سعت المملكة دائما الى البحث عن أنجع الوسائل وأفضلها لموازنة أسواق النفط العالمية في تداول هذه السلعة الاستراتيجية وعدم اغراقها بها وصولا الى نقطة استقرار الاقتصاد العالمي والحيلولة دون هبوط أسعار النفط، وفي العاصمة النمساوية حيث عقد أعضاء أوبك والمنتجون من خارج المنظمة أحد اجتماعاتهم يوم أمس جاء التنسيق واضحا في هذا المجال بين الدول المنتجة في المنظمة وخارجها للوصول الى تلك النقطة الحيوية. ويبدو أن تدارس أسعار النفط الحالية وكمية الانتاج والعمل على اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لمعالجة تدني الأسعار كانت هي المخيمة على أجواء الاجتماع، ورغم اصرار المملكة على الاحتفاظ بحصتها من الانتاج الا أنها ما زالت ترى أن انخفاض الاسعار يتزامن مع زيادة العرض في الأسواق الدولية، كما أن زيادة بعض الدول من خارج المنظمة لكمية انتاجها أدى الى الانخفاض الحالي. عندما يزيد الطلب على النفط ويزداد العرض تنخفض الأسعار، وقد كانت المملكة حريصة دائما للوصول الى نقطة التوازن المطلوبة حول مسألة عدم اغراق الأسواق العالمية بالنفط لأن ذلك من شأنه خفض أسعاره، وليس من سبيل للخروج من هذه الأزمة القائمة الا بمواصلة العمل على محاولة للحفاظ على أسعار عادلة وعقلانية لهذه المادة الاستراتيجية التي لا يزال الطلب العالمي عليها قائما. ودعم أسعار النفط لن يتأتى الا من خلال وضع مستويات معقولة للانتاج توفر الاستقرار من ناحية، وتوفر من ناحية أخرى التوازن المطلوب بين العرض والطلب، فاعادة التوازن للأسعار يكمن في تقنين الانتاج، ولا يكمن في الاغراق كما هو الحال عليه الآن في أسواق النفط العالمية، وهذا التقنين في حد ذاته سوف يحقق بالنتيجة الوصول الى العدالة المطلوبة بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط. لقد وصلت أسعار النفط الى مستويات متدنية وهو اهدار واضح لحقوق منظمة الأوبك، فبعض الدول من خارج المنظمة ما زالت تغرق الأسواق العالمية بكميات كبيرة جدا من النفط، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال الى تراجع أسعاره، وهو تراجع له تأثيراته السلبية على الأعضاء في الأوبك، فالمساهمة من الدول خارج المنظمة في زيادة اغراق الأسواق بالنفط أدى الى تدني الأسعار الى مستوياتها الحالية. ولاشك أن معالجة الأزمة تكمن في الاتفاق المنشود بين الدول الأعضاء في الأوبك والمنتجين من خارج المنظمة في محاولة جادة ومسؤولة لتصحيح أسعار النفط وانتشالها من وضعها الراهن، وما لم تتم هذه المعالجة من خلال هذا الاتفاق الضروري فان ذلك لن يؤدي الى حلحلة الأزمة بل قد يؤدي الى تعقيدها، فعدم الاتفاق قد لا يؤدي الى بقاء الأسعار على حالتها المنخفضة الحالية وانما قد يزيدها انخفاضا. وموقف المملكة الثابت تجاه هذه المسألة يتمحور في ايقاف زيادة الانتاج من الدول غير الاعضاء في المنظمة كسبيل مأمون يحول دون تدهور أسعار النفط ويحول دون التسبب في خسائر كبيرة ما زالت دول المنظمة تتحملها، فالانخفاضات ستبقى متوقعة ان لم تتوقف الدول المنتجة من خارج المنظمة عن اغراقها للأسواق العالمية بالنفط، فالتوازن مطلوب للوصول الى الغاية المنشودة في نهاية المطاف وهي المحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي ونموه.
مشاركة :