محادثات ليبية في القاهرة لحل أزمة القاعدة الدستورية للانتخابات

  • 4/12/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحتضن العاصمة المصرية القاهرة الثلاثاء محادثات مهمة لأعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، في إطار المساعي للوصول إلى قاعدة دستورية تجرى بمقتضاها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفق ما أعلن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي. وأوضح المريمي في تصريح لموقع "بوابة الوسط" أن الاجتماع سيخصص للنظر في المسائل الخلافية في بعض مواد مسودة الدستور، إذ إن اللجنة المكلفة من مجلس النواب ستتولى مراجعة النقاط محل الخلاف في مشروع الدستور الموجز من الهيئة التأسيسية. والخميس الماضي، أصدر مجلس النواب الليبي قرار تشكيل تلك اللجنة، والتي تضم 12 من أعضائه، هم رمضان شمبش وسليمان الفقيه وأسماء الخوجة وسالم قنان والمبروك كبير، ومصباح أوحيدة وصالح قلمة ونصرالدين مهني وعبدالله علي وسالم لوجلي والهادي الصغير وعبدالقادر سليمان. ووفق القرار، "تلتزم اللجنة بما ورد في تعديل الإعلان الدستوري الثاني عشر، والالتزام ببنوده والمواعيد المحددة للجنة لإنهاء عملها، وغير مخولة بترتيب أي التزام خارج مهمتها المحددة، وعليها عند الاختلاف من حيث الشكل أو الهدف الوارد في التعديل الدستوري، عرض أعمالها على مجلس النواب". وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين، استعرض رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، مع رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية بالبرلمان عبدالهادي الصغير، أعمال لجنة مراجعة المواد والنقاط محل الخلاف في مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، وفقا للتعديل الدستوري الثاني عشر الذي أقره مجلس النواب. وكان مجلس النواب اعتمد خارطة طريق سياسية ضمنها في الإعلان الدستوري وفق التعديل الثاني عشر، وسط مبادرة أممية تتضمن مسارا بديلا يقضي بالتوافق حول القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. وقالت عضو اللجنة أسماء الخوجة إن اللجنة، إضافة إلى نظيرتها التابعة لمجلس الدولة، ستناقش وتراجع النقاط الخلافية في مشروع الدستور والتعديل الدستوري الثاني عشر. وأضافت في تصريح صحافي أن الأعمال لن تبدأ بمسألة إنجاز قاعدة دستورية تخص الانتخابات، وإنما في حال الفشل في الوصول إلى توافق حول النقاط الخلافية، سيكون الحديث حول تلك القاعدة المنظمة للانتخابات. ويرى مراقبون أن المحادثات المرتقبة تكتسي أهمية بالغة لكونها فرصة مهمة لإخراج البلاد من حالة الانسداد السياسي، في ظل الصراع المستمر بين مجلسي النواب والأعلى للدولة على آليات الانتخابات، مشيرين إلى أن هذا الاجتماع من شأنه أن يدعو إلى التفاؤل في حال الاتفاق على خارطة الطريق والتعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري، خاصة بعد فشل مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز ومبادرتها في تونس لإدارة الأزمة. وكانت ويليامز قد تقدمت بمبادرة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تقضي بتشكيل لجنة مشتركة منهما تكلف بصياغة قاعدة دستورية للانتخابات، وقد تجاوب مجلس الدولة معها، إذ سمّى ممثليه في هذه اللجنة الذين عقدوا اجتماعات تشاورية مع ويليامز بشكل أحادي في العاصمة التونسية، فيما تحفّظ مجلس النواب. وقالت ويليامز الأربعاء الماضي إنها تلقت تفاعلا إيجابيا من رئيس البرلمان عقيلة صالح، بشأن مبادرتها الرامية إلى التوافق حول قاعدة دستورية تؤسس لإجراء انتخابات وتشكيل النظام العام للبلاد، لكن مجلس النواب لم يصدر أي بيان رسمي حول تصريحاتها، بينما أكد عضو مجلس النواب جلال الشويهدي أن "مجلس النواب لن ينصاع لمبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة". ويعتقد مراقبون أن اجتماع القاهرة من شأنه أن يشكل اختراقا نوعيا في إذابة الجليد بين المجلسين وإنجاز القاعدة الدستورية، إذ إن المشهد الليبي بحاجة إلى إنجاز يسهم في تبريد الأجواء ويثبت المبدأ الأساسي الذي تؤكد عليه القاهرة، وهو أن الحوار السياسي يظل الوسيلة الأفضل لكل الأطراف وفي صالح ليبيا. وقبيل ساعات من محادثات القاهرة، انتقدت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا الإجراءات الصادرة عن مجلس النواب، بشأن تعديل بعض مواد مشروع الدستور، ووصفتها بـ"غير الدستورية"، معللة ذلك بأنها "صدرت بالمخالفة للإعلان الدستوري المؤقت، الذي حدد ملامح المسار الدستوري، وأناط بالهيئة التأسيسية دون غيرها مهمة صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، وهو ما تم في يوليو 2017 وبأغلبية تتجاوز تلك المشترطة دستوريا". وأصدرت الهيئة صباح الثلاثاء بيانا اعتبرت فيه إجراءات النواب "مخالفة للاتفاق السياسي الليبي، الذي اشترط التوافق مع المجلس الأعلى للدولة عند إجراء أي تعديلات دستورية". وهو ما لم يتحقق، بعد رفض الأخير لمقترح التعديل الدستوري الثاني عشر. وبحسب الهيئة فإن الإجراءات "تخالف أيضا أحكام القضاء الليبي والمبادئ التي استقر عليها، من عدم جواز التعقيب على أعمال الهيئة التأسيسية إلا من قبل الشعب عبر استفتاء عام". وقالت الهيئة بهذا الشأن "لا يجوز لمجلس النواب أو غيره المساس بمشروع الدستور، لأنه يشكل تعديا على أعمال سلطة تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة، ولا تتبع لأي جهة، وأسبغ عليها المشرع الدستوري حماية دستورية مستمرة إلى ما بعد إنجاز مشروع الدستور". ووفقا لذلك، اعتبرت الهيئة إجراءات النواب "أحادية الجانب، ولا تمثل إلا مجموعة من النواب، وتفتقر لأي قيمة دستورية". وحذّرت الهيئة من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى "إجهاض للمسار الدستوري عبر إدخاله في دائرة المماحكات والتجاذبات السياسية"، متّهمة المجلس بمحاولة سلب الشعب الليبي حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور. وأشارت الهيئة إلى إحالتها مشروع الدستور إلى مجلس النواب منذ نحو خمس سنوات، وإصدار قانون استفتاء بشأنه من المجلس، دون تفعيله. وأكدت تمسكها باختصاصها دون غيرها بصياغة مشروع الدستور الدائم ، وعدم اعتدادها بأي إجراءات مخالفة تتضمن المساس بالمشروع، واعتبار هذه الإجراءات أعمالا مادية لا جدوى لها. ودعت الهيئة الجهات الوطنية المعنية بالعملية الدستورية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للدولة والمفوضية العليا للانتخابات، إلى عدم التعاطي مع هذه الإجراءات، واتخاذ ما يلزم لتمكين الليبيين من إجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور. وحذرت الهيئة من مغبة زيادة حالة الانقسام، وزعزعة الأمن والاستقرار. وطالبت البعثة الأممية ومستشارة الأمين العام بدعم العملية الدستورية، واتخاذ موقف صريح من أي إجراءات تهدف إلى حرمان الشعب الليبي من حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور. كما دعت الجمعية العمومية للمحكمة العليا إلى تفعيل عمل الدائرة الدستورية والنظر في كل الخروقات التي تمس المسار الدستوري بما يضمن صونه والمحافظة عليه.

مشاركة :