التواصل المؤسسي أو الحكومي لا شك أنه جزء مهم من الإعلام، لكن شكله القديم، الذي كان يعتمد فيه على محتوى ترويجي، في عملية أشبه بالتسويق المحض، اليوم، لم يعد ينظر إليه بتعاطف، أو يمنح تلك النظرة الإيجابية المألوفة، زد على ذلك أن كثيراً من الخبراء والمهتمين بالإعلام ومحتوياته وأوعيته المختلفة، طبيعةً وهدفاً، بدأوا يلاحظون أن ذلك الإعلام أوشك على لملمة أغراضه إيذاناً بالرحيل. وما السبب يا ترى؟ يسأل سائل.. لأنه أصبح تقليدياً، فاقداً تلك الحيوية التي اتسم بها لعقود، لقد تجاوزه الزمن على ما يبدو، ولم يعد ثمة من يعول عليه في الدول المتطورة، كدولة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، إدراكاً منها لمعادلة جداً بسيطة، تقول: إن الإنسان إذا ما أراد أن يكون عصرياً في زمن الحداثة، فأول ما ينبغي فعله التخلص من شروط الماضي، واستبدالها بشروط المستقبل المنشود. هكذا هو منطق كل دولة عند وصولها ذروة تحولاتها الكبرى نحو فضاءات جديدة، وآفاق واسعة لا تحدها حدود. هي حقيقة، وتردد البعض أمامها، لا يمكنه أن يغير فيها شيئاً. هل ثمة ما يعزز هذه الحقيقة؟ بكل تأكيد. دعونا نتأمل، نحن المراقبين، إحدى أهم التغريدات التي كتبها في وقت مبكر، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، جاء فيها: لدينا مجمعات إبداعية في التصميم والمحتوى والثقافة والفنون وغيرها.. وسنطلق غيرها.. ولدينا هدف برفع مساهمة هذا القطاع من 2.6 إلى 5% من ناتجنا المحلي الإجمالي.. الإمارات عاصمة اقتصادية عالمية.. والإبداع جزء من اقتصادنا.. وجزء من جودة حياتنا.. ومحرك رئيسي لمستقبل بلادنا. هل ثمة وضوح أكثر من هذه التغريدة؟ لا يعقد، فهي تؤكد أنه آن الأوان بالفعل لبروز إعلام مختلف عن ما سبقه في دوره المواكب وتأثيره الفاعل، ألا وهو الإعلام التنموي الإبداعي، الذي سوف يعتمد على محتوى جديد، يسهم بفاعلية في التنمية الشاملة، ويعزز الاتصال التشاركي عبر التنوير، والتثقيف، والتمكين، وتنمية المجتمع، وله وطيد العلاقة بالذكاء الاصطناعي، والمدينة الذكية، والاقتصاد الجديد - اقتصاد المعرفة، الذي بدأ الناس يتعرفون على ماهيته وأبعاده. يذكر أن من ضمن بنود استراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي، التي أقرت منذ أيام، ما يهدف إلى أن تكون مساهمة قطاع اقتصاد المعرفة 20% من مجمل الاقتصاد الوطني غير النفطي للدولة، خلال السنوات القليلة المقبلة. لكن هل المقصود بكلامنا هذا الإعلام الإبداعي؟ بالتأكيد لا. الذي يراد له أن يسود في المرحلة المقبلة أن يكون الإعلام الإبداعي جزءاً فاعلاً من خطط التنمية في شتى مجالات الحياة، وستكون هنالك خارطة طريق جاهزة، تبين آليات عمل هذا الشكل الجديد من الإعلام ذي المحتوى الإبداعي. مقطع القول: من ينشد المستقبل، ويريده أن يأتي مطابقاً لتصوراته، عليه أن يعد العدة ويحدث أدواته. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :