايدن،‭ ‬وانتقدوا‭ ‬التوظيف‭ ‬السياسي‭ ‬لهذا‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬خصومهم‭ ‬الديمقراطيين‭.‬ بعد‭ ‬تلك‭ ‬النشوة‭ ‬الانتصارية‭ ‬التي‭ ‬غمرت‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬الماضي،‭ ‬يخشى‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الآن‭ ‬فوز‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬النصفية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬وبالتالي‭ ‬خسارة‭ ‬أغلبيتهم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭.. ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬احتمال‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬تاريخ‭ ‬إجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭.‬ أما‭ ‬في‭ ‬المعسكر‭ ‬الجمهوري‭ ‬فإن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬استطاعوا‭ ‬مهادنة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬يخفون‭ ‬ازدراءهم‭ ‬لهذا‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬خاضعًا‭ ‬للجناح‭ ‬الأكثر‭ ‬راديكالية‭ ‬في‭ ‬حزبه،‭ ‬وغير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭. ‬أما‭ ‬الأكثر‭ ‬تشدداً‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يهاجمون‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬ويطعنون‭ ‬في‭ ‬شرعيته‭ ‬ويهينونه‭ ‬علانية‭. ‬ أصبحت‭ ‬الشروخ‭ ‬والانقسامات‭ ‬تطول‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشأن‭ ‬كل‭ ‬موضوع‭ ‬تقريبًا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ (‬كوفيد‭-‬19‭) ‬وبقية‭ ‬متحوراته‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬مناخ‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭. ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬محلّ‭ ‬جدل‭ ‬حادّ،‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬جعل‭ ‬التطعيم‭ ‬إجباريًا‭ ‬إلى‭ ‬ارتداء‭ ‬الأقنعة‭.. ‬وقد‭ ‬تفاقم‭ ‬التضخم‭ ‬وارتفعت‭ ‬الأسعار،‭ ‬وخاصة‭ ‬أسعار‭ ‬الوقود،‭ ‬بسبب‭ ‬النقص‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬المخازن‭.‬ لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬مشحونا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭. ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬أقدم‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬تطرح‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬الآن‭ ‬أسئلة‭ ‬وجودية‭. ‬تتكاثر‭ ‬التوقعات‭ ‬المقلقة‭ ‬وتتفاقم‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬صلابة‭ ‬النظام‭ ‬الجمهوري‭.‬ حذر‭ ‬الصحفي‭ ‬بارتون‭ ‬جيلمان‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬ذي‭ ‬أتلانتيك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬6‭ ‬يناير‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬بروفة‭.. ‬لقد‭ ‬اقترب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬نعتقد‭ ‬من‭ ‬تخريب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحرة‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الآن‭. ‬إنه‭ ‬يستعد‭ ‬علانية‭ ‬للبدء‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وهو‭ ‬يوسع‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬قاعدته‭ ‬الشعبية‮»‬‭. ‬ ‭ ‬يثير‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬بعض‭ ‬المخاوف‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يمتلك‭ ‬مواطنوه‭ ‬أسلحة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬متقدمة‭ ‬أخرى‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬علماء‭ ‬السياسة‭ ‬يستبعدون‭ ‬احتمال‭ ‬رؤية‭ ‬هذه‭ ‬الانقسامات‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭. ‬حذر‭ ‬المؤرخ‭ ‬تيموثي‭ ‬سنايدر،‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ييل‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬الوخيمة‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬بالنسبة‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬أصول‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬كفئة‭ ‬من‭ ‬الأحداث،‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬بحالة‭ ‬جيدة‮»‬‭. ‬ يضيف‭ ‬هذا‭ ‬الأستاذ‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬إنسايدر‮»‬‭ ‬أن‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬بطريقة‭ ‬محايدة،‭ ‬يرون‭ ‬مؤشرات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الصراع‮»‬‭.‬ باربرا‭ ‬ف‭. ‬والتر‭ ‬عالمة‭ ‬السياسة‭ ‬بجامعة‭ ‬سان‭ ‬دييغو‭ -‬وهي‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬الداخلية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬وتطبق‭ ‬شبكتها‭ ‬الإحصائية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬المعاصرة‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭- ‬ألفت‭ ‬كتابا‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬تبدأ‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية؟‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الكتب‭ ‬الأكثر‭ ‬رواجا‭ ‬وقراءة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ تعتبر‭ ‬باربرا‭ ‬ف‭. ‬والتر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬عوامل‭ ‬تجعل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الوخيم‭ ‬ممكنا‭.. ‬تتمثل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬في‭ ‬تآكل‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬وانجراف‭ ‬الديمقراطية‭ ‬نحو‭ ‬دولة‭ ‬وسيطة،‭ ‬تسميها‭ ‬‮«‬الأنوقراطية‮»‬‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تطور‭ ‬آفة‭ ‬‮«‬الانتماءات‭ ‬الحزبية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تكرس‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬بدل‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬ما‭.‬ تتحدث‭ ‬باربرا‭ ‬ف‭. ‬والتر‭ ‬في‭ ‬كتابها‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬شعور‭ ‬مجموعة‭ ‬كانت‭ ‬مهيمنة‭ ‬بفقدان‭ ‬مكانتها‭. ‬وفقًا‭ ‬لها،‭ ‬تتطور‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬الثلاثة‭ ‬بطريقة‭ ‬مزعجة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تقول‭ ‬محذرة‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬أنوقراطية‭ ‬فئوية‭ ‬تقترب‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتفاضة‭ ‬المفتوحة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يودّ‭ ‬أي‭ ‬منا‭ ‬تصديقه‮»‬‭. ‬ أما‭ ‬الكتاب‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬يلقى‭ ‬رواجا‭ ‬كبيرا‭ ‬فهم‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬القادمة‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬ألفه‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الكندي‭ ‬ستيفن‭ ‬ماركي،‭ ‬وهو‭ ‬يمزج‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الخيال‭ ‬والتفكير‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.‬ يقول‭ ‬المؤلف‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سبب‭ ‬واحد‭ ‬لاشتعال‭ ‬شرارة‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬جر‭ ‬مجتمع‭ ‬مزدهر‭ ‬ومسالم‭ ‬نحو‭ ‬العنف‭. ‬يرى‭ ‬المتخصصون‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬الآن‭ ‬نماذجهم‭ ‬مستنسخة‭ ‬في‭ ‬أغنى‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬صاحبة‭ ‬أكبر‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬‭. ‬ هناك‭ ‬أيضا‭ ‬أزمة‭ ‬ثقة‭ ‬حادة‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬المعسكر‭ ‬الجمهوري،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬اقتناعا‭ ‬بأن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬خطر‭. ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنظور،‭ ‬يأتي‭ ‬التهديد‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬ديمقراطي‭ ‬تقوده‭ ‬جماعات‭ ‬أيديولوجية،‭ ‬ومدعوم‭ ‬من‭ ‬عمالقة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬الغربي،‭ ‬المهيمن‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ويسيطر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬سيكونون‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬لفرض‭ ‬حكومة‭ ‬تكنوقراطية‭ ‬وقوية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬للمواطنين‭ ‬رأي‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭.‬ يذكر‭ ‬الجمهوريون‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬حزبهم‭ ‬كان‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نتيجة‭ ‬انتخابات‭ ‬2020،‭ ‬مستشهدين‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬بنائب‭ ‬الرئيس‭ ‬مايك‭ ‬بنس‭ ‬والسيناتور‭ ‬ميتش‭ ‬ماكونيل‭ ‬في‭ ‬الكونجرس،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬المسؤولين‭ ‬المنتخبين‭ ‬والقضاة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬وقفت‭ ‬بحزم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭.‬ يرى‭ ‬هؤلاء‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬اللامركزي‭ ‬له‭ ‬مزايا‭ ‬عديدة،‭ ‬وأن‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تبنيها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬حوالي‭ ‬عشرين‭ ‬ولاية‭ ‬جمهورية‭ ‬لا‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين،‭ ‬بل‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬مصداقية‭ ‬الانتخابات،‭ ‬واستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬بالمستقبل‭.‬ ‭ ‬أجاب‭ ‬ميتش‭ ‬مكونيل‭ ‬على‭ ‬صرخة‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بشأن‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬يثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بالخطابات‭ ‬غير‭ ‬المنطقية‭ ‬بشأن‭ ‬أزمة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التصويت‮»‬‭. ‬‮«‬هذا‭ ‬الغضب‭ ‬الزائف‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬ذريعة‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬للقيام‭ ‬بما‭ ‬كانوا‭ ‬يسعون‭ ‬إليه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭... ‬استيلاء‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬على‭ ‬ديمقراطيتنا‮»‬‭.‬ قال‭ ‬برادلي‭ ‬سميث،‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الحقوق‭ ‬بجامعة‭ ‬كابيتال‭ ‬في‭ ‬كولومبوس‭ ‬بولاية‭ ‬أوهايو‭: ‬‮«‬لست‭ ‬متأكدًا‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬نمر‭ ‬بأزمة‭ ‬هيكلية‭... ‬الاتهامات‭ ‬بقمع‭ ‬الناخبين‭ ‬هستيرية‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭. ‬نظامنا‭ ‬الانتخابي‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭. ‬ما‭ ‬يفرقنا‭ ‬هو‭ ‬بالأحرى‭ ‬الاتهامات‭ ‬المتبادلة‭: ‬يدعي‭ ‬جانب‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تزوير‭ ‬واسع‭ ‬النطاق،‭ ‬فيما‭ ‬يدعي‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬ممنوعون‭ ‬من‭ ‬التصويت‮»‬‭.‬ يضيف‭ ‬برادلي‭ ‬سميث‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬الإصلاح‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وفائدة‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬العد‭ ‬الانتخابي‭ ‬لعام‭ ‬1877‭ (‬الذي‭ ‬استند‭ ‬إليه‭ ‬بعض‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬للطعن‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭. ‬سيمنع‭ ‬استخدام‭ ‬الكونجرس‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬تسجيل‭ ‬النتيجة،‭ ‬وسيزيل‭ ‬أحد‭ ‬المصادر‭ ‬الرئيسية‭ ‬للتوتر‭ ‬الانتخابي‮»‬‭.‬ لم‭ ‬يظهر‭ ‬هذا‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬مشروعي‭ ‬القانون‭ ‬اللذين‭ ‬قدمهما‭ ‬الديمقراطيون‭. ‬أعلن‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الجمهوريون‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬تأييدهم‭ ‬لمراجعة‭ ‬القانون‭. ‬قال‭ ‬ميتش‭ ‬مكونيل‭: ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عيوب،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يستحق‭ ‬المناقشة‮»‬‭. ‬الديمقراطيون‭ ‬لم‭ ‬يتخذوا‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬حيال‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬     لوفيجارو

مشاركة :