'لقاء' في بستان تشكيلي للفنان صالح بن عمر

  • 4/14/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

فسحة من تلوينات وخزفيات ومنسوجات ومنحوتات شتى، وغير ذلك، هو بستان تشكيلي ضاج بالحركة والكلام والأنفاس في باطنه، تلمع منه الحكايات فكانك تجاه رواية الذات التشكيلية وهي تحمل شجنها ووجدانها عاليا حيث النشيد بأصوات الشجن والذكرى، نعم هكذا كان الاحساس الآخر في فضاء رواق الفنون بالمعهد العالي للفنون والحرف بالمهدية بادارة الفنان الأستاذ والأكاديمي خالد عبيدة، سفر مع تجربة فنية في لقاء بالطلبة وأحباء الفن ورواد الرواق كشفا واكتشافا، أعمال تحكي حلم فنان وهواجسه واعتمالات دواخله من طفولات عابرة. هام بالمكان الساحر ونعني الجزيرة، قرقنة التي شهدت أصواته وألوانه الأولى، هو الفنان الطفل المقيم في فكرة أعماله وورشات حاله وأيامه وحكاياته التي لونت قرقنة الكثير منها، الفنان التشكيلي صالح بن عمر ابن البحر والمراكب والسفر المائي، أخذني بصوته الطافح بالطفولة وهو يتحدث عن لوحاته ومنسوجاته وخزفياته الفنية وغيرها متعددة الأشكال والأنماط والأساليب الفنية والجمالية. حدثني عن سعادته العارمة بـ"اللقاء" وهو عنوان المعرض الخاص به وبأعماله حيث التفاعل بين المتلقين وما قدمه في هذا الحيز من تجربته وخبراته الفنية، معرض بانورامي هو وجه اللعبة الفنية لصالح بن عمر وعين ابتكاراته وهو الباحث عن علاقات بينة وخفية بين الاشكال في العمل الفني ديدنه في كل ذلك القول بالفن ينهض على ما بدا من أحوال الانسان وقلقه وأسئلته وهو يحاور أيامه بحكاياتها وتفاصيلها ويحاولها. نحتا لما يراه قيمة ومسارا وفكرة فنية يعمل عليها من زمان .هكذا عرفته من سنوات، طفلا دائم البحث والسؤال نشدانا للعلامة والقيمة، والفن هنا، يكمن في البصمة، أي القيمة والعلامات الدالة، الفن عنده هو البساطة في معانيها الجميلة وهي العفوية، فالمادة مهما كان نوعها ولونها وشكلها، هي لديه ملاذ وأداة لبث القول بالجمال، التشكيل من نحت وتنصيب ونسيج ورسم و، .هو ديدنه، هذا التشكيل الذي أخذه الى الينابيع والى الآفاق لتبرز ضمنه البراعة والابتكار والابداع. هكذا هو الفنان، المثقل بشجن الجزيرة، قرقنة الباذخة، والشاهدة منذ طفولة على لحن الشهقات ومعدن الضحكات ولون الكلمات الأولى المسافرة في الوجدان، وجدان الفنان القانع بالصمت الموحش وبالذكرى. صالح بن عمر فنان تعددت جهات وزوايا موهبته التشكيلية ليطلع علينا في هذا المعرض وفق رؤية وتجربة فنيتين لأكثر من أربعة عقود بضرب من المغامرات الفنية المراوحة بين النحت والرسم والنسيج وغيرها ديدنه الذهاب عميقا في أرض الفن، تجربة عميقة وملفتة يغمرها كثيرا حلم الفنان يحدثك عن الفن وعن أعمال الآخرين، و تسأله عن صالح بن عمر فيتلعثم كصبي كبير ويبتسم. عن هذا المعرض يقول "المعرض انتظم لفترة أسبوع بصفاقس وأعجب المسؤولين بالمهدية ليتم عرضه بها لمدة اسبوع لتصبح 15 يوما ثم تم تمديده ليتزامن مع فعاليات المؤتمر الدولي حول' ديناميات الاستغراق في المنطقة المغاربية والبحر الأبيض المتوسط' المنتظم من قبل المعهد العالي للفنون والحرف بالمهدية بادارة الدكتور الفنان خالد عبيدة وتم اعلامي بتحوله اثر لك الى قابس بطلب من مدير معهد الفنون والحرف بالجهة، عنوان المعرض لقاء وهو عنوان دال وأعني من خلاله لقائي بالجمهور الذي أحب أعمالي فأحببته، وهناك في عدد من الأعمال المعروضة بمعرضي هذا بروز أصابع وآثارها في تنوع للخامات من جهة وفي المنحوتات هناك النحاس والسيراميك والاينوكس وألياف زجاجية وريزين وللأصابع دلالات كونها تحيل الى الأثر والتواصل والفعل والدقة في العمل الفني، اشتغلت على الحجم والتنوع بتفاعل فني وجمالي وهناك المنسوجات وهنا أشكر الراحل علي ناصف الطرابلسي وهذه لفتة اعتبارية تجاهه كفنان كبير فقد تأثرت به وأسعى للسير على دربه" ""بالنسبة للأعمال الخزفية المعروضة، أنا لست خزافا بالمعنى التام ولكنني أحاول الحضور مع الخزافين والاشتغال على الخزفيات بطريقتي الفنية وخصوصيتي في النظر للفن والأشياء بشكل مختلف، لي تجربة وحكاية فيها من الحياة والسحر والحلم والجمالية مع البحر، بحر قرقنة منذ أكثر من 50 سنة، هي سيرة حكاياتي كفنان وانسان فأنا من الأوائل الذين قاموا بتربية الأسماك بقرقنة، كنت دائما أقول انني بحار أكثر من كوني ذلك الفنان ولعل المطلعين على معرضي هذا يلمسون ويلاحظون حضور الأعماق البحرية في منسوجاتي وكذلك تنوح الأمواج وأحوالها وتلويناتها، كل منسوجة فيها قطعة من البحر وحكاياته المتداعية، قد تكون قطعة من سفينة أو خشب منها وقد نجد صدفة تعبر عن قاع البحر مثلا". وأضاف "أعتبر نفسي فنانا تشكيليا خارج التصنيف الفني الجمالي والأنماط المعهودة واشتغل بالمواد التي تروق لي كالخشب والصوف والنحاس، فكل مادة عندي لها خصوصيتها وأحوالها فمن دفء الصوف الى برودة الاينوكس .وهكذا هناك أيضا نعومة وصلابة بين المنسوجات والمنحوتات وهذه أشياء من شخصية وحياة وفلسفة صالح بن عمر الانسان الفنان، تظل قرقنة قطعة من قلبي وحياتي، أعود اليها دائما في مختلف تصوراتي وتفاصيل حياتي التشكيلية بصفة عامة، نعم الجزيرة كامنة في منحوتاتي وأعمالي الفنية لنرى الأمواج وأعماق البحر والقاع وسطحه وهناك أيضا في أعمالي الفنية جانب تعرضت فيه الى حكاية الحرقة  وبطريقتي في العمل الفني أبرزت من ساهم في الحرقة ومن انتفع بها بعد ذلك وهي مسألة مهمة وشاغلة للناس والعالم في قرقنة،  كنت دائما مسكونا بالهاجس الانساني في هذه العلاقة بين تعبيرية العمل الفني عن ذلك ومصائب الناس وهم يعانون منالهجرات السرية وتداعياتها، هنا دور آخر ومختلف في التعاطي للمسألة، هدا فني وطريقتي وكيف أفكر وأعبر وأشتغل، الصورة موجودة في خزفياتي التي تحس وتتفاعل ومنها السلحفاة وتوظيفي الجمالي لها في الفن ولي منحوتة خزف موجودة في الشابة في هذا السياق وفي الشابة يتذوقون الفن وحبون الأعمال الفنية التشكيلية، .المتلقي له حواسه وتفاعلاته الوجدانية والثقافية لتتم عملية التأويل من قبله لعملي الفني، و ربما أنا قصدت شيئا آخر في عملي الفني بعيدا عن تقبله وتأويله، و لكن يبقى المتلقي حرا في فهم الفن والعمل الفني وحالاته المختلفة". معرض متنوع التشكيل الجمالي وموعد آخر جديد ومتجدد في العلاقة بين بن عمر الفنان والمتقبل الفني من طلبة وغيرهم وفسحة للحوار والتحدث والنظر تجاه أعمال وتجربة الفنان.

مشاركة :