قالت رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض في تونس عبير موسي إن مواجهتها مع رئيس الجمهورية قيس سعيد فرضها الواقع بعد “تعمده المضي قدما بالبلاد نحو المجهول” وأنه لا يمكن “لأحد أن يزايد” عليها وحزبها في مواجهة الإخوان المسلمين في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية. وتابعت موسي في حوار مع “العرب” أن حزبها الذي خاض مواجهة في السابق مع الإسلاميين يرفض الدخول في أي مبادرات سياسية تتوارى خلفها حركة النهضة وذلك في وقت تسعى فيه الأخيرة للضغط على سعيد في الشارع. وتعيش تونس مسارا سياسيا انتقاليا بعد أن اتخذ سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي إجراءات استثنائية في إطار تفعيله للفصل 80 من الدستور حيث جمّد أعمال البرلمان قبل أن يحله في موفى مارس الماضي، وحل الحكومة برئاسة هشام المشيشي المدعومة من الإسلاميين في خطوات وصفها منتقدوه بأنها انقلاب وعلى رأسهم حركة النهضة، لكنه يقول إن ذلك تصحيح لمسار الثورة التي حدثت في 2011 ويعد التونسيين بإصلاحات دستورية وسياسية في الأفق. وموسي (47 عاماً) هي محامية ومن أبرز المناهضين للمنظومة التي أفرزتها انتفاضة 14 يناير 2011، ورأست كتلة حزبها في البرلمان المنحل (2019 – 2021). نحو المجهول ☚ بالنسبة إلى موسي فإن الرئيس قيس سعيد انحرف كثيرا عن صلاحياته وتجاوز كل الخطوط المخولة له دستوريا ☚ بالنسبة إلى موسي فإن الرئيس قيس سعيد انحرف كثيرا عن صلاحياته وتجاوز كل الخطوط المخولة له دستوريا بعد أن دعمت وحزبها في الخامس والعشرين من يوليو الإطاحة بالبرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون برزت عبير موسي مؤخرا كأحد أبرز معارضي الرئيس سعيد، ووصل الأمر حد اتهامه بالفساد في خطوات تترجم عمق الهوة بين الطرفين اللذين يحظيان بحسب استطلاعات الرأي بنسب ثقة كبيرة. تقول موسي إن “مواقف الحزب الدستوري واضحة، المسألة ليست شخصية بل تهمّ مستقبل تونس، نرى أن سعيد انحرف كثيرا عن صلاحياته وتجاوز كل الخطوط المخولة له والطريق التي يريد أن يأخذ إليها تونس هي المجهول، ليت كان تجميعه لكل الصلاحيات سيعني أنه سيقدم للبلد شيئا”. وأوضحت “يريد أخذ تونس نحو نفق مظلم، في الخامس والعشرين يوليو كان هناك تفعيل للفصل 80 وهو فصل واضح يعطي لرئيس الجمهورية الحق في اتخاذ تدابير استثنائية تهدف وجوباً إلى العودة إلى مسار الدولة العادي وفي آخر الفصل يقول ‘تزول التدابير بزوال أسبابها’، وبالتالي النص واضح، هو لمواجهة خطر داهم فقط، إلا أنه استحوذ على كل الصلاحيات، استحوذ على السلطة التشريعية، استحوذ حتى على السلطة القضائية بطريقة شبه مباشرة والسلطة التنفيذية باعتباره هو من يعين الحكومة والأخيرة ليس لها أي صلاحيات ورئيستها مجرد مديرة لديه وأعطى لنفسه الحق في القيام بإصلاحات سياسية سيقوم بها بمفرده وبالاستعانة بلجنة يعينها هو بنفسه، هذا انحراف خطير”. لكن سعيد يقول إنه سيطلق حوارا وطنيا يستثني “من باعوا ذممهم إلى الخارج والفاسدين” من أجل بلورة الإصلاحات السياسية والدستورية، لكن يبدو أنه قد حسم أمره في ما يخص هذه الإصلاحات أو بعضها حيث قال في وقت سابق من هذا الشهر إن الاقتراع في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في السابع عشر ديسمبر سيكون على الأفراد وليس على القائمات. وقالت موسي “هو لم يكتف بذلك، بل زاد أيضا بإصدار مراسيم ستفضي إلى تنفيذ مشروعه الشخصي السياسي، مثلا مرسوم الصلح الجزائي، وصرح بنفسه أنه كان حلمه وخطط له منذ 2012، نفس الشيء بالنسبة إلى الشركات الأهلية، مؤسسة فداء (لضحايا انتفاضة 2011، والإرهاب من الأمنيين والعسكريين) صرح هو بنفسه أنها كانت من برنامجه منذ 2013، ترك همّ البلد وما يتطلبه لإنهاء الوضع الاستثنائي والمرور إلى بر الأمان من خلال إجراء انتخابات وفتح آفاق جديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية (…) باختصار تونس أصبحت ملكية فردية لقيس سعيد”. ومن المنتظر أن تقوم موسي وحزبها بمسيرة هذا الأحد تحت شعار “الزحف نحو قرطاج” حيث مقر الرئاسة في تونس في مسعى جديد للضغط على سعيد. ويثير ذلك تساؤلات عما إذا كانت موسي وحزبها قد انخرطا في حملة المعارضة ضد سعيد وما إذا كان ذلك يمثل هدية لحركة النهضة التي تسعى للتعبئة في الشارع ضد الرئيس التونسي للإطاحة بإجراءاته واستعادة زمام المبادرة. موسي شددت على ضرورة حماية تونس لاقتصادها من خلال مراجعة الاتفاقية التجارية مع تركيا من أجل سدّ العجز المهول وتتقاطع مواقف الدستوري الحر مع مواقف النهضة وبقية أطياف المعارضة في نقاط مثل رفض الاقتراع على الأفراد الذي قال سعيد إن الانتخابات المقبلة ستجرى على أساسه في المرحلة المقبلة. وتقول موسي “لا أحد بإمكانه أن يزايد علينا في مواقفنا تجاه حركة الإخوان، النضال الذي قام به الدستوري الحر لم تقم به الأطراف التي تتصدر اليوم المنابر الإعلامية في محاولة لإيهام الناس بأنها قامت ببطولات”. وشددت على أن “نحن وحزبنا من أوصلنا الإخوان إلى الوضع الذي هم عليه اليوم وكشفنا حقيقتهم، وتصدينا لكل المشاريع والاتفاقيات التي تضر بالدولة التونسية، نحن لسنا موجودين من أجل هذه الحركة، وليست لدينا أي عُقد ولسنا في خدمتها”. وبالنسبة إلى موسي فإن حزبها “مستقل ومن واجبه الدفاع عن الوطن ونحن وريث الحركة التي حررت البلد، لا يمكن لأحد أن يحصر تحركاتنا في خدمة هذا أو ذاك، من ناحية ثانية أعضاء الحزب معتصمون منذ 119 يوما في العراء والحرارة والبرد للمطالبة بمحاسبة الإخوان وغلق أوكار تفريخ التطرف والإرهاب في تونس”. وذكرت “مؤخرا قدمنا شكوى في ما يخص اتهامات التمويل الأجنبي التي بينها تقرير محكمة المحاسبات وهذا يدل على أنه لا شيء تغير في موقفنا من الإخوان، لكن الناس الذين يريدون تبييض قيس سعيد وإخراس كل الأصوات يريدون إحراج كل طرف يسعى للكشف عن خطورة ما يقوم به سعيد باتهامه بتقديم خدمة مجانية للنهضة، لكن ماذا فعل هو أصلا لمحاسبة هؤلاء؟ هو يتستر لحماية الإخوان”. وأكدت موسي أن “توجه الحزب ضد الإخوان واضح ولا زلنا نواجههم، وقيس سعيد هو من يرفض غلق الأوكار التي نطالب بغلقها وأمر باستخدام العنف ضد مناضلي الحزب خلال اعتصامنا أمام فرع اتحاد علماء المسلمين، ما نطالب به نحن ليس ما يطالب به الإخوان، هم يطالبون بالعودة إلى الحكم لكن معركتنا مع سعيد تتلخص في كونه أولا لم يحاسب الإخوان، ثانيا لم يغلق الأوكار الخطيرة، ثالثا لم يقطع دابر التمويل الأجنبي، ورابعا جمع كل الصلاحيات للهروب بتونس إلى نظام يقوض أسس الجمهورية”. رفض المسار برمّته نحن لا يمكن أن نقبل بالمسار برمته يواصل الرئيس سعيد تجاهل انتقادات المعارضة بالمضي قدما في تنفيذ خارطة الطريق التي أعلن عنها في ديسمبر الماضي متعهداً بإطلاق حوار وطني حول الإصلاحات الدستورية والسياسية المرتقب عرضها على الاستفتاء الشعبي. وقالت موسي “نحن لا يمكن أن نقبل بالمسار برمته الذي يريد سعيد أن يأخذنا فيه، ليس دوره أن يقوم بتغييرات أو إصلاحات سياسية، أولاً هو يتكلم عن حوار ويضع مقاييس خاصة به وهي غير مفهومة أصلا، ثانياً هذا ما قلناه حتى قبل الخامس والعشرين يوليو وليس اليوم، أي حوار مع مدمري الوطن ومن أوصلوا البلاد إلى هذا الإفلاس الاقتصادي والمالي وهذا الوضع السياسي المتدهور غير مقبول ولن نرضى به، وحتى الحوارات مجرد ربح للوقت من أجل إعادة التموقع من جديد”. وأضافت “هو لا يعتزم التحاور مع أحد أصلا، اليوم تفصلنا 40 يوما لكي يقوم بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء (في الخامس والعشرين يوليو المقبل) الذي نحن لا نوافق عليه، وهو لم يقم بالحوار ولا بأي خطوة إلى الأمام مما يدل أن له نصوصا جاهزة ويتستر وراء بعض اللقاءات يسميها حوارا”. ورأت أنه إذا “كانت هناك نية حقيقية للإصلاح، يجب أن نقوم بإجراءات من شأنها تنقية المناخ الانتخابي لقطع الطريق أمام نتائج مشابهة لنتائج انتخابات 2019 بقطع دابر التمويل الأجنبي، مراقبة الجمعيات التي تتمتع بتمويل أجنبي ثم تدخل الانتخابات بقائمات مستقلة، غلق أوكار التطرف، وتطبيق القانون على الإرهابيين بتصنيفهم ومحاسبتهم، إصلاحات في الجهاز التنفيذي، ردع المال السياسي خاصة على مستوى استطلاعات الرأي التي تغالط المواطنين، حث هيئة الاتصال السمعي البصري على احترام الميثاق الصحافي الذي ينص على نزاهة وحيادية الإعلام.. وإذا قمنا بذلك نذهب إلى انتخابات تشريعية مبكرة ثم نفتح باب النقاش حول الإصلاحات التي ستكون وقتها في إطار دستوري لا أن يكون هذا التنافس المحموم حولها”. وكان الرئيس التونسي قد قال خلال لقائه مع وفد من البرلمان الأوروبي الاثنين إن الحوار الوطني قد انطلق بالفعل وأنه حريص على إنهاء الوضع الحالي الذي تعيشه تونس بتنفيذ الخطوات التي تم إعلانها. رئيسة الدستوري الحر تقول إن ما تطالب به ليس ما يطالب به الإخوان، هم يطالبون بالعودة إلى الحكم لكن معركتها مع سعيد حول عدم محاسبة الإخوان، وعدم غلق الأوكار الخطيرة وأعلن سعيد خارطة طريق في ديسمبر الماضي تنص على إجراء استفتاء شعبي على الإصلاحات الدستورية والسياسية لكن الغموض يلف تلك الإصلاحات وإذا ما كانت ستقتصر على تعديلات في الدستور الحالي أم أنها ستشمل صياغة مسودة دستور جديد. وقالت موسي “نحن لن ننخرط في هذا المسار، والإصلاحات الجوهرية لا تحدث في فترة استثنائية ولا بطريقة منفردة ومسقطة على التونسيين، وبالتالي هذه النظريات المنمقة التي يتحدثون عنها لتمرير تغييرات غير شرعية لا نقبل بها”. ومن المقرر أن يعلن الرئيس التونسي عن لجنة ستتولى صياغة هذه الإصلاحات قبل عرضها على استفتاء شعبي ستشرف على تنظيمه هيئة الانتخابات التي قال إنه سيتم تغيير تركيبتها. وقالت موسي إن “الهدف من مسيرة الخامس عشر أبريل هو أن نقول لسعيد إن الشعب على الأرض يقول لك لا لتغيير قواعد اللعبة من أجل إقصاء الحزب الدستوري الحر، هو يحاول إقصاءنا من الانتخابات المقبلة ونحن لا نتحدث من فراغ هنا، لأنه يخشى بلوغنا الحكم، هو يستهدفنا بشكل مباشر”. وأردفت “هو يريد أن يأخذنا أيضا في استفتاء لا يمكن أن نعرف عنه شيئا وهذا نعتبره انتهاكا لإرادة الشعب وتدليسا مسبق للانتخابات، أهدافنا ليست أهداف الإخوان ومنطلقاتنا ليست منطلقاتهم وحساباتنا ليست حساباتهم، بوصلتنا بوصلة الوطن ونحن لا نستقوي بالخارج ونقوم بأعمال تهدف إلى الوصول بالبلاد إلى نزاع حول الشرعيات، كل تحركاتنا ضد سعيد هي في إطار القانون وبشكل سلمي”. تركيا والغنوشي لن يتورع على إدخال تونس في متاهات لن يتورع على إدخال تونس في متاهات كان لافتا مؤخرا محاولة حركة النهضة وحلفائها بالبرلمان دفع تونس نحو نزاع حول الشرعيات بعقد جلسة برلمانية قاموا خلالها بالتصويت على مشروع قانون عجّل بحل البرلمان بعد 8 أشهر على تجميده. تقول موسي إن “الغنوشي قنبلة موقوتة قد تنفجر في كل لحظة، سبق وأن نبهنا منه قبل الخامس والعشرين يوليو وقلنا إن بقاءه على رأس البرلمان خطر على الأمن القومي التونسي، وتتذكرون محاولات تواصله خلسة مع أردوغان والإخوان في ليبيا ومحاولاته جعل تونس قاعدة للعمليات الأجنبية في ليبيا وتعكير الأمن القومي لتونس والمنطقة، وتصدينا له بكل الوسائل وأحبطنا مخططاته”. ولفتت إلى “أن هذا الشخص لن يتورع على إدخال تونس في متاهات وتدميرها، هو موجود ومكلف بهذه المهمة من قبل تنظيم ما يسمى الإخوان المسلمين، بعد الخامس والعشرين يوليو حذرنا سعيد ووضعنا أمامه توقيعات كتلة الدستوري الحر وطالبناه بالإسراع في حل البرلمان ليفقد الغنوشي صفة رئيس هذا المجلس لكنه لم يستمع وتعنت وتركه رئيسا للبرلمان، وحتى الجلسة العامة الأخيرة أعلمناه بها مسبقا وقلنا له إن هناك جلسة ومشروع لائحة وقانون ويهدفون إلى التنازع حول الشرعيات، لكن الدولة وسعيد لم يتحركا إلا بعد صدور القانون عدد 1 لسنة 2022”. وقالت إن “الدولة لم تتحرك إلا بعد المساس بمصالح سعيد عند إلغاء القرارات الاستثنائية، اليوم المعركة معركة كر وفر مجددا بين الغنوشي وسعيد، باعتبار أنه حل المجلس بعد إصدار ما يسمى القانون والغنوشي يتمسك بهذا القانون ويرفض حل البرلمان وأي إجراء يقوم به سعيد بناء على الفصل 80 ونلاحظ مرة ثانية عجزا من الدولة على التصدي للغنوشي، المطلوب واضح هو محاسبته لأنه يتخابر مع جهات أجنبية، وحتى عند الحديث عن محاكمته تحركت قوى أجنبية ما أدى إلى تعثر هذه المحاكمات، يجب محاسبة الغنوشي والإخوان ككل”. الدولة لم تتحرك إلا بعد المساس بمصالح سعيد عند إلغاء القرارات الاستثنائية، اليوم المعركة معركة كر وفر مجددا بين الغنوشي وسعيد وأشارت رئيسة الحزب الدستوري الحر إلى أنه “بذلك يكون سعيد لا يحمي الأمن القومي، وهو بصدد تعريض تونس للمخاطر ما دام قد حل البرلمان كان عليه إنهاء الفترة الاستثنائية بالخروج ببيان للشعب يعلن فيه الخروج عن الفصل 80 ويدعو إلى انتخابات تشريعية دون أية فلسفة أو مصادرة لإرادة الشعب التونسي”. وفيما لاقى قرار حل البرلمان التونسي من قبل الرئيس سعيد في موفّى مارس ترحيبا داخليا ورفضا من قبل النهضة، انتقدت مؤخرا تركيا على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان هذه الخطوة حيث اعتبر أنها “تشوه الديمقراطية وضربة لإرادة التونسيين”. وقالت موسي إن “موقف الحزب من السيطرة التركية اقتصاديا على تونس، والقرب من الإخوان الذين هم يدينون بالولاء إلى أردوغان عارضناه من قبل وليس اليوم، وحتى عندما جاء أردوغان في زيارة غامضة إلى تونس طالبنا بمساءلة وزيري الخارجية والدفاع وعندما زار الغنوشي أردوغان خلسة طالبنا بمحاسبته وإبعاده من البرلمان وقمنا بلائحة ليبيا لكي يصدر البرلمان موقفا يدين فيه التدخل التركي في ليبيا ويدين كذلك إرسال المرتزقة والقوات التركية”. وشددت على “ضرورة حماية تونس لاقتصادها من خلال مراجعة الاتفاقية التجارية مع تركيا من أجل سد العجز المهول. موقفنا ثابت ولم ننتظر إصدار أردوغان لتلك الكلمات حتى نحذر من التدخل التركي في شؤوننا ونقول إن هناك خطرا حقيقيا في هذا الصدد، طبعا المطلوب بالنسبة إلينا حماية المصلحة التونسية في إطار احترام الشرعية الدولية والعلاقات دون تهوّر”.
مشاركة :