بحضور جمع من أهل الفن والابداع وأحباء الفن التشكيلي وطلبة الفنون الجميلة وفي فضاءات رواق "موزاييك" الأنيق لصاحبته لمياء الفريني تم عشية الخميس 10 من نوفمبر/كانون الاول الجاري (يتواصل الى غاية يوم 30 من الشهر) افتتاح المعرض الشخصي للفنان التشكيلي والخبير في الأعمال الفنية الأستاذ علي الزنايدي تحت عنوان "أهزوجة للحياة" حيث أشار في حفل الافتتاح الى تنوع أعماله المعروضة بين تلوينات مختلفة ومنها أعماله الجديدة المنجزة مؤخرا شاكرا الحضور ومرحبا بهم في فضاء الرواق الجميل. الأعمال الفنية المعروضة متنوعة في ثيماتها ومواضيعها بين المجتمع والمشاهد والمرأة والطبيعة الجامدة والأشكال الفنية الأخرى حيث عبرت اللوحات المعروضة عن الحيز الهام في خصوصية التجربة الفنية للزنايدي الذي يعد أحد أبرز الفنانين العرب المعاصرين لما عمل عليه في تجربته من جماليات ونزوع نحو الابتكار والتجدد. ومن جهتها رحبت الفنانة لمياء الفريني صاحبة رواق "موزاييك" بالضيوف مبرزة أهمية الأعمال المعروضة للفنان الزنايدي وأصالة تجربته وقد شهد الرواق عددا من المعارض لفنانين تشكيليين الى جانب اللقاءات والمجالس الثقافية والأدبية حرصا على التنوع والتقاء الفنون والابداعات بالرواق المميز "موزاييك". ويعد الفنان علي الزنايدي واحدا من أبرز التجارب الفنية التشكيلية المعاصرة في تونس والوطن العربي يشتغل على مشهدية تشكيلية وتنوع بين اليومي والتراثي في حالات من شاعرية التلوين والرسم. وبخصوض تجربته نقول "ماذا لو تجلت تلك الشذرات المنبثقة من المشهد اليومي والتي هي وحدها المشكلة لهذه التي نسميها الحياة.. ماذا يفعل الكائن عندئذ.. هل يوقد جمر الكلام وهل يلوذ بالصمت وهل يقطف برتقال اللغة.. وهل يمضي الى الصمت يحتفي بالألوان التي تقول ولا تقول.. تحاور وتحاول عوالم الأشياء.. هي عظمة الأسئلة التي لا تلوي على غير البوح تجاه الذاكرة والحنين وبما يعزز من قوة اللحظة في راهنها وشحنتها وتألقها وتوقها ومركزيتها وهامشيتها وجمالها الأخاذ وفعلها الثقافي.. بل الحضاري.. نعم ان الألوان تتكلم لتقول.. بل تصرخ نشدانا للعين لترى ما به يصير المشهد عنوانا باذخا من عناوين الابداع والامتاع في تجليات شتى يلونها السحر والشجن المبثوث بين التفاصيل والأجزاء.. ان الفنان يظل يسابق الرياح للقبض على المعاني وكنهها الانساني والوجداني وألوانها الملائمة في حيز انساني يتسم بالتعميم والتعويم ونثر الضباب لتقليص البون بين الحالة والآلة..نعم الفنان يمضي ديدنه الكشف ومساءلة العناصر والموجودات نحتا للقيمة وتثبيتا لما نسميه السمو.. انه السمو بما هو ساحر وجميل وفاتن وهام في حياتنا التي يقف على أرضها المبدعون.. الفنانون الذين لا يقنعون بغير النظر تجاه الشمس نشدانا للعلو وللقيمة.. أليست الشمس مهد الكلمات.. والكلمات لباسها الألوان والأصوات والحلم..أنت... أيتها الألوان الضاجة بالأصوات مثل ناي قديم..يرافقك الطفل وهو يطاردك مثل فراشات من ذهب الأزمنة..لوحات بالألوان وأخرى بالخطوط .. والكولاج بخبرة الفنان ليصبح وجها من وجوه اللوحة جماليا ..كل ذلك وفق ايقاع فني عرف به علي الزنايدي وراح ضمنه يطور أساليب العمل والبحث والابتكار..و الزمن في كل ذلك اطار متحرك ومفتوح..نعم..هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني..لتبرز القيمة والعلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة اطارا حرا وفسيحا لمحاورة الذات والآخرين والعالم...من حي باب الفلة وفي أجواء نهج السبخة بهدوئه وناسه الطيبين وأزقته الشاسعة بالمحبة.. والشجن كانت الخطى الأولى حيث الطفل المتوغل في مسارب اللون والعبارة المرسومة على الملامح وفي الوجوه .. من صحن الدار العربي ولمعان الجليز والأصوات المنبعثة من السوق حيث الأمتار القليلة الفاصلة عن المدينة العربي.. من كل هذا وغيره بزغت فكرة الذهاب الجمالي في التعاطي مع القماشة منذ السبعينات.. هي الرحلة المفتوحة الى الآن..على الفن بما هو المحبة وكذلك الشجن..تجربة بينت عمقها وأصالة عناوينها لتبرز قوية وهمة في تونس والوطن العربي عموما الى جانب تجارب أخرى...من هذا الباب الذي سميناه الحلم.. ألج عوالم أحد هؤلاء الفتية المأخوذين بالفن بما هو الحلم الذي تتعدد تيماته ..حيث البساطة التي تصول وتجول في الدروب..الشوارع والأحياء والمدن.. والبساطة هي أصعب أعمال الفنان..الفتى هو الفنان الكبير علي الزنايدي الذي اتخذ لفنه نهجا مخصوصا ضمن تجربة امتدت لأكثر من أربعة عقود تميزت بدأبها الجمالي وجديتها من حيث العمل على رصد الجميل في الحياة التونسية.. المدينة وعناصر حيويتها وحركتها المفتوحة على شتى العناوين والألوان..هناك حميمية فارقة تطبع أعمال الزنايدي منها الحكاية المبثوثة في العمل التشكيلي بما بجعله يتجاوز القماشة الى فضاءات أخرى منها الذات المتقبلة وما تزخر به من كيانات وأحاسيس الأمر الذي يحدث ذلك التفاعل الوجداني والجمالي ليصير ضربا من الثقافة البصرية المتشبثة بالأصيل والحديث لتجعل منهما جناحين للشخصية التونسية الآن وهنا..هذا الأمر يرافق أعمال الفنان التشكيلي علي الزنايدي في مختلف معارضه السابقة والحديثة سواء في تونس أو خارجها..و هذا ما نلمسه في لوحاته... مسحة من التجديد وعناوين شتى وتقنيات مختلفة كانت في اللوحات لتعبر عن هذا النسق الجمالي المتجدد عند الزنايدي وهو ينظر تجاه العناصر المختلفة يحاولها ويحاورها ضمن القول بالتعاطي الثقافي والفكري والوجداني معها.. الفنان علي يسعى لتقديم أعمال ضمن عنوان المشهدية في أشكالها المختلفة لنشاهد على اللوحات حالات من الحكايات فيها البانوراما وفيها المواضيع المحددة ولكنها تحتفي بذاتها بعيدا عن الاجترار حيث الألوان الدالة على الأعماق العربية الاسلامية والعلامات التونسية المستلهمة في الحياة الومية..حيات تنبض حركة.. وتدرج في الموضوع للوصول الى بانورامية الحالة ..هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني.. لتبرز القيمة والعلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة اطارا حرا وفسيحا لمحاورة الذات والآخرين والعالم وفق ايقاع تشكيلي هاجسه التجدد ومزيد التوغل في البيئة الثرية ..البيئة التونسية بحكاياتها وأشجانها وبمختلف رموزها وعلاماتها... ولا شيء سوى نشدان الامتاع والابداع..قولا بالعذوبة.. والسحر والجمال الوجداني والمكاني المبثوث في الحالة وهي في عنفوان بهائها ..النادر .هناك عشق مبثوث في تفاصيل الأعمال.. هو عشق البيئة الغنية والمتنوعة الغنية بثقافتها والمتنوعة في ممكنات التأويل.. ان الفنان علي الزنايدي يستبطن جيدا جغرافيا المدينة ودلالات ألوانها وعطورها من حكايات وذاكرة ومناسبات وعلامات وتقاليد... ان أسلوب الزنايدي اتخذ خطه الخاص به حيث المفردة التشكيلية لا تلوي على غير القول بالعمق المرادف للبساطة وفق عنوان عام هو حميمية الفهم لحظة النظر حيث تنعدم حالة الانبهار تجاه الفنان والانسان.. انها فقط لحظة ارضاء الذات التي يحتشد فيها ذاك التراكم الثقافي والوجداني والشعبي بمعناه العميق.. وهنا تشتغل قدرات الزنايدي..لتواصل سيرها نحو الآفاق الرحبة التي يمنحها الفن ..لوحات بالألوان وأخرى بالخطوط.. والكولاج بخبرة الفنان ليصبح وجها من وجوه اللوحة جماليا .. فضاءات رواق "الموزاييك" تزينت وتحلت بلوحات الفنان علي الزنايدي ليصير المكان بستانا فيه الثمار الفنية التشكيلية وغلال الجمال قولا بالحالة.. قتلا للآلة.. حتى يقوى الانساني والوجداني والجميمي في الذات التي تقول الحنين.. فيخضر الحلم ويينع النشيد.."أهزوجة للحياة" عنوان لافت بدلالاته الشتى.. المعرض يتواصل الى غاية يوم 30 نوفمبر/كانون الاول.
مشاركة :