يعد «جامع الحاكم بأمر الله» بالقاهرة، تحفة معمارية عتيقة، حيث يضم أجمل مآذن الفترة الفاطمية، وتميز عن سائر الآثار الإسلامية لأنه تأثر بكل الأحداث التاريخية منذ إنشائه وحتى العصر الحديث. بدأ بناء الجامع الموجود بشارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية، في عهد العزيز بالله الفاطمى العام 989م، حيث شرع في بنائه لعدم استطاعة الجامع الأزهر استيعاب الكم الهائل من المصلين، لكنه توفي قبل أن يكتمل ابناء، فاستكمله ابنه الحاكم بأمر الله، وانتهى بناؤه في العام 1012م، وأقيمت أول صلاة فيه فيه 20 مارس 1013. ويقول الدكتور محمد الكحلاوي أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة لـ«الاتحاد»، تكمن أهمية وقيمة جامع الحاكم بأمر الله في أنه أول مسجد فاطمي تم بناؤه لخليفة كبير مثل العزيز بالله خارج حدود القاهرة التاريخية الفاطمية، وهي قاهرة جوهر الصقلي. وأشار أستاذ الآثار والعمارة إلى أن بدر الدين الجمالي وزير الخليفة المستنصر بالله، قام بعمل توسعات داخل القاهرة وأدخل المسجد في حدودها، ويتميز بتخطيط معماري فريد بكل المقاييس، ويضم الصحن وأربع مظلات وثلاث قباب مازالت قائمة حتى الآن، ويضم مئذنتين من أجمل مآذن القاهرة على الرغم من أعمال الإضافة التي حدثت للمسجد في عصر السلطان بيبرس نتيجة حدوث زلزال أثر على المئذنتين، وقد كانت إحداهما للمراقبة والتأمين والأخرى للأذان. وأضاف الدكتور الكحلاوي أن المسجد يضم مدخلاً تذكارياً رائعاً، وهذا من ضمن السمات المعمارية التي كانت موجودة في الجامع المهدية في تونس، وهو مبني بالحجر وتخطيطه من تخطيطات المساجد الحصينة القوية، وبالرغم من تعرضه للعديد من التعديات إلا أنه مازال محتفظاً بكامل جوهره وخاصة بعد ترميمه وتجديده على نمطه القديم. يبلغ طول الجامع الأثري نحو 120 متراً وعرضه 113 متراً، ويعتبر مدخله الأول البارز في جوامع القاهرة، تزينه عن اليمين واليسار نقوش بديعة، ويعلوه قبو أسطواني وفي نهايته باب عرضه 2.21 متر. شهد الجامع العديد من التغيرات التي أثرت على وضعه خلال عهد الدولة الفاطمية، بدايتها كانت مع تعليمات الحاكم بأمر الله بإقرار التدريس فيه، والسماح لعلماء الأزهر بالتدريس والالتحاق به، ليصبح الجامعة الرابعة في مصر بعد جامع عمرو بن العاص وجامع أحمد بن طولون والجامع الأزهر.
مشاركة :